بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و چهارم
و اما بالنسبة الی المقام.
فان مقضی الادلة فضیلة الحج بل کونه من افضل الاعمال و العبادات و انه یجب علی المکلف مرة واحدة فی عمره اذا حصلت له الاستطاعة و یستحب علیه ما زاد علیه بلغ ما بلغ.
و بما ان حج الواجب و المندوب من افراد طبقة واحدة و یشترکان من جهة تعلق الامر به بنفس المکلف و کون الامر به بالعنوان الاولی لا بالعنوان العارض علیه کالنذر و العمد و امثاله، فانه یصدق علی الحج الذی اتی به المکلف اول مرة حجة الاسلام، لان الواجب علیه الاتیان بالطبیعة مرة واحدة فی عمره و هو یصدق علی اول الوجود من الطبیعة.
کما انه یکفی فی صحتها الاتیان بها بقصد القربة و تتحقق به عباديتها اما قصد الوجه من الوجوب و الاستحباب فغیر معتبرة فی صحتها و مشروعیتها. فاذا اتی بالحج بعد اتیانه الحج الاوّل، و لا يقصد فیه الاستحباب، بل کان غیر متوجه الی ان ما علیه اتیانه من الحج بعد الحج الاول هو المندوب دون الواجب فاتی به لا بقصد من الوجوب او الاستحباب، بل اتی به بقصد الوجوب ، فانه یصح و يحسب له استحباباً ، بل یحسب له ما وجب علیه من الحج ثانیاً بنذر مع عدم تقیده بسنة خاصة غیر منطبقة علی السنة التی اتی بالحج فیها.
و علیه فلو أتی اول الوجود من طبقة الحج و لو بقصد الاستحباب کفی عن حجة الاسلام.
بل قد مرّ من انه لو وصل الی مکة فی سفر لغیر الحج کالتجارة او غیرها من المشاغل و اتفق حضورها فیها فی ایام الحج فاتی بالحج، مع کونه غیر مستطیع بنظره الان الاستطاعة کانت عنده التمکن من السفر الی الحج بعنوانه من و من بلده و لیس له هذا التمکن، و کان وصوله الی مکة لاجل اقتضاء، شغله و ثبوته غیره، فاتی بالحج بقصد الاستحباب او لا بقصد من الاستحباب أو الوجوب بل اتی به بقصد القربة المطلقة بل تعيین الجهة فیه لجهله او علمه بعدم الوجوب. فانه یکفی عن حجة الاسلام.
و ذلك لما مرّ من ان الاستطاعة الموجبة لوجوب الحج علیه هو التمکن العرفی من الاتیان بالاعمال، و مقضی هذا التمکن الحضور فی المواقف و المشاعر بای وجه کان و لا دخل لکیفیة المقدمة ای طی المسیر فی ذلك. بل یجزی عنه ما اتی به من جهة الاسلام و لو کان بمقدمات محرمة کما مرّ تفصیله.
و علیه فان ما افاده الشیخ فی المبسوط تام موافق للقاعدة و الظاهر انه لیس لنا اجماع تعبدی علی خلافه ، و ان کان المشهور خصوصاً بین المتأخرین خلافه، ولکن لاضير فیه.
ثم انه لو وجب علیه الحج بالنذر او العهد، و اتفق حصول الاستطاعة له لحجة الاسلام.
فانه لاشبهة فی تقدم الاتیان بحجة الاسلام و الاتیان بالمندور فی السنة المتأخرة.
و ان کان متعلق نذره الاتیان بالحج فی سنة معینة و اتفق حصول الاستطاعة لحجة الاسلام فی نفس السنة، فانه یقع التزاحم بین الامرین و یقدم الامر بحجة الإسلام بمقتضی أهمیته کما مر فی تزاحمها بزیارة سیدنا الحسین صلوات الله علیه لو تعلق بها الامر بمقتضی النذر باتیانها فی ایام عرفة فی نفس السنة التی هی سنة استطاعته، علی بعض الاقوال.
نعم، لو کان وجب علیه الحج بمقتضی النذر، فی فرض اتیانه بحجة الاسلام و کان متعلق نذره الاتیان به فی سنة معینّة ، و اتی فی نفس السنة بحج الغیر نیابة ، فان البحث فیه علی ما مرَّ فی الاتیان بالحج النیابی فی عام استطاعته و انه تصح الحج عن الغیر و تجری عنه، بما مرّ من کفایة قصد الملاك بعد سقوط الأمر به بمقتضی التزاحم مع ما هو أهم و هو الامر بحجة الاسلام .
