بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیستم
ولعل الاشتباه في التفسير نشأ:
عما يتضمنه الايراد من كون مجموع الزمانين زمان الشك في حدوث كل من الحادثين الظاهر في كون المجموع زمان الشك ، فقول المحقق الخراساني : )نعم ( يظهر في تسليمه ، والغفلة عن انه زمان الشك في الحدوث ، وهو مسلم.
إلا أنه هو غير محل الكلام ، لأنَّ محله هو الشك في الحادثين لا في حدوثهما. فالايراد لا يخلو عن المغالطة . فالتفت.
والموجود في تقريرات المرحوم الكاظمي ( قدس سره ) تفسير آخر لعبارة الآخوند ( رحمه الله ) ، بيانه :
إنَّ موضوع الأثر إذا كان مركبا من جزئين ، فالتعبد بأحد الجزئين انما يكون في صورة احراز الجزء الآخر إمَّا بالوجدان أو بالأصل ، إذ مع عدم الجزء الآخر لا يترتب على ذلك الجزء ، فيكون التعبد به لغوا لعدم الأثر فيه .
وفيما نحن فيه الموضوع للأثر مركب من جزئين:
أحدهما : عدم الموت.
والاخر : زمان الاسلام.
فمع عدم احراز الاسلام لا معنى للتعبد بعدم الموت لعدم ترتب أثر عليه ، والإسلام محرز في الآن الثالث . فالتعبد بعدم الموت في زمان
الاسلام على تقديره انما يصح في الآن الثالث ، لأنه زمان الشك حيث أحرز فيه الجزء الآخر وهو الاسلام المضاف إليه عدم الموت ، فيكون فيه شك بعدم الموت في زمان الاسلام . ولا يصح التعبد في الآن الثاني لعدم احراز الاسلام فيه، فلا يكون زمان الشك بعدم الموت بهذه الإضافة والاستصحاب غير جار في الآن الثالث لعدم احراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، لاحتمال كون الحادث في الآن الثاني هو الموت.
وأورد عليه : بان موضوع الأثر إن كان عدم الموت وزمان الاستلام بنحو التقييد ، فالاستصحاب غير جار ، ولكنه لا لأجل عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، بل لأجل عدم اليقين السابق بالعدم المقيد بزمان الاسلام كي يستصحب .
وان اخذ في الموضوع الأثر بنحو التركيب بان كان زمان الاسلام ظرفاً لعدم الموت ، فزمان الشك متصل بزمان اليقين ، لأنَّ الآن الثاني يشك فيه بعدم الموت أيضاً.
فيكون كل من الأنين الثاني والثالث زمانا للشك. غاية الأمر أنَّ الآن الثالث يفترق عن الثاني بإضافة الاسلام إليه ، وهو ليس فرقا أساسيا يوجب الاختلاف من ناحية التعبد بعدم الموت [1].
والكلام المذكور لا يخلو عن نظر في تفسيره وايراده .
أمَّا تفسيره :
فلأنَّ لازمه احراز عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين الناشئ من جعل زمان الشك هو الآن الثالث . وعليه فلا تكون الشبهة مصداقية ، بل يكون المورد معلوم الخروج عن عموم دليل الاستصحاب.
مع أن صريح عبارة الكفاية كون المحذور عدم احراز الاتصال والانفصال وكون الشبهة مصداقية .
اما الايراد:
فلا اشكال في عدم إرادة الشق الأول لكونه خلاف المفروض ، لأن المفروض كون الأثر يترتب على العدم في ظرف الاسلام بنحو التركيب، فلا وجه لفرضه.
والشق الثاني راجع إلى ما ذكر في الكفاية من الايراد تحت عنوان : (لا يقال) من دعوى كون مجموع الزمانين زمانا للشك ، فلا معنى للايراد به ، لأنه أجاب عنه بما عرفت.
فإذا كان الايراد مسلما عنده فليكن الاشكال على الجواب لا ايراد نفس الايراد . وقد فسر المحقق الأصفهاني ( قدس سره ) عبارة الكفاية بعين ما ذكرناه من التفسير .
وأورد عليه :
بان اتصال المعتبر في إجراء الاستصحاب محرز ، وغير المحرز غیر معتبر.
بيان ذلك :
إن المعتبر انما هو اتصال زمان المشكوك بما هو مشكوك بزمان المتيقن بما هو متيقن ، وليس المعتبر اتصال زمان ذات المشكوك بزمان ذات المتيقن ، لأنَّ تحقق ركني الاستصحاب لا يتوقف على ثبوت المتيقن والمشكوك واقعا ، بل انما يتوقف على حصول اليقين والشك ، وكون المتيقن حاصلا في أفق اليقين والمشكوك حاصلا في أفق الشك ، ولو لم يكن لهما ثبوت واقعي أصلا . وإذا ثبت ان الأثر انما يترتب على المتيقن والمشكوك بما هو متيقن مشكوك ، كان المعتبر هو اتصال زمان المشكوك بما هو مشكوك بالمتيقن بما هو متيقن ، وهو محرز لان المشكوك هو عدم الموت في زمان الاسلام ، وهذا الشك حاصل في الآن الثاني ، إذ لو التفت الانسان في الآن الثاني إلى عدم الموت في زمان الاسلام ، فاما ان يحصل له اليقين به أو بخلافه أو يشك فيه . والفرضان الأولان منتفيان فيثبت الثالث وهو الشك.
فالآن الثاني زمان الشك أيضا ، فلا ينفصل زمان الشك عن زمان اليقين ، واليقين بزمان الحادث الاخر لم يؤخذ جزء لموضوع الأثر وإلا لكان الموضوع معلوم الارتفاع لا مشكوكه - كي تكون الشبهة مصداقية- ، لعدم اليقين بزمان الحادث الاخر ، ومعه لا يتحقق أحد جزئي الموضوع ، فيعلم ارتفاعه[2].
[1] . الكاظمي الشيخ محمد علي . فوائد الأصول 4 / 517 - 521 - طبعة مؤسسة النشر الاسلامي .
[2] . الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين . نهاية الدراية 3 / 109 - الطبعة الأولى .