بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و ششم
و أفاد السید الحکیم بعد بیانه فی ذیل قول الماتن: « و خلافاً للمشهور فی النذر»
« بل في الجواهر : « لا أجد خلافاً في عدم صحته ـ يعني : النذر من الكافر ـ بين أساطين الأصحاب،كما اعترف به في الرياض.
وحكي عن سيد المدارك التأمل فيه ـ وكذا عن الكفاية.
وحكي عن الرياض : أنه لا يخلو من قوة،إن لم يكن الإجماع على خلافه ـ كما هو الظاهر ـ إذ لم أر مخالفاً سواهما ( يعني : سيد المدارك وصاحب الكفاية ) من الأصحاب »».
ثم افاد فی ذیل قول صاحب العروة : (... و ذکروا فی وجه الفرق: عدم اعتبار قصد القربة فی الیمین و اعتباره فی النذر...)
«قال في الشرائع في مبحث النذر : « يشترط مع الصيغة نية القربة، فلو قصد منع نفسه بالنذر ـ لا لله ـ لم ينعقد ).
ثمَّ قال بعد ذلك : وأما متعلق النذر فضابطه : أن يكون طاعة لله تعالى مقدوراً .. ».
وقد ادعى في الجواهر : الإجماع بقسميه على الحكم المذكور. وكذلك غيره،ولكن اختلفوا في المراد منه، فاستظهر في المسالك : أن المراد جعل شيء لله تعالى في مقابل جعل شيء لغيره، أو جعل شيء من دون ذكر أنه له تعالى أو لغيره، وجعله أصح الوجهين. وربما يستفاد من عبارة الدروس، حيث قال : « وهل يشترط فيه القربة للصيغة، أو يكفي التقرب في الصيغة؟ الأقرب الثاني ». وفي الجواهر جعل المراد منه رجحان المنذور، وكونه عبادة في مقابل نذر المباح.
ويحتمل : أن يكون المراد في مقابل النذر شكراً على المعصية أو زجراً عن الطاعة. وصريح الشرائع خلاف ذلك كله.
بل هو ـ بمعنى كون الإيقاع النذري واقعاً على وجه العبادة ـ مما لم يقم عليه دليل، ويقتضي بطلان النذر إذا كان المقصود منه الزجر عما هو مبغوض الناذر، وهو خلاف إطلاق الأدلة. وأما الاحتمالات الأخر فكلها صحيحة في نفسها، غير أنها خلاف ظاهر عبارة الشرائع ونحوها، فلا ينبغي حملها عليها.
هذا وفي الدروس : « ويصح ( يعني : اليمين ) من الكافر وإن لم يصح نذره، لأن القربة مرادة هناك دون هذا. ولو قلنا بانعقاد نذر المباح أشكل الفرق .. ». وظاهر العبارة : اعتبار القربة بالمعنى الذي ذكره في الجواهر، لا بالمعنى الذي احتمل من عبارته السابقة».
و افاد فی ذیل قول صاحب العروة:(... و لا تحقق القربة فی الکافر. و فیه: اولاً: ان القربة لا تعتبر فی النذر. بل هو مکروه...)
« قال فی الجواهر:
لا إشكال في اعتبار نية القربة فيه. لكن لا على معنى قصد الامتثال بإيقاعه ـ كغيره من العبادات التي تعلق الأمر بإيجادها على جهة الوجوب أو الندب ـ ضرورة عدم الأمر به.
بل ظاهر موثق إسحاق بن عمار كراهة إيقاعه، قال : « قلت لأبي عبد الله (ع) : إني جعلت على نفسي شكراً لله تعالى ركعتين .. إلى أن قال (ع) : إني لأكره الإيجاب أن يوجب الرجل على نفسه ...[1].
کما افاد فی ذیل قوله:( و إنما تعتبر في متعلقه ـ( ای القربة) ، حیث ان اللازم کونه راجحاً شرعاً...»
« على المشهور.
والعمدة فيه : أن اللام في قول الناذر : « لله علي » ـ سواء كانت للملك والظرف مستقر، أم للغاية والظرف لغو متعلق بالتزمت محذوفاً ـ تقتضي كونه محبوباً لله تعالى ـ ولو للعنوان التأخري ـ
فان ما لا يكون محبوباً للمرء لا يكون مملوكاً له عند العقلاء، ولا يصح الالتزام به لأجله. فيصح أن تقول : « زيد يملك على عمرو أن يكرمه »، ولا يصح تقول : « يملك عليه أن يهينه ».
كما لا يصح أن تقول : « التزمت لزيد أن أهينه »، ويصح أن تقول : « التزمت لزيد إن أكرمه »، وهو من الواضحات.
مضافاً الى بعض النصوص، مثل صحيح الكناني : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قال : علي نذر. قال (ع) : ليس النذر بشيء حتى يسمى لله شيئاً، صياماً، أو صدقة، أو هدياً، أو حجاً »[2].
وقريب منه غيره.
ومن ذلك يشكل ما في الدروس :
من جواز نذر المباح « لرواية الحسن بن علي عن أبي الحسن (ع) :
« في جارية حلف منها بيمين، فقال : لله علي أن لا أبيعها. فقال (ع) : ف لله بنذرك ». وفيه دقيقة .. ».
