بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و سه
قال صاحب العروة :
« مسألة 25
إذا علم أن على الميت حجا ولم يعلم أنه حجة الإسلام أو حج النذر وجب قضاؤه عنه من غير تعيين وليس عليه كفارة.
ولو تردد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضا.
وحيث إنها مرددة بين كفارة النذر وكفارة اليمين فلا بد من الاحتياط ويكفي حينئذ إطعام ستين مسكينا، لأن فيه إطعام عشرة أيضا الذي يكفي في كفارة الحلف.»
قال السید الحکیم : فی ذیل قوله : )وجب قضائه عنه من غیر تعیین (
«فإنه يكفي في امتثال الواجب المردد. و لو جيء بكل من الفردين بملاحظة الخصوصية برجاء المطلوبية كفى أيضاً. »
وأفاد فی ذیل قوله : (ولیس علیه کفارة ) :
«لأصالة البراءة منها مع الشك، لاحتمال كون الفائت حجة الإسلام التي لا كفارة في فواتها.»
و أفاد فی ذیل قوله : ( و لو تردد ما علیه بین الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضاً. و حيث أنها مرددة بين كفارة النذر و كفارة اليمين ... )
الظاهر أن كفارة النذر هي كفارة اليمين، كما تقدم الكلام فيه - في الجملة - في أواخر كتاب الصوم. »[1]
و أفاد السید الخوئی :
« إذا قلنا بعدم وجوب قضاء الحجّ النذري كما هو المختار لا يجب القضاء عنه أصلاً، إذ لا نعلم باشتغال ذمّته على كل تقدير فالعلم الإجمالي غير منجز.
و أما بناء على وجوب قضاء الحجّ النذري كما اختاره المصنف و غيره فالقضاء عنه متعين لثبوت القضاء عليه على كل تقدير فيتنجز بالعلم الإجمالي.
و أمّا الكفّارة فلا، لعدم العلم بكون الفائت حجّا نذرياً، فإنّ الكفّارة إنما تترتّب على حنث النذر و هو غير ثابت.
نعم:
لو علمنا بمخالفته على تقدير ثبوت الحجّ النذري في ذمته يكون وجوب الكفارة طرفاً للعلم الإجمالي، لأنه حينئذ يعلم إجمالاً إما بوجوب القضاء عنه لو كان الفائت حج الإسلام أو بوجوب الكفارة عليه إذا كان الفائت الحجّ النذري و إن لم نقل بوجوب قضاء الحجّ النذري، و لا طريق لنا إلى إثبات أحدهما إلّا بالقرعة.
هذا فيما إذا قلنا بوجوب الكفارة من مال الميت، و أمّا إذا قلنا بسقوط وجوبها بالموت و أنها ليست كالدين فكل من الطرفين غير ثابت، لأنّ الحجّ النذري لا يجب قضاؤه كما هو المختار، و المفروض عدم وجوب الكفارة و سقوطها بالموت فيصبح حجّ الإسلام مشكوكاً فيه فينفى بالأصل.
و لو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف فإن لم نعلم بالمخالفة العمديّة و احتملنا المعذورية فلا شيء عليه، لأنّ الكفّارة إنّما تثبت بالمخالفة المعدية و إحراز الحنث.
و أمّا إذا علم بالترك عمداً و أن تركه كان عن تقصير:
فإن قلنا بخروج الواجبات المالية من أصل المال فتخرج الكفارة من الأصل و إلّا فلا.
ثمّ إنه بناء على اتحاد الكفارتين و عدم المغايرة بينهما كما هو الأظهر تخرج كفّارة واحدة من التركة بناء على عدم سقوط الواجبات المالية بعد الموت.
و أمّا بناء على مغايرة كفارة النذر لكفّارة الحلف فقد ذكر في المتن أنه لا بدّ من الاحتياط، لأنّ الشك حينئذ بين المتباينين و مقتضى القاعدة هو الاشتغال إلّا أنه يكفي إطعام ستين مسكيناً لأن فيه إطعام العشرة الذي هو كفارة الحلف.
