إذا لم يكن للميّت تركة و كان عليه الحجّ لم يجب على الورثة شيء، و إن كان يستحبّ على وليّه، بل قد يقال بوجوبه للأمر به في بعض الأخبار/ جلسه بیست و یکم
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و یکم
و ربما يستدل للمشهور:
بأن اللام في قوله تعالى: ( وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ..» . لما كانت ظاهرة في الملك، كانت الآية دالة على كون الحج مملوكا للّٰه تعالى، و حينئذ لا يجوز التصرف فيه بنحو لا يكون مأذوناً فيه من قبل اللّٰه تعالى، فاذا حج عن غيره أو عن نفسه تطوعاً كان تصرفاً فيه بغير إذنه تعالى، فيكون باطلا.
فان قلت:
إذا كانت الآية الشريفة دالة على الملكية لم تدل على الوجوب، و حينئذ لا يكون واجباً، فلا وجه للإتيان به بقصد الوجوب. قلت:
يمكن استفادة وجوبه من دليل آخر غير الآية، مثل: ما دل على أنه إحدى دعائم الإسلام الخمس فيتعين الإتيان به بقصد الوجوب.
فان قلت:
يلزم حينئذ الإتيان بقصد أداء المملوك، كما في وفاء الدين.
قلت:
إنما يلزم الإتيان بقصد وفاء الدين - في صدق أداء الدين - من جهة أن أداء المملوك يمكن أن يكون على وجه آخر، و هذا المعنى لا يتأتى في الحج. لأن حج الإسلام لا يكون إلا مملوكاً، فقصد حج الإسلام كاف في كونه أداء للمملوك.
نعم:
يمكن الخدش في هذا الاستدلال:
بأنه إنما يترتب عليه حرمة التصرف بالإتيان به على غير الوجه الخاص لو كان الملك للمنفعة الخاصة كما في الأجير الخاص. أما لو كان المملوك ما في الذمة - كما لو استأجره على عمل في ذمته - لم يكن مانع من الفعل لغير المستأجر، لأن الفعل الخارجي لا ينطبق عليه ما في الذمة إلا بالقصد، فاذا لم يقصده لم ينطبق ما في الذمة عليه و لا يتحد معه كي يحرم التصرف فيه.
نظير: ما لو استأجره على صوم يوم بعينه عن زيد فصام ذلك اليوم عن عمرو، لم يكن مانع من صحة الصوم.
و كذا لو نذر أن يصوم يوماً معيناً، فان النذر و إن كان يستوجب كون المنذور مملوكاً للّٰه تعالى لكن لما كان المملوك في الذمة لا في الخارج لم يكن مانع من صحة صوم ذلك اليوم إذا جاء به على غير وجه النذر.
و أما ما ورد في صحيح الحلبي و غيره:
الواردين فيمن عجز عن الحج و هو مستطيع، المتضمنين الأمر باستنابة الصرورة الذي لا مال له، الدالين على عدم جواز استنابة الصرورة إذا كان له ماله - و هو محل الكلام فقد عرفت سابقاً عدم العمل بهما، و یتعین طرحمها او حملهما علی الاستحباب فراجع المسألة الثانیة و السبیعین».[1]
[1] . مستمسك العروة الوثقى، ج ۱۰ ص 283-286.