بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه شصت
ومحصله:
أنه إن أريد أنه يحصل الظن بالبقاء إذا فرض له صنف أو نوع يكون الغالب في أفراده البقاء، فلا ننكره، ولذا يظن عدم النسخ عند الشك فيه.
لكنه يحتاج إلى ملاحظة الصنف أو النوع حتى لا يحصل التغاير، فإن المتطهر في الصبح إذا شك في وقت الضحى في بقاء طهارته وأراد إثبات ذلك بالغلبة، فلا ينفعه تتبع الموجودات الخارجية، مثل: بياض ثوبه وطهارته وحياة زيد وقعوده وعدم ولادة الحمل الفلاني، ونحو ذلك.
نعم، لو لوحظ صنف هذا المتطهر في وقت الصبح المتحد أو المتقارب فيما له مدخل في بقاء الطهارة، ووجد الأغلب متطهرا في هذا الزمان، حصل الظن ببقاء طهارته.
وبالجملة:
فما ذكره من ملاحظة أغلب الصنف فحصول الظن به حق، إلا أن البناء على هذا في الاستصحاب يسقطه عن الاعتبار في أكثر موارده.
وإن بني على ملاحظة الأنواع البعيدة أو الجنس البعيد أو الأبعد - وهو الممكن القار - كما هو ظاهر كلام السيد المتقدم.
ففيه:
ما تقدم من القطع بعدم جامع بين مورد الشك وموارد الاستقراء، يصلح لاستناد البقاء إليه، وفي مثله لا يحصل الظن بالإلحاق، لأنه لا بد في الظن بلحوق المشكوك بالأغلب من الظن أولا بثبوت الحكم أو الوصف للجامع، ليحصل الظن بثبوته في الفرد المشكوك.
ومما يشهد بعدم حصول الظن بالبقاء اعتبار الاستصحاب في موردين يعلم بمخالفة أحدهما للواقع، فإن المتطهر بمائع شك في كونه بولا أو ماء، يحكم باستصحاب طهارة بدنه وبقاء حدثه، مع أن الظن بهما محال.
وكذا الحوض الواحد إذا صب فيه الماء تدريجا فبلغ إلى موضع شك في بلوغ مائه كرا، فإنه يحكم حينئذ ببقاء قلته، فإذا امتلأ واخذ منه الماء تدريجا إلى ذلك الموضع، فيشك حينئذ في نقصه عن الكر، فيحكم ببقاء كريته، مع أن الظن بالقلة في الأول وبالكرية في الثاني محال.
ثم إن إثبات حجية الظن المذكور - على تقدير تسليمه - دونه خرط القتاد، خصوصا في الشبهة الخارجية التي لا تعتبر فيها الغلبة اتفاقا، فإن اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظن الحاصل من الغلبة، وعدم اعتبار الظن بنجاسته من غلبة أخرى - كطين الطريق مثلا - مما لا يجتمعان.
وكذا اعتبار قول المنكر من باب الاستصحاب مع الظن بصدق المدعي لأجل الغلبة.»[1]
وحاصل ما افاده:
ان اساس هذا الوجه على ما قرره العضدي:
«ان ما تحقق وجوده، ولم يظن عدمه او لم يعلم عدمه فهو مظنون البقاء»
وتقريبه بوجه اوضح.
ان ما احرز وجوده، ثم شك في بقائه، ولم يحصل لنا العلم او الظن بانتفائه فهو مظنون البقاء. التزم به العلامة في نهاية الأصول والمحقق القمي في القوانين.
ووجهه:
ان ما احرز ثبوته في الزمان الاول، فيمكن ثبوته في الزمان الثاني، اذ لو لم يكن ثبوته في الزمان الثاني بممكن فلا يحتمل فيه البقاء، ومع امكان ثبوته في الزمان الثاني فإنما يثبت بقائه مادام لم يتحقق ما يؤثر في اعدامه ضرورة استحالة خروج الممكن عما كان عليه من الثبوت بلا مؤثر، فإذا لم يحصل لنا العلم بمؤثر العدم وبما يوجب انتفائه لكان بقائه راحجاً، ومعناه حصول الظن بالبقاء.
وأورد عليه الشيخ قدس سره:
اولاً:
انا نمنع كون مجرد وجود الشئ في الزمان الأول مقتضياً لحصول الظن ببقائه في الزمان الثاني. ووجه المنع تتبع موارد الاستصحاب.
وثانيا:
انه اذا كان المراد من ان ثبوت شئ في الزمان الأول يفيد الظن النوعي ببقائه في الزمان الثاني ـ ولو فرضنا عدم افادته الظن الفعلي لمانع ـ فإنه لا دليل علي اعتبار هذا الظن.
