بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سی و سوم
ثمّ إن المصنف (قدس سره) بعد ما اختار صحّة الحجّ عن الغير و اختار فساد الإجارة الواقعة عليه أشكل على نفسه بأنه ما الفرق بين المقام و بين تخلف الشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحة هناك، غاية الأمر يثبت للمشروط له الخيار عند التخلّف كما إذا باعه عبداً و شرط عليه أن يعتقه فباعه.
و أجاب:
بأنّ البيع هناك مفوّت للشرط و رافع لموضوعه فلا يكون العتق واجباً بعد البيع لعدم كونه مملوكاً له بخلاف المقام، فإنه لو قلنا بصحّة الإجارة فلا يرتفع موضوع وجوب الحجّ عن نفسه لبقاء وجوب الحجّ عن نفسه حتى بعد الإجارة، فيلزم حينئذ اجتماع أمرين متنافيين فلا بدّ من رفع اليد عن صحّة الإجارة إذ لا يمكن الحكم بصحّتها.
و توضيح ما ذكره:
أن الشرط في ضمن العقد لو قلنا بأنه يوجب قصر سلطنة المشروط عليه كما عن شيخنا النائيني بمعنى:
أن المالك المشروط عليه له ملكية خاصة تقتصر على مورد العمل بالشرط و تقصر سلطنته عن سائر أنحاء التصرّفات فلا ريب في فساد التصرفات المنافية للشرط لعدم السلطنة عليها فيقع البيع الصادر منه باطلاً إذا اشترط عليه عتق العبد.
و هكذا الإجارة في المقام لعدم السلطنة على العمل المستأجر عليه، و أمّا إذا قلنا
بعدم قصر السلطنة المطلقة الثابتة للمشروط عليه غاية الأمر يجب عليه الوفاء بالشرط، لأنّ الشرط في ضمن العقد يرجع حقيقة إلى التعليق في الالتزام لا إلى أصل الإنشاء، فإن الإنشاء مطلق و الملكية المنشأة الثابتة للمشروط عليه ملكية مطلقة غير محدودة، و الشرط يوجب تعليقاً في الالتزام لا في أصل البيع فلا موجب للفساد.
و إن شئت قلت:
إن الشرط في ضمن العقد يوجب انحلال البيع مثلاً إلى أمرين:
أحدهما: تمليك المال له.
ثانيهما: التزامه بالبيع.
و الشرط يرجع إلى الثاني و يجعل التزامه معلقاً على شيء سواء كان فعلاً من الأفعال كالخياطة أو وصفاً ككتابة العبد، فالشرط لا يرجع إلى التعليق في الإنشاء و إنما يرجع إلى التعليق في الالتزام.
بمعنى أنه يلتزم بمضمون العقد على تقدير وجود الشرط و إلّا فلا التزام منه بالوفاء.
و مرجع ذلك:
إلى جعل الخيار لنفسه عند التخلّف. و لو خالف المشروط عليه كما إذا باع العبد و لم يعتقه صح البيع و إن ارتكب أمراً محرّماً لعدم الوفاء بالتزامه.
نعم:
لو كانت السلطنة مقصورة يفسد البیع لعدم السلطنة علیه.
فالفرق بين المقامين واضح
لثبوت السلطنة في المعاملة المشروطة، فإنّ الشرط كما عرفت لا ينفي السلطة، و التصرّف المنافي للشرط يقع صحيحاً و إن يثبت الخيار للمشروط له.
و هذا بخلاف المقام :
فإن السلطنة غير ثابتة لأنّ وجوب الأمر بالحج عن نفسه باق على حاله فلا يمكن الحكم بصحة الإجارة للحج الآخر، لاستلزامه الأمر بالضدين أو لعدم قدرته على العمل المستأجر عليه كما في المتن.
و لو آجر نفسه للحج ثمّ تمكن بعد الإجارة من الحجّ عن نفسه ذكر في المتن
أن الإجارة صحيحة و التمكن المتأخر لا يكشف عن بطلان الإجارة.
و فيه:
أن عدم التمكن إنما يوجب سقوط التكليف ما دام العجز باقياً لا إلى الأبد و لو عاد التمكن عاد التكليف، و تجدد القدرة يكشف عن البطلان من الأوّل، و العبرة في صحّة الإجارة بمشروعية العمل حال العمل و زمانه لا حال الإجارة.
فإن كان العمل حال الإيجار جائزاً و عند العمل غير جائز بطلت الإجارة من الأوّل.
نعم:
إذا حصل التمكّن بعد الفراغ من العمل بحيث لا يتمكّن من التدارك لا مانع من الحكم بصحّة الإجارة.»[1]
[1] . السيد الخوئي، مستند العروة، الحج، ج1 ، ص 248-252.