ويشير بذلك إلى ما رواه البزنطي عن الحسن بن علي عن أبي الحسن (ع) :
« قلت له : إن لي جارية ليس لها مني مكان ولا ناحية، وهي تحتمل الثمن، إلا أني كنت حلفت فيها بيمين، فقلت : لله علي أن لا أبيعها أبداً، ولي إلى ثمنها حاجة مع تخفيف المؤونة. فقال (ع) :
ف لله بقولك له »[3]
لكن الظاهر من الرواية :
أن السؤال فيها عن جواز رفع اليد عن النذر الصحيح للطوارئ المذكورة، لا عن صحة النذر في نفسه إذا لم يكن متعلقه راجحاً، فلا تدل على خلاف ما ذكرناه .
مع أنها ضعيفة السند، غير مجبورة بعمل.
ومثله : خبر يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله(ع) عن أبيه (ع) :
« أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تُقَادَ مَزْمُومَةً بِزِمَامٍ فِي أَنْفِهَا فَوَقَعَ بَعِيرٌ فَخَرَمَ أَنْفَهَا فَأَتَتْ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ تُخَاصِمُ فَأَبْطَلَهُ فَقَالَ إِنَّمَا نَذَرْتِ لِلَّهِ ».[4]
فإنه ـ أيضاً ـ وارد في غير ما نحن فيه. فالبناء ما ذكرنا ـ من لزوم رجحان المنذور شرعاً ـ متعين. »[5].
و أجاب صاحب العروة ثانیاً علی ما ذکروه فی وجه الفرق: (و ثانیاً ان متعلق الیمین ایضاً قد یکون من العبادات...)
قال السید الحکیم:
« هذا الاشكال مع الإشكال الأول لا يتواردان على أمر واحد، فإن الإشكال الأول مبني على أن مرادهم اعتبار القربة في نفس إيقاع النذر، وهذا الاشكال مبني على اعتبارها في متعلقه. »
کما أفاد فیما أجاب عنه صاحب العروة بقوله ثالثاً من انه یمکن قصد القربة من الکافر أیضاً:
« هذا بناء على أن المراد قصده التقرب إلى الله تعالى. أما إذا كان المراد وقوعه على نحو يكون مقرباً فلا يتم، لعدم صلاحية الكافر للتقرب بفعله، كما ذكره في الجواهر وغيرها.
و أفاد صاحب العروة (قدس سره):
(و دعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام مدفوعة: بإمكان إسلامه ثمَّ إتيانه، فهو مقدور لمقدورية مقدمته. فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات، و يعاقب على مخالفته، و ترتب عليها وجوب الكفارة، فيعاقب على تركها أيضاً. و ان اسلم صح ان اتی به ، و یجب علیه الکفارة لو خالف ، و لا یجری فیه قاعدة جب الاسلام لا نصرافها عن المقام.»
فا فاد السید الحکیم :
« وقد ذكر في الشرائع : أنه لو نذر الكافر فأسلم استحب له الوفاء. ومثله في الدروس. وفي الجواهر : « كما صرح به غير واحد ».
لكن هذا الكلام ـ من الشرائع والدروس ـ مبني على ما ذكراه، من عدم صحته من الكافر، لا بناء على صحته اعتماداً على حديث الجب .»[6]
وكيف كان فدعوى الانصراف غير بعيدة:
فإن الذي ينسبق إلى الذهن إرادة الجب عن الأمور التي يقتضيها الكفر، ولذلك لا يجري في الديون الراجعة إلى الناس.
اللهم إلا أن يكون ذلك من جهة لزوم خلاف الامتنان في حق غيره.
والظاهر من الحديث: أنه حديث امتناني، فلا يجري إذا لزم منه خلاف الامتنان. اللهم إلا أن يقال :
إنه امتناني بالإضافة إلى الكافر نفسه، لا مطلقاً، ولذلك ورد الحديث في القتل الذي صدر من المغيرة بن شعبة. فلاحظ موارد الحديث.
اللهم إلا أن يقال : القتل الصادر من المغيرة قتل المهدور الدم والمال.
والانصاف:
أن ظاهر الحديث الامتنان على الكافر بنحو لا يوجب خلاف الامتنان في حق المسلم، وانصرافه إلى خصوص ما كان يقتضي الكفر، فديون الناس لا يشملها من وجهين.
وقد تعرضنا للكلام في الحديث في مبحث وجوب الزكاة على الكافر.»
ثم إنَّه (قدس سره) أفاد بان القائل فی قول صاحب العروة: کما قیل فی قوله :( نعم لو خالف و هو کافر ، وتعلق به الکفارة فاسلم ، لا ببعد دعوی سقوطها عنه کما قیل.)
« ذكر ذلك في الدروس، لكن في كفارة اليمين، ولا يبعد أن يستفاد منه كفارة النذر. فلاحظ. »[7]
[1] . الوسائل، ج23، ص303، الباب 6 من ابواب النذر الحدیث 1 .
[2]. الوسائل، ج23، ص294، الباب 1، من ابواب النذر الحدیث 2.
[3] . الوسائل ج23، ص320، الباب 17 من ابواب النذر الحدیث 11 .
[4] . الوسائل ج23، ص319، الباب 17 من ابواب النذر الحدیث 8 .
[5] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص299.
[7] . السيد الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص294-300.