وان كان المراد منه الظن الفعلي ـ الذي يكون المراد منه الظن الشخصي ـ الذي يختلف باختلاف الموارد والاشخاص والأزمان وامثالها فإنه لم يقل احد باعتباره فيما نعلم
الا ما يظهر من شيخنا البهائي قدس سره في ما افاده قدس سره في الحبل المتين:
«لا يخفي ان الظن الحاصل بالاستصحاب في من تيقن الطهارة وشك في الحدث لا يبقي علي نهج واحد، بل يضعف بطول المدة شيئاً فشيئاً.
بل قد يزول الرجحان ويتساوي الطرفان.
بل ربما يصير الراجح مرجوحاً كما اذا توضأ عند الصبح وذهل عن التحفظ، ثم شك عند المغرب في صدور الحدث منه، ولم يكن من عادته البقاء علي الطهارة في ذلك الوقت.
والحاصل:
ان المدار علي الظن، فما دام باقياً فالعمل عليه وإن ضعف...»
وأورد عليه الشيخ قدس سره:
بأن ما ذكره قدس سره مخالف للاجماع ظاهراً. لأن بناء الاعلام في العمل بالاستصحاب في الاحكام الجزئية والكلية والموضوعات خصوصاً العدميات علي عدم مراعاة الظن الفعلي.
وثالثاً:
ان ظاهر كلام العضدي، ان الاستصحاب امارة اذا لم تكن لنا امارة اخري، وذلك لأنه التزم بأنه يلزم في كون احراز شيء في زمان مقتضياً لحصول الظن بالبقاء، عدم حصول الظن بالارتفاع.
وهو ما لا يمكن المساعدة عليه: وذلك لأنه ليس في الامارات ما يكون كذلك، ثم استدرك الشيخ قدس سره بأنه يبعد ان تكون الغلبة كذلك، ومراده انه لو احرز غلبة حصول الظن بالبقاء في موارد حصول العلم بالثبوت في الزمان السابق، فربما يمكن القول بالامارية، وأما صرف اقتضاء احراز ثبوت شيء في الزمان السابق حصول الظن ببقائه، فإنه لا يمكن الالتزام به.
ثم ان الشيخ قدس سره صرف عنان البحث الي الغلبة توجيهاً للوجه، وأفاد بأنه استظهر صاحب القوانين تبعاً للسيد شارح الوافية من كلام العضدي ان المنشأ في حصول الظن من العلم بالثبوت في الزمان السابق غلبة البقاء في الأمور القابلة للبقاء اي الأمور القارة.
قال السيد: ـ بعد دعوي رجحان البقاء ـ
ان الرجحان لابد له من موجب، لأن وجود كل معلوم يدل علي وجود علة له اجمالاً، وليست هي اليقين المتقدم بنفسه، لأن ما ثبت جاز ان يدوم وجاز ان لا يدوم.
ويشبه ان يكون هي كون الأغلب في افراد الممكن القار ان يستمر وجوده بعد التحقق، فيكون رجحان وجود هذا الممكن الخاص للالحاق بالأعم الأغلب.
هذا اذا لم يكن رجحان الدوام مؤيداً بعادة او امارة، والاّ فيقوي بهما، وقس علي الوجود حال العدم اذا كان يقينياً.»[2]
وأود عليه الشيخ قدس سره
اولاً:
ان غلبة البقاء ليس المراد منها غلبة البقاء الي الابد، بل يلزم ان يكون المراد البقاء علي مقدار خاص من الزمان، وهذا المقدار الخاص ليس امراً مضبوطاً في الممكنات ولا في المستصحبات.
ولا شبهة في ان القدر المشترك بين هذا الأغلب معلوم التحقق في موارد الاستصحاب ولكن الشك في الزائد عن القدر المشترك.
وعليه فإذا كان مراد السيد حصول الظن بالبقاء في اغلب الموارد الي زمان الشك.
فتارة يكون المراد بقاء الموجودات المحققة سابقاً بأغلبها الي زمان الشك.
فيرد عليه:
اولاً: انه غير ثابت.
وثانياً:
ان بقاء الأغلب ـ مع امكان تصويره ـ لا يوجب الحاق المشكوك بالأعم الأغلب.
وذلك: لأنه بعد ما لا يحرز الربط بين هذه الوجودات فلا يمكن اسناد البقاء الي جامع بينها. بل ان البقاء في كل واحد منها يستند الي امر غير متحقق في غيره. كما انه يمكن تصوير