بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و پنجم
فصل: في الحجّ الواجب بالنذر والعهد واليمين
قال صاحب العروة:
ويشترط في انعقادها: البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا تنعقد من الصبيّ وإن بلغ عشراً وقلنا بصحّة عباداته وشرعيّتها؛ لرفع قلم الوجوب عنه.
وكذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهي والسكران والمُكرَه، و الأقوی صحتها من الکافر وفاقاً للمشهور فی الیمین خلافاً لبعض و خلافاً للمشهور فی النذر وفاقاً لبعض.
وذكروا في وجه الفرق:
عدم اعتبار قصد القربة في اليمين، واعتباره في النذر، ولا تتحقّق القربة في الكافر.
وفيه:
أوّلاً: أنّ القربة لا تُعتبر في النذر، بل هو مکروه و إنما تعتبر فی متعلقه حیث إن اللازم کونه راجحاً شرعاً.
و ثانیاً: أن متعلق الیمین أیضاً قد یکون من العبادات.
و ثالثاً: أنه یمکن قصد القربة من الکافر أیضاً.
و دعوی:
عدم إمکان إتیانه بالعبادات لاشتراطها بالإسلام مدفوعة : بإمکان إسلامه ثمّ إتیانه فهو مقدور لمقدوریة مقدّمته فیجب علیه حال کفره کسائر الواجبات، و یعاقب علی مخالفته و یترتب علیها وجوب الکفّارة فیعاقب علی ترکها أیضاً، و إن أسلم صح إن أتی به و یجب علیه الکفّارة لو خالف.
و لا تجری فیه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها عن المقام.
نعم:
لو خالف و هو کافر و تعلق به الکفّارة فأسلم لا یبعد دعوی سقوطها عنه کما قیل[1].
قال السید الحکیم:
« الكلام إما خبر ـ وهو ما يقصد به الحكاية عن واقع يطابقه فيكون صدقاً، أولا يطابقه فيكون كذباً ـ
وإما إنشاء : وهو مالا يقصد به الحكاية، والثاني إما إيقاع، أو عقد، أو غيرهما.
فان قصد به إنشاء أمر اعتباري ـ مثل الزوجية والبيعية ونحوهما ـ فهو عقد أو إيقاع، وإن لم يقصد به ذلك فهو غيرهما.
فالنذر لما كان المقصود به تمليك الله سبحانه ـ كما عرفت ذلك مراراً ـ ولا يحتاج إلى القبول فهو من الإيقاع. ومثله العهد، فإنه يقصد به إيجاد المعاهدة.
وأما اليمين فهو وعد وليس من الخبر في شيء، إذ لم يقصد به الحكاية، وإنما قصد به إيقاع مضمونه في المستقبل ادعاء، فاذا لم يقع كان خلفاً في الوعد، وهو قبيح، لا أنه كذب. وكذلك الوعيد فاذا لم يقع كان خلفاً، وهو حسن، لا أنه كذب.
ويظهر من ذلك أن اليمين ليس من سنخ النذر والعهد، فإنهما من الإيقاع وهو من الوعد.
هذا ولا إشكال في وجوب العمل بالجميع، وأن مخالفتها تستوجب الكفارة، كما هو موضح في أبوابها.»[2]
و أفاد فی ذیل قول الماتن:«... فلا تنعقد من الصبی و ان بلغ عشراً و قلنا بصحة عباداته و شرعیتها لرفع قلم الوجوب عنه...»
يشير بهذا إلى حديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ [3]».
وقد اشتهر الاستدلال به على نفي سببية الأسباب إذا كانت صادرة من الصبي ،عقداً، أو إيقاعاً ـ كالنذر والعهد ـ أو غيرهما ، كاليمين.
والاشكال فيه ظاهر :
فان نفي الوجوب في العقد والإيقاع أعم من ترتب المضمون، ولذا يصح من الولي ويترتب مضمونه وإن لم يجب على الصبي الوفاء به. كما أن نفي الوجوب في حال الصبا ـ في غير الإيقاع والعقد ـ لا يقتضي نفي الوجوب بعد البلوغ. فالعمدة في نفي السببية : هو الإجماع.
ومن ذلك يظهر لك الإشكال في الاستدلال به في المجنون، وبحديث :
رفع التسعة في الغافل والساهي.[4]
نعم انتفاء القصد فيها يقتضي عدم ترتب الأثر، لخروجها عن موضوع الأدلة. وأما الإكراه فيدل على عدم ترتب الأثر فيه ما ورد في طلاق المكره، حيث تضمن عدم صحته، مستدلا بحديث الإكراه [5]»[6]
ثم إنَّ صاحب العروة أفاد: « و الاقوی صحتها من الکافر وفاقاً للمشهور فی الیمین» حکاه صاحب الجواهر عن الشیخ و اتباعه و اکثر المتأخرین.
وافاد ذيل قول الماتن: « خلافاً لبعض» حكاه في الشرائع عن الشيخ في الخلاف، وحكي أيضاً عن ابن إدريس.
و أفاد السید الحکیم بعد بیانه فی ذیل قول الماتن: « و خلافاً للمشهور فی النذر»
« بل في الجواهر : « لا أجد خلافاً في عدم صحته ـ يعني : النذر من الكافر ـ بين أساطين الأصحاب،كما اعترف به في الرياض.