و ربما يقال بأن المسألة من صغريات الشك بين الأقل و الأكثر، و ينحل العلم الإجمالي بوجوب الأقل و الشك في الأكثر فتجري البراءة عن الأكثر و يكتفى بإطعام العشرة، فإنه القدر المتيقن و الزائد مشكوك فيه ينفى بالأصل.
و فيه:
أنّ ما اشتهر من أنّ الأقل هو المتيقن، فيه مسامحة واضحة.
فإنّ العبرة في جريان البراءة في مسألة الشك بين الأقل و الأكثر بالعلم بكون الأقل مورداً للتكليف و الشك في إطلاقه و تقييده، فالمتيقن هو الطبيعي المهمل لا على نحو بشرط شيء و لا اللّابدية بشرط القسمي.
مثلاً:
لو شك في جزئية السورة للصلاة فيرجع الشك إلى أن بقية الأجزاء مطلقة من حيث السورة أو مقيدة بها، فكل من الإطلاق و التقييد غير معلوم و ليس الأقل متيقناً.
فالمراد بكون الأقل متيقناً هو الجامع الطبيعي المهمل، و أما الطبيعي المطلق فلا نعلم به كما لا نعلم بالطبيعي المقيد، فالعلم الإجمالي الدائر بين الأقل و الأكثر هو العلم بوجوب الأقل على سبيل الإهمال. بحیث لا یکون شئٌ من الاطلاق و التقیید بمعلوم، فحینئذ تجری اصالة البراءة عن التقیید، و لا یجری الاصل فی جانب الاطلاق فانه ارفاق و لیس فیه ای کلفة بخلاف التقیید، فانه کلفة زائدة، فتجری البراءة لدفع احتمال هذه الکلفة، فلا تجری البراءة فی کلا الطرفین حتی یتحقق التعارض .
فالمحصل :
ان الطبیعة المهملة لا اشکال فی تعلق الامر بها، و التقیید بالزائد أعنی بالسورة مشکوك فیه فیدفع بالاصل. فبمقتضی حکم العقل یمکن الاجتزاء بالاقل ای بالصلاة بدون السورة .
و لکن ذلك لا یجری فی المقام بوجه .
و توضیح ذلك :
ان المیزان فی جریان البراءة عن الاکثر فی الشك بین الاقل و الاکثر ان یکون التکلیف متعلقاً بالاقل قطعاً و نشك فی اطلاقه و تقییده و تجری البراءة عن التقیید.
مثلاً: نعلم أن غير السورة من أجزاء الصلاة واجب و نشك في تقييد هذه الأجزاء بالسورة أو إطلاقها فتجري البراءة عن التقييد.
و أما لو كان متعلق التكليف في أحدهما مغايراً للآخر فتعلّق التكليف بكل منهما غير معلوم و إن كان أحدهما أقل من الآخر، و مجرد أن أحدهما أقل لا يجدي في جريان البراءة عنه.
مثلاً: لو علم إجمالاً بأنه مدين لزيد أو لعمرو، و لكن على تقدير كونه مديناً لزيد دينه أقل من دين عمرو، فلا تجري البراءة في المقام، و لا يعد ذلك من باب الشك بين الأقل و الأكثر بل الشك حينئذ بين المتباينين، لأن تعلق التكليف بكل من الأقل و الأكثر غير معلوم
هكذا الحال في مسألتنا:
فإن التكليف لم يعلم تعلقه بإطعام عشرة مساكين حتى يقال بأن الشك في إطلاقه و تقييده.
بل التكليف تعلق بالجامع المردد بين إطعام العشرة و الجامع بين إطعام الستين و عِدليه، فالشك في المقام بين المتباينين.
