بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بیست و یکم
ثم افاد الشیخ قدس سره :
« ... فالاستصحابان المتعارضان علی قسمین :
الاول : ما اذا کان الشك فی احدهما مسبباً عن الشك فی الآخر، و اللازم تقدیم الشك السببی و اجراء الاستصحاب فیه، و رفع الید عن الحالة السابقة للمستصحب الآخر.
مثاله:
استصحاب طهارة الماء المغسول به ثوب نجس، فإن الشك فی بقاء نجاسة الثوب و ارتفاعهما مسبب عن الشك فی بقاء طهارة الماء و ارتفاعها فیستصحب طهارته، و یحکم بارتفاع نجاسة الثوب.
خلافاً لجماعة .
لوجوه:
الاول:
الاجماع علی ذلك فی موارد لا تحصی، فإنه لا يحتمل الخلاف فی تقدیم الاستصحاب فی الملزومات الشرعیة کالطهارة من الحدث و الخبث و کریة الماء و اطلاقه و حیاة المفقود و برائة الذمة من الحقوق المزاحمة للحج و نحو ذلك، علی استصحاب عدم لوازمها الشرعیة کما لا یخفی علی الفطن المتّتبع
نعم:
بعض العلماء فی بعض المقامات یعارض احدهما بالآخر کما سیجئ .
و یؤیده:
السیرة المستمرة بین الناس علی ذلك بعد الاطلاع علی حجیة الاستصحاب کما هو کذلك فی الاستصحابات العرفیة.
الثانی :
ان قوله (ع) لا تنقض الیقین بالشك باعتبار دلالته علی جریان الاستصحاب فی الشك السببی مانع عن قابلیة شموله علی جریان الاستصحاب فی الشك المسببی یعنی :
ان نقض الیقین به یصیر نقضاً بالدلیل لا بالشك، فلا یشمله النهی فی لا تنقض.
و اللازم من شمول لا تنقض للشك المسببی نقض الیقین فی مورد الشك السببی لا لدلیل شرعی یدل علی ارتفاع الحالة السابقة فیه، فیلزم من اهمال الاستصحاب فی الشك السببی طرح عموم (لا تنقض) من غیر مخصص، و هو باطل .
و اللازم من اهماله فی الشك المسببی عدم قابلیة العموم لشمول المورد، و هو غیر منکر.
و بیان ذلك :
ان مقتضی عدم نقض الیقین رفع الید عن الامور السابقة المضادة لآثار ذلك المتیقن، فعدم نقض طهارة الماء لا معنی له الا رفع الید عن النجاسة السابقة المعلومة فی الثوب، اذ الحکم بنجاسته نقض للیقین بالطهارة المذکور بلا حکم من الشارع بطروء النجاسة، وهو طرح لعموم (لا تنقض) من غیر مخصص.
اما الحکم بزوال النجاسة فلیس نقضاً للیقین بالنجاسة الا بحکم الشارع بطروء الطهارة علی الثوب.
و الحاصل:
ان مقتضی عموم (لا تنقض) للشك السببی نقض الحالة السابقة لمورد الشك المسببی.
و دعوی :
ان الیقین بالنجاسة ایضاً من افراد العام، فلا وجه لطرحه و ادخال الیقین بطهارة الماء.
مدفوعة:
اولاً: بأن معنی عدم نقض یقین النجاسة ایضاً رفع الید عن الأمور السابقة المضادة لآثار المستصحب کالطهارة السابقة الحاصلة لملاقیه و غیرها، فیعود المحذور، الا ان نلتزم هنا ایضا ببقاء طهارة الملاقی، و سیجيء فساده .
و ثانیاً:
ان نقض یقین النجاسة بالدلیل علی ان کال نجس غُسل بماء طاهر فقد طهر، و فائدة استصحاب الطهارة اثبات کون الماء طاهراً به، بخلاف نقض یقین الطهارة بحکم الشارع بعدم نقض یقین النجاسة.
بیان ذلك :
انه لو علمنا باستصحاب النجاسة کنّا قد طرحنا الیقین بطهارة الماء من غیر ورود دلیل شرعی علی نجاسته، لأن بقاء النجاسة فی الثوب لا یوجب زوال الطهارة عن الماء، بخلاف ما لو علمنا باستصحاب طهارة الماء فإنه یوجب زوال نجاسة الثوب بالدلیل الشرعی، و هو ما دل علی ان الثوب المغسول بالماء الطاهر یطهر، فطرح الیقین بنجاسة الثوب لقیام الدلیل علی طهارته.
هذا و قد یشکل :
بأن الیقین بطهارة الماء و الیقین بنجاسة الثوب المغسول به، کل منهما یقین سابق شك فی بقائه و ارتفاعه، و حکم الشارع بعدم النقض نسبته الیهما علی حد سواء، لأن نسبة حکم العام الی افراده علی حد سواء، فکیف يلاحظ ثبوت هذا الحکم للیقین بالطهارة اولاً حتى یجب نقض الیقین بالنجاسة، لأنه مدلوله و مقتضاه؟
و الحاصل:
ان جعل شمول حکم العام لبعض افراده سبباً لخروج بعض الافراد عن الحکم او عن الموضوع – کما فی نحن فیه – فاسد بعد فرض تساوی الفردین فی الفردیة مع قطع النظر عن ثبوت الحکم.
و یدفع:
بأن فردیة احد الشیئین اذا توقف علی خروج الآخر المفروض الفردیة عن العموم، وجب الحکم بعدم فردیته، و لم یجز رفع الید عن العموم، لأن رفع الید حینئذ عنه یتوقف علی شمول العام لذلك الشئ المفروض توقف فردیته علی رفع الید عن العموم، هو دور محال.
و ان شئت قلت:
ان حکم العام من قبل لازم الوجود للشك السببی کما هو شأن الحکم الشرعی و موضوعه، فلا یوجد فی الخارج الا محکوماً ، و المفروض ان الشك المسببی ایضاً من لوازم وجود ذلك الشك، فیکون حکم العام.
و هذا الشك لازمین لملزوم ثالث فی مرتبة واحدة ، فلا یجوز ان یکون احدهما موضوعاً للاخر، لتقدم الموضوع طبعاً .