بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصتم
و نفی کلامی الشیخ ره ـ الذی یدعی ظهور العموم فی وحدة الحکم الثابت. و صاحب الکفایة ره الذی یدعی ظهوره فی وحدة الحکم و استمراره.»
ثم افاد قدس سره فی مقام التأمل فیه:
« ولکنه بکلامه الأخیر لا یخلو عن نظر.
فإن الوحدة والاستمرار الذين يدعي ظهورهما من العموم ، يراد منهما الوحدة والاستمرار في مرحلة الخارج ، لا الوحدة والاستمرار في مرحلة الإنشاء والجعل ، وهما غير متحققين بعد التخصيص وثبوت الحكم للخاص بعد زمانه ، ولأجل ذلك لا يتمسك بالعموم فيه.
واما ما ساقه من البرهان على عدم اعتبار الوحدة الخارجية من عدم تحققها أصلا لتعدد الإطاعة والمعصية الكاشف عن تعدد الحكم ، فلا ينافي ما ذكرناه ، فإن المراد من الوحدة الخارجية المعتبرة انما هو الوحدة بنظر العرف التي يمكن انطباقها على التعدد الدقي ، وهي متحققة في حكم العام بالنسبة إلى افراده ، وتنثلم بالتخصيص. فعدم إمكان الوحدة في مرحلة الخارج بمعنى ، لا يتنافى مع دعوى الوحدة في هذه المرحلة بمعنى آخر.
وكذلك المراد من الاستمرار ، هو الاستمرار بنظر العرف القابل للانطباق على المنقطع بالنظر الدقي. وهو ينثلم بالتخصيص.
فالمراد بالوحدة والاستمرار نظير الوحدة والاستمرار في سائر الأمور التدريجية التي لا تتنافى مع التجدد والتصرم. هذا مع انه لم نعرف معنى محصلا للاستمرار في مقام البعث ، كيف! وهو من شأن الوجودات ، فكيف فرض الحكم المجعول مستمرا بعد فرض انقطاعه في الأثناء؟ واستمراره في مقام البعث. لا نعرف له معنى ظاهر فتدبر.
وبهذا تعرف عدم تمامية إيراد المحقق الأصفهاني ( رحمة الله ) على الشيخ والمحقق الخراسانيّ قدس سرهما في عدم تمسكهما بالعموم في هذا الفرض.» [1]
و التحقیق: ان فی المقام جهات من البحث:
الاوّل:
ان مبنی الاعلام الرجوع الی اصالة العموم فیما اذا شک فی التخصیص و عدل عنه الشیخ قدس سره و التزم بالتفصيل بین العام المجموعی و العام الاستغراقی بعدم التمسک بالعموم فی الاوّل دون الثانی.
قال فی الرسائل:
« و هو ما لو فرض خروج بعض الافراد الازمنة عن هذا العموم ، فشک فیما بعد ذلک الزمان المخرج بالنسبة الی ذلک الفرد هل هو ملحق به فی الحکم او ملحق بما قبله.»
بأن یقال:
ان اخذ فیه عموم الازمان افرادیاً ، بأن اخذ کل زمان موضوعاً مستقلاً لحکم مستقل، لينحل العموم الی احکام متعددة بتعدد الازمان کقوله: اکرم العلماء کل یوم ، فقام الاجماع علی حرمة اکرام العالم یوم الجمعة.
مثله: ما لو قال: اکرم العلماء ، ثم قال لا تکرم زیداً یوم الجمعة اذا فرض الاستثناء قرینة علی اخذ کل زمان فرداً مستقلاً.
فحینئذ: یعمل عند الشک بالعموم ، و لا یجری الاستصحاب.
بل لو لم یکن عموم وجب الرجوع الی سائر الاصول ، لعدم قابلیة المورد للاستصحاب.
و ان اخذ لبیان الاستمرار، کقوله : اکرم العلماء دائماً، ثم خرج فرد فی زمان ، و شک فی حکم ذلک الفرد بعد ذلک الزمان، فالظاهر: جریان الاستصحاب، اذ لا یلزم من ثبوت ذلک الحکم للفرد بعد ذلک الزمان تخصیص زائد علی التخصیص المعلوم.
لأن مورد التخصیص: الافراد دون الازمنة، بخلاف القسم الاول بل لو لم یکن هنا استصحاب لم یرجع الی العموم ، بل الی الاصول الأخر.
و لا فرق بین استفادة الاستمرار من اللفظ کالمثال المتقدم، او من الاطلاق ، کقوله: تواضع للناس، بناءً علی استفادة الاستمرار منه، فإنه اذا خرج منه التواضع فی بعض الازمنة علی وجه لا یفهم من التخصیص ملاحظة المتکلم کل زمان فرداً مستقلاً لمتعلق الحکم استصحب حکمه بعد الخروج، و لیس هذا من باب تخصیص العام بالاستصحاب.»
فإن ظاهر کلام الشیخ قدس سره فی العنوان جعل القسم لبیان تقسیم العموم الافرادی ـ ای الاستغراقی ـ و العموم الاستمراری ای المجموعی ، العموم الازمانی ، و مراده من القسم الاول ما کان کل زمان موضوعاً مستقلاً لحکم مستقل، و علیه فالمفروض فی المقام انحلال الحکم الی احکام متعددة بتعدد الازمان.
و الظاهر من کلامه تسلمه لشمول دلیل العام بالنسبة الی الافراد بمعنی انحلال الحکم بتعدد افراد المکلف له ، و انما لم یتذکر کذلک، لأن الاستغراق فی الافراد لا یرتبط عنده بموضوع البحث، اذ الموضوع له خروج بعض الازمان عن تحت الحکم و ان کان ذلک بخروج الافراد فی الزمان الخاص لا محالة. و مثل لهذا القسم بقوله: اکرم العلماء، و لا تکرم زیداً یوم الجمعة فإن عموم حکم الاکرام یشمل کل فرد من افراد العالم فی کل زمان بمعنی ان الفرد الواحد من العالم ینحل الحکم بالنسبة الیه بتعدد الازمان ان الفرد الواحد من العالم ینحل الحکم بالنسبة الیه بتعدد الازمان.
فالشمول و العموم بحسب الافراد و بحسب الازمان، فإذا خرج عن هذا الحکم مثل زید فی خصوص یوم الجمعة فبقی باقی افراد الموضوع من العمرو و البکر و غیرهما و کذا نفس زید فی الازمنة الاخری غیر الجمعة تحت الحکم و هذا معنی الرجوع الی العام و مرجعیة العام عند الشک فی المخصص.
و اما القسم الآخر، فإن ما صوره الشیخ فی هذا القسم ان یکون الموضوع واحداً مستمراً بحیث لا یقبل الانحلال و لا الاستغراق.
و لا محالة یکون نظره وحدة المتعلق و استمراره بحسب الازمان دون الافراد ضرورة ان الحکم و لو کان متعلقه امراً واحد استمراریاً ، یکون الموضوع له متعدداً بتعدد افراد المکلفین و ان الحکم فی العام لا محالة ینحل بتعددهم.
[1] منتقی الاصول جلد 6 ص 307-311.