نعم:
بحسب الخارج تكون العشرة في ضمن الستين و إلّا فهما في الحقيقة متباينان و العبرة في الملاك الذي لأجله تجري البراءة إنما هي بملاحظة نفس التكليف و متعلقه لا بملاحظة التطبيق الخارجي.
ثم ان الاحتیاط الذی ذکره باطعام ستین ، انما یصح بالنسبة الی نفس المکلف .
و اما اذا کان الطعام عن المیت و خروجه من ترکته، فکیف یمکن الاحتیاط باعطاء الاکثر ؟
و لا موجب لالزام الوارث بشئ زائد عن دین المیت، بل یجب حینئذ الرجوع الی القرعة، لأن العلم الاجمالی قد تعلق بثبوت دین علی علی المیت مردد بین متباینین، و لا وجه للتصرف الزائد فی ملك المیت .
و قد مرّ نظير هذه المسألة في بحث الزكاة في المسألة السادسة من الختام و المسألة 30 من الخُمس و قرّبنا في التعليقة الرجوع إلى القرعة.»[2]
ثم ان المحقق الخوئی (قدس سره) أفاد فی ذیل قول الماتن : (إذا علم أن علی المیت حجاً و لم یعلم أنَّه حجة الاسلام أو حج النذری وجب قضائه عنه من غیر تعیین ... »
«الظاهر عدم الوجوب فیه و فیما بعده »
و أفاد فی ذیل قوله : (و لو تردد ما علیه بین الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الکفارة ایضاً ... )
« هذا إذا علم أنه تركه عن تقصير و قلنا بلزوم إخراج الكفارة من الأصل، و أما إذا احتمل المعذورية فلا وجه لوجوب الكفارة. ثمّ إن الاحتياط في الكفارة مبني على تغاير الكفارتين.
و لكن الأظهر أن كفارة النذر هي كفارة اليمين.
هذا مع أنه على القول بالتغاير فلا موجب للاحتياط، فإن العلم الإجمالي قد تعلق بثبوت دين على الميت مردد بين متباينين و لا موجب للاحتياط و إلزام الوارث بشيء زائد على دين الميت بل يجب حينئذ الرجوع إلى القرعة. »
و افاد المحقق العراقی فی ذیل قوله : (و حیث انها مرددة بین کفارة النذر و کفارة الیمین فلابد من الاحتیاط)
« و يمكن إرجاع المسألة إلى الأقلّ و الأكثر فلا يجب إلّا الأقلّ في طرف الإطعام. »
و افاد السید الخوانساری :
«و الظاهر کفایة الاقتصار علی الأقل .»
و افاد السید الشیرازی :
«و الظاهر کفایة الأقل و ما ذکره أحوط. »
و أفاد المحقق کاشف الغطاء :
« فالأصحّ البراءة من وجوب الزائد فإنّه من قبيل الأقلّ و الأكثر الغير الارتباطي »
و افاد السید الگلپایگانی :
« بل لا يبعد جواز الاقتصار على إطعام العشرة على القول به في اليمين. »
و أفاد السید الامام :
« الأقرب جواز الاقتصار على الأقلّ و هو إطعام العشرة لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإطعام الستّين.»
و أفاد السید الشریعتمداری :
«لا وجه للاحتیاط بناءً علی جریان البراءة فی الأقل و الأکثر الارتباطیین فی الشبهة الموضوعیة .»
و أفاد السید الأصفهانی فی ذیل قول الماتن : ( و یکفی حینئذ اطعام ستین مسکیناً ، لأنَّ فیه اطعام عشرة ایضاً الذی یکفی فی کفارة الحلف . ):
« بناءً علی القول بان کفارة النذر غیر کفارة الیمین ، و قد مرَّ فی کتاب الصوم کون کفارته کفارة الیمین لا یخلو من قوة .»
[1] . السيد محسن الحكيم ، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص351.
[2] . السيد الخوئي، مستند العروة، الحج ج 1، ص 428 - 431