بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت و پنجم
ثم إنه أفاد جمع بأنَّ فی قوله(ع): «لا يمين للولد مع والده و...» لابد من تقدير إما الوجود أی لا يمين مع وجود والده، أو تقدير المنع و المعارضة، أي لا يمين للولد مع منع والده، أو مع معارضة والده.
و المعنی علی الأحتمال الأوَّل:
أنَّه لا ينعقد اليمين مع وجود الولد، أي أنَّ صرف وجود الموالد يمنع عن تحقق اليمين فلابد من اذنه فی انعقاده.
و علی الأحتمال الثانی:
أنه لا ينعقد اليمين مع منع الوالد أو مع معارضته الوالد أی إذا کان اليمين مستلزماً لمعارضة فی حق له. و عليه فانه لا مانع عن انعقاد اليمين بنفسه اذا لم يکن مقروناً بنهی الولد، أو إذا لم يستلزم تضييع حق من حقوقه.
و العبارة: «لا يمين للولد مع والده» يحتمل المعنيين. وقد مرَّ عن صاحب الجواهر (قدس سره) إنَّ تقدير الوجود، ليس أولی من تقدير المعارضة أو المنع بل إنَّ الأولی هو الإحتمال الثانی أي تقدير المنع و المعارضة للشهرة والعمومات.
و قد مرَّ عن صاحب العروة (قدس سره)، إنَّ الإحتمال الثانی هو مقتضی الظهور و لا أقل من اجمال العبارة بين المعنيين، و القدر المتيقن هو عدم الإنعقاد مع المعارضة و النهی بعد کون مقتضی العمومات الصحة و اللزوم.
وما أفاده صاحب الجواهر من أولوية الإحتمال الثاني للشهرة ليس لأجل أنَّ الشهرة تصلح لتعيين الظهور کما اورد عليه السيد الحکيم، بل ان غرض صاحب الجواهر، أنَّ الاحتمال الثانی فی دلالة هذه الاخبار هو المعتمد عند المشهور و فهم المشهور ذلک انما يصير قرينة لارادة هذا المعنی فی الحديث.
کما أنَّ تصريح العلمين، صاحب الجواهر وبتبعه صاحب العروة من أنَّ مع الاجمال فی تعيين المدلول، فبما أنَّ مقتضی العمومات انعقاد اليمين، و الخارج عنه بمقتضی التخصيص الوارد فی هذه الاخبار مردد بين الأقل والأکثر و الإکتفاء بالأقل المتيقن هو مقتضی القاعدة.
و کلا الوجهين من الاستدلال تام.
و منه يظهر ان ظاهر کلام صاحب الجواهر و صاحب العروة فی الاحتمالين تقدير الوجود، أو المنع والمعارضة فی لفظة مع الوالد، أی مع وجود والده أو مع معارضة والده. و المراد من الوجود فی الإحتمال الأول حضور والده وأما جری فی کلام السيد الخوئی (قدس سره) تقدير الوجود بعد قوله لا يمين علی وزان «لا إله موجود»، ولذا أورد علی صاحب الجواهر و صاحب العروة بانه هل المراد نفی الماهية بنفسها أو نفی الماهية الموجودة وأورد فی کلا الوجهين و أفاد بانه ليس فی المقام دوران بين تقدير الوجود و تقدير المعارضة، لأنَّ العبارة بعد تقدير الوجود لا يمين موجود بغير معارضة الوالد فانه يمکن الجمع بين التقديرين و الاحتمالين.
و هذا الاستظهار من کلامهما محل منع جداً. لأنَّ مرادهما تقدير الوجود أو المعارضة بعد قوله: مع ولا نظر لهما لتقدير الوجود بعد نفی اليمين وقد مر أنَّ المورد ليس نظير لا إله الا الله، بل نظير لا صلاة لجار المسجد الا فی المسجد و ان الشأن فيه التنظير دون نفی الماهية، و إنَّما يصح التنظير ولو لوجود وجه واحد من المشابهة مع امتناع أن يکون المراد نفی الماهية فی مثل المقام.
و الحاصل:
إنَّ مدلول هذه الأخبار أما بمقتضی ظهورها کما هو الوجه عندنا المستفاد من اضافة لفظه لا علی اليمين الظاهر فی التنزيل علی ما مرَّ. أو بمقتضی فهم المشهور أو کونه مقتضی القاعدة بعد إجمال المخصص:
انه ليس البحث فی المقام توقف انعقاد اليمين علی الإذن، بل إنَّ مقتضی هذه الأخبار و مدلولها، أنَّ اليمين لا ينعقد مع نهی هؤلاء أو استلزامه لتضييع حقوقهم، وإنَّ الأساس فيه أن لا يکون اليمين من هولاء منافياً لما يلزم لهم الرعاية فيه من الحقوق الثانية شرعاً وخصوصاً أن لا يوجب ايذاء الوالد فی خصوص الولد، و صرف النهی ما لم يلزم الاتيان بالمنهي ايذاء الوالد، أوتضييع حق الزوج، أو المالک فی المملوک لا يوجب عدم انعقاد اليمين.
هذا مع انه لا يصح التعبر فی المقام بعدم انعقاد اليمين من الأول، بل إن مقتضی القاعدة و اطلاق أدلة الصحة انعقاد اليمين بدواً، وأما هؤلاء، أي الزوج والوالد و المالک لهم حق حل اليمين، و معنی انحلال اليمين حله بعد انتقاده، وان لهم هذا الحق فی خصوص ما کان موجباً لتضييع حقوقهم و فی خصوص الولد ما يوجب ايذاء الوالد.
هذا هو مقتضی دلالة هذه الأخبار، و هو الذی اختاره صاحب العروة، تبعاً لصاحب الجواهر.
هذا بالنسبة إلی هذه الأخبار الواردة بلسان لا يمين للوالد مع والده و لا للزوجة مع زوجه و ...
و أمام البحث الثاني:
فوقع البحث فی أنَّ مع الالتزام بانعقاد اليمين باذن هؤلاء وعدم انعقاده بدونه، فهل يلزم اعتبار خصوص الإذن السابق، أو يکفی الرضا اللحق و الاجازة اللاحقة.
فان قلنا انه لا يتوقف انعقاد اليمين علی الأذن، کما هو المختار فانه وجه للبحث عن کفاية الاجازة اللاحقة لأن اليمين ينعقد علی أي حال و إنَّ لهولاء حق حله فيما ينافی و يعارض حقوقهم الشرعية.
وأما لوقلنا بتوقفه علی الإذن:
فيکمن أنْ يقال:
أنَّ مقتضی هذه الأخبار – بناءً علی استظهار عدم انعقاده الَّا باذنهم – عدم استقلال الولد و الزوجة و المملوک فی الالتزام اليمين علی أنفسهم و معناه تمامية هذا الالتزام مع ضمهم و معنی ضمهم رضائهم بذلک و عدم منعهم عنه، و لا تفاوت فی هذه المعنی بين ان يکون حصول هذا الرضا سابقاً أو لاحقاً. فان کان سابقاً ينعقد اليمين جزماً و ان کان لاحقا. فانه يبقی مراعی و معلقاً عليه، فان حصل الرضا يتنجز الإلتزام اليمين و الا لا يحصل له التنجز فی الانعقاد و تبقی صورة يمين لا واقعة.
و عليه فان الرضا اللاحق انما يکفي لتنجيز اليمين الواقع سابقاً و نتيجته لا تفاوت بين السابق و اللاحق منه.
نعم: لفظة الإذن ظاهرة فی الإذن السابق و الرضا السابق الا أنَّه ليس فی هذه الأخبار التعبير بالإذن، بل إن فيها لا يمين الا مع والده...
و عليه فلا حاجة الی الحديث فی أنَّ الفضولی جار فی الإيقاعات کالعقود أم لا فی مثل المقام لعدم الحاجة اليه، و لا أثر له و لو قلنا بعدم جريانه فی الإيقاعات.
فان قلت:
ان ما ذکرتم من المعنی هو عين مقالة الفضولي اذ ليس معناه غير أنَّه الإيقاع إنَّما يقع معلقاً و بعد الإجازة صار نافذاً وأنه لولا الاجازة اللاحقة مکان الايقاع مجرد لفظ لا يترتب عليه أثراً شرعاً.
قلت:
إنَّ المدعی فی مدلول هذه الأخبار أن الولد و الزوجة و ... غير مستقلين فی تحقق اليمين بالنسبة الی ما يرتبط بحق الوالد والزوج و ... و أنَّه يلزم بمقتضی هذه الأخبار رعاية هؤلاء فی هذه الجهة، و هذا المعنی يتحقق بحصول الرضا منهم بلا فرق بين کونه سابقاً أو لاحقاً. کما أن منعهم واعلام عدم رضائهم فی خصوص اليمين المفروض انما يوجب عدم تحقق اليمين بمعنی عدم موضوعية للأثر شرعاً بلا فرق بين أن يکون سابقاً أو لاحقاً.
و لذلک يفترق هذا البيان عن بيان صاحب العروة (قدس سره)، حيث إنَّه أفاد بأن لهم حل اليمين ومعناه الحل بعد انعقاده وفی هذا البيان ان عدم الرضا او المنع يوجب عدم تحققه، دون الحل بعد تحققه، سواء کان سابقاً أو لاحقاً و المراد: ان موضوعية اليمين للأثر الشرعي متوقفة علی رضا هؤلاء فيما يرتبط بحقوقهم لا مطلقاً وعدم منعهم أو عدم رضائهم حدوثاً و بقاءً، يعنی أنَّ الموضوعية للاثر الشرعی متوقف علی عدم منعهم ولو لاحقاً و بقاءً.
نعم فی فرض حصول الرضاء قبل اليمين، انما ينعقد اليمين ظاهراً، والمنع اللاحق لو فرضناه انما يوجب انحلال اليمين ظاهراً، و فی الواقع يکشف عن عدم تحققه أی عدم موضوعية للاثر واقعاً من الأوَّل.
وأمَّا قضية الفضولی فغير جارية فی المقام لأن أساس الفضولی و موضوعه نقل مال الغير وما لا إرتباط له به وکالة أو غيرها بدون اذنه بعقد او إيقاع عند بعض، وبما انه ليس بموضوع للاثر الشرعي بمعنی عدم کونه فافذاً لعدم سلطنته علی مال الغير، فان الالتزام بنفوذه و صحته بعد لحوق الإجازة خلاف لمقتضی القاعدة، و لابد له من قيام الدليل، و لولا قيام الدليل لم نلتزم بالصحة وفی الإيقاعات قام الاجماع علی عدم صحة الفضولی فيها و حمله صاحب العروة علی صورة کون الإيقاع علی مال الغير دون مال نفسه أو ما کان للغير حق فيه بمقتضی الأخذ بالمتيقن عند الشک فی حد شمول الاجماع وإجماله.
وما أفاده (قدس سره)تام بالنسبة إلی ما أفاده وينصرف الاجماع المذکور عن المقام مما لا يکون الايقاع علی مال الغير مع انه لو لم يکن الإيقاع فی ماله، بل کان له حق فيه کما إذا باع العين المرهونه التزم بعض بصحته.
ولکن مقالتنا عدم کون المورد موضوعاً لبحث الفضولی اساساً لأن الإيقاع انما يقع فی ماله دون مال الغير، و ان ما فيه حق للغير، لابد له من رعايته فهو انما يبادر علی ايقاع ماله و عمله و ما تحت يده دون مال الغير وله السلطنة فی ذلک غير أنَّه لما کان لمولاه أی الوالد و الزوج و ... حق فيه فی بعض انحائه و هو ما يرتبط برعايتهم فان غاية ما يقال فيه عدم استقلال الولد و الزوجة و... فی اليمين فی خصوص ما يرتبط بحقوقهم و يکفی فی صحته رضائهم أو عدم منعهم سابقاً أو لاحقاً و هو ليس من الفضولی و لا أقل من الفضولی المصطلح.
نعم. يمکن أن يقال:
انه کما مرَّ فی بحث الأوامر فی الأُصول، ان ايجاد المعنی باللفظ وانشائه يوجب تحقق وجود له فی وعاء الانشاء و يعبر عنه بالوجود الانشائي، و هذا له وجود و تحقق فی وعائه الخاص أی وعاء الانشاء کما اختاره صاحب الکفاية.
فاذا صدر هذا الانشاء سواء کان انشاء عقد او ايقاع فانما يتحقق له ثبوت فی وعاء الانشاء سواء کان واجداً للشرائط العقلائية ککونه فی ماله أو الشرائط الشرعية، فان کان واجداً للشرائط العقلائية لکان نافذاً عندهم يعنی يکون موضوعاً لترتب الآثار العقلائية وکذا لو کان واجداً للشرائط الشرعية، فان لم يکن حين وقوعه واجداً للشرائط المذکورة فانما يتحقق باصداره وجود انشائي فی وعاء الانشاء و کلما حصلت له الشرائط المذکورة صارت الصيغة والانشاء نافذة و موضوعة للآثار العقلائية و الشرعية واليمين هو ايقاع و انشاء کلما صدر من أحد يتحقق له وجود فی مقام الانشاء و لو لم يکن واجداً للشرائط المذکورة وکلما حصلت له الشرائط فإنَّما يصير نافذاً و موضوعاً للأثر. و لانحتاج فی موارده الی تجديد اصدار الصيغة وهو ذا أهمية فيما يعتبر فيه الصيغة علی وجه خاص کالنکاح.
و بهذا الوجه إنما يصير الفضولی موافقاً لمقتضی القاعدة و يمکن تصويره فی المقام ای يمين الولد و الزوجة و... الا أنَّ حد اقتضاء القاعدة ترتيب الآثار العقلائية أو الشرعية من حين الاجازة لا من حين اصدار الصيغة و انشائها. و الالتزم يترتب الآثار المذکورة من حين الانشاء و ما يعبر عنه بالکشف يحتاج الی دليل خاص.
و هذا قابل للتصوير کما حقق فی محله.
ولکنه إن الوجه فی المقام ما مرَّ من عدم کونه موضوعاً لجريان الفضولی و معه فلا حاجة الی الاخذ بالمتيقن فی حد دلالة الاجماع المدعی علی عدم جريان الفضولی فی الايقاعات لجريانه فی المقام.
فظهره ان الحق عدم توقف اليمين فی الولد و الزوجة علی اذن الوالد و الزوجة وانه ينعقد بغير اذنهم فيما لا يرتبط بحقوقهم الشرعية و فيها يتوقف علی رضاعهم أو عدم منعهم سابقاً أو لاحقاً.