کما انه یمکن تصویر الصحة فیه علی نحو الترتب، و عدم الاشکال فی جریانه فی المقام لصدق العصیان علی ترك الواجب المختص بوقت خاص.
فصل: في الحجّ الواجب بالنذر والعهد واليمين
قال صاحب العروة:
ويشترط في انعقادها: البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا تنعقد من الصبيّ وإن بلغ عشراً وقلنا بصحّة عباداته وشرعيّتها؛ لرفع قلم الوجوب عنه.
وكذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهي والسكران والمُكرَه، و الأقوی صحتها من الکافر وفاقاً للمشهور فی الیمین خلافاً لبعض و خلافاً للمشهور فی النذر وفاقاً لبعض.
وذكروا في وجه الفرق:
عدم اعتبار قصد القربة في اليمين، واعتباره في النذر، ولا تتحقّق القربة في الكافر.
وفيه:
أوّلاً: أنّ القربة لا تُعتبر في النذر، بل هو مکروه و إنما تعتبر فی متعلقه حیث إن اللازم کونه راجحاً شرعاً.
و ثانیاً: أن متعلق الیمین أیضاً قد یکون من العبادات.
و ثالثاً: أنه یمکن قصد القربة من الکافر أیضاً.
و دعوی:
عدم إمکان إتیانه بالعبادات لاشتراطها بالإسلام مدفوعة : بإمکان إسلامه ثمّ إتیانه فهو مقدور لمقدوریة مقدّمته فیجب علیه حال کفره کسائر الواجبات، و یعاقب علی مخالفته و یترتب علیها وجوب الکفّارة فیعاقب علی ترکها أیضاً، و إن أسلم صح إن أتی به و یجب علیه الکفّارة لو خالف.
و لا تجری فیه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها عن المقام.
نعم:
لو خالف و هو کافر و تعلق به الکفّارة فأسلم لا یبعد دعوی سقوطها عنه کما قیل[1].
قال السید الحکیم:
« الكلام إما خبر ـ وهو ما يقصد به الحكاية عن واقع يطابقه فيكون صدقاً، أولا يطابقه فيكون كذباً ـ
وإما إنشاء : وهو مالا يقصد به الحكاية، والثاني إما إيقاع، أو عقد، أو غيرهما.
فان قصد به إنشاء أمر اعتباري ـ مثل الزوجية والبيعية ونحوهما ـ فهو عقد أو إيقاع، وإن لم يقصد به ذلك فهو غيرهما.
فالنذر لما كان المقصود به تمليك الله سبحانه ـ كما عرفت ذلك مراراً ـ ولا يحتاج إلى القبول فهو من الإيقاع. ومثله العهد، فإنه يقصد به إيجاد المعاهدة.
وأما اليمين فهو وعد وليس من الخبر في شيء، إذ لم يقصد به الحكاية، وإنما قصد به إيقاع مضمونه في المستقبل ادعاء، فاذا لم يقع كان خلفاً في الوعد، وهو قبيح، لا أنه كذب. وكذلك الوعيد فاذا لم يقع كان خلفاً، وهو حسن، لا أنه كذب.
ويظهر من ذلك أن اليمين ليس من سنخ النذر والعهد، فإنهما من الإيقاع وهو من الوعد.
هذا ولا إشكال في وجوب العمل بالجميع، وأن مخالفتها تستوجب الكفارة، كما هو موضح في أبوابها.»[2]
و أفاد فی ذیل قول الماتن:«... فلا تنعقد من الصبی و ان بلغ عشراً و قلنا بصحة عباداته و شرعیتها لرفع قلم الوجوب عنه...»
يشير بهذا إلى حديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ [3]».
وقد اشتهر الاستدلال به على نفي سببية الأسباب إذا كانت صادرة من الصبي ،عقداً، أو إيقاعاً ـ كالنذر والعهد ـ أو غيرهما ، كاليمين.
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقى، مع التعليقات، ج13، ص13.
[2] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص295.
[3] . الوسائل ج1، ص 45، الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات . الحدیث 11.