وحكي عن سيد المدارك التأمل فيه ـ وكذا عن الكفاية.
وحكي عن الرياض : أنه لا يخلو من قوة،إن لم يكن الإجماع على خلافه ـ كما هو الظاهر ـ إذ لم أر مخالفاً سواهما ( يعني : سيد المدارك وصاحب الكفاية ) من الأصحاب »».
ثم افاد فی ذیل قول صاحب العروة : (... و ذکروا فی وجه الفرق: عدم اعتبار قصد القربة فی الیمین و اعتباره فی النذر...)
«قال في الشرائع في مبحث النذر : « يشترط مع الصيغة نية القربة، فلو قصد منع نفسه بالنذر ـ لا لله ـ لم ينعقد ).
ثمَّ قال بعد ذلك : وأما متعلق النذر فضابطه : أن يكون طاعة لله تعالى مقدوراً .. ».
وقد ادعى في الجواهر : الإجماع بقسميه على الحكم المذكور. وكذلك غيره،ولكن اختلفوا في المراد منه، فاستظهر في المسالك : أن المراد جعل شيء لله تعالى في مقابل جعل شيء لغيره، أو جعل شيء من دون ذكر أنه له تعالى أو لغيره، وجعله أصح الوجهين. وربما يستفاد من عبارة الدروس، حيث قال : « وهل يشترط فيه القربة للصيغة، أو يكفي التقرب في الصيغة؟ الأقرب الثاني ». وفي الجواهر جعل المراد منه رجحان المنذور، وكونه عبادة في مقابل نذر المباح.
ويحتمل : أن يكون المراد في مقابل النذر شكراً على المعصية أو زجراً عن الطاعة. وصريح الشرائع خلاف ذلك كله.
بل هو ـ بمعنى كون الإيقاع النذري واقعاً على وجه العبادة ـ مما لم يقم عليه دليل، ويقتضي بطلان النذر إذا كان المقصود منه الزجر عما هو مبغوض الناذر، وهو خلاف إطلاق الأدلة. وأما الاحتمالات الأخر فكلها صحيحة في نفسها، غير أنها خلاف ظاهر عبارة الشرائع ونحوها، فلا ينبغي حملها عليها.
هذا وفي الدروس : « ويصح ( يعني : اليمين ) من الكافر وإن لم يصح نذره، لأن القربة مرادة هناك دون هذا. ولو قلنا بانعقاد نذر المباح أشكل الفرق .. ». وظاهر العبارة : اعتبار القربة بالمعنى الذي ذكره في الجواهر، لا بالمعنى الذي احتمل من عبارته السابقة».
و افاد فی ذیل قول صاحب العروة:(... و لا تحقق القربة فی الکافر. و فیه: اولاً: ان القربة لا تعتبر فی النذر. بل هو مکروه...)
« قال فی الجواهر:
لا إشكال في اعتبار نية القربة فيه. لكن لا على معنى قصد الامتثال بإيقاعه ـ كغيره من العبادات التي تعلق الأمر بإيجادها على جهة الوجوب أو الندب ـ ضرورة عدم الأمر به.
بل ظاهر موثق إسحاق بن عمار كراهة إيقاعه، قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) : إني جعلت على نفسي شكراً لله تعالى ركعتين .. إلى أن قال (ع) : إني لأكره الإيجاب أن يوجب الرجل على نفسه ...[7].
کما افاد فی ذیل قوله:( و إنما تعتبر في متعلقه ـ( ای القربة) ، حیث ان اللازم کونه راجحاً شرعاً...»
« على المشهور.
والعمدة فيه : أن اللام في قول الناذر : « لله علي » ـ سواء كانت للملك والظرف مستقر، أم للغاية والظرف لغو متعلق بالتزمت محذوفاً ـ تقتضي كونه محبوباً لله تعالى ـ ولو للعنوان التأخري ـ
فان ما لا يكون محبوباً للمرء لا يكون مملوكاً له عند العقلاء، ولا يصح الالتزام به لأجله. فيصح أن تقول : « زيد يملك على عمرو أن يكرمه »، ولا يصح تقول : « يملك عليه أن يهينه ».
كما لا يصح أن تقول : « التزمت لزيد أن أهينه »، ويصح أن تقول : « التزمت لزيد إن أكرمه »، وهو من الواضحات.
مضافاً الى بعض النصوص، مثل صحيح الكناني : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قال : علي نذر. قال (ع) : ليس النذر بشيء حتى يسمى لله شيئاً، صياماً، أو صدقة، أو هدياً، أو حجاً »[8].
وقريب منه غيره.
[1] . السيد اليزدي، العروة الوثقى، مع التعليقات، ج13، ص13.
[2] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص295.
[3] . الوسائل ج1، ص 45، الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات . الحدیث 11.
[4]. الوسائل ج15، ص396 الباب 56 من ابواب جهاد النفس الحدیث 1 ـ3.
[5]. الوسائل، باب 12 من ابواب الیمین الحدیث :12.
[6] .السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص296.
[7] . الوسائل، ج23، ص303، الباب 6 من ابواب النذر الحدیث 1 .
[8]. الوسائل، ج23، ص294، الباب 1، من ابواب النذر الحدیث 2.