بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نهم
قال صاحب العروة:
«مسألة 14:
اذا کان مستطیعاً و نذر أن یحج حجة الاسلام. انعقد علی الأقوی و کفاه حج واحد.
و اذا ترك حتی مات وجب القضاء عنه، و الکفارة من ترکته.
و اذا قیَّده بسنة معیّنة ، فأخّر عنها وجب علیه الکفارة.
و اذا نذره فی حال عدم الاستطاعة انعقد أیضاً و وجب علیه تحصیل الاستطاعة مقدمة، الا ان یکون مراده الحج بعد الاستطاعة.»
قال فی المستمسك :
« وفاقاً لأكثر المتأخرين ، كما في الجواهر في كتاب النذر. خلافاً للمرتضى والشيخ وأبي الصلاح وابن إدريس ، فيمن نذر أن يصوم أول يوم من شهر رمضان. لأن صيامه مستحق بغير النذر. ولأن صيامه مستحق بالأصل ، ولا يمكن أن يقع فيه غيره.
وفيه:
أن الوجوب بالأصل لا ينافي الاستحقاق بالنذر ، وهو لا يقتضي وقوع غير رمضان في رمضان ، وإنما يقتضي ذلك لو نذر أن يصوم غير رمضان فيه ، لا ما لو نذر أن يصوم رمضان ، كما هو ظاهر.
ويشهد بما ذكرنا :
ما ورد من النصوص في صحة اليمين على الواجب ، كما ذكر في الجواهر.
وبالجملة:
النذر يقتضي ثبوت شيء زائد على الوجوب ، وهو الحق الإلهي. وإذا لم نقل بذلك فلا أقل من اقتضائه تأكد الوجوب ، الموجب لزيادة الانبعاث. ولا سيما بملاحظة ما يترتب عليه من الكفارة.
هذا كله إذا كان مراد المانع ـ من قوله في الاستدلال: « لأن صيامه مستحق ..» ـ : أنه واجب ، أما لو كان مراده أنه مستحق بالحق الوضعي ـ بأن يكون صوم اليوم الأول من شهر رمضان مستحقاً لله تعالى ومملوكاً له ـ فهو وإن كان مانعاً من صحة النذر ، لأن النذر مفاده الاستحقاق ، فلا يقع على المستحق ، لأنه لا يقبل التكرر في اليوم الأول لاجتماع المثلين ولا التأكد ، فإنه لا يصح اعتبار ذلك له عند العقلاء. ومثله أكثر عناوين الإيقاعات ـ مثل : الزوجية ، والرقية ، والحرية ، وغيرها ـ فإنها جميعاً لا تقبل التأكيد والتأكد، وليست هي من الماهيات التشكيكية ، والاستحقاق منها، فنذر المستحق لله تعالى لا يوجب استحقاقاً له تعالى، فيكون باطلا. لكن ثبوت الاستحقاق من أجل الوجوب ممنوع. ولو ثبت كان مانعاً من صحة النذر.
ومن ذلك يشكل الأمر في نذر حج الإسلام ـ بناء على ما سبق من أن الظاهر من اللام في قوله تعالى : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ ..) هو الملكية ـ فإنه إذا كان حج الإسلام مملوكاً بالأصل لا يكون مملوكاً بالنذر أيضاً. وليت المانعين ذكروا ذلك في نذر حج الإسلام ، واستدلوا عليه بما ذكر ، فإنه يكون حينئذ في محله ومتين جداً.
لكنهم ذكروه في نذر صوم أول یوم من شهر رمضان – علی ما حکی منهم و قد عرفت الاشکال فیه»[1].
و افاد فی ذیل قوله : و کفاه حج واحد.
«اتفاقاً، كما في كشف اللثام. ووجهه ظاهر، إذ هو مقتضى الإطلاق»
و أفاد فی ذیل قوله :
و اذا ترك حتی مات وجب القضاء عنه و الکفارة من ترکته.
«أما القضاء فلما عرفت. وأما الكفارة فقد عرفت الإشكال في لزوم خروجها من الأصل ، ولا سيما بناء على أنها كفارة إفطار شهر رمضان.»
و أفاد فی ذیل قوله:
و اذا نذره فی حال عدم الاستطاعة انعقد ایضاً، و وجب علیه تحصیل الاستطاعة مقدمة:
«حسبما يقتضيه إطلاق النذر. لكن في الروضة : « ولا يجب تحصيلها هنا على الأقوى». ونحوه في المستند. وفي المدارك: «ولا يجب تحصيلها قطعاً».
وعلله : بأن المنذور ليس أمراً زائداً عن حج الإسلام ، إلا أن ينذر تحصيلها فيجب. وهو ظاهر كشف اللثام والجواهر ، حيث ذكر فيهما : أنه إذا لم يكن مستطيعاً استطاعة شرعية توقعها. وضعف ذلك يظهر مما ذكرنا.
و أفاد فی ذیل قول صاحب العروة : الا ان یکون مراده الحج بعد الاستطاعة:
« یعنی الحج علی تقدیر الاستطاعة بان یکون الاستطاعة شرطاً للنذر »[2].
[1] . السيد محسن، الحكيم، مستمسك العروة الوثقى الجزء : 10 صفحة : 337.
[2] . مستمسك العروة الوثقی، ج 10، ص335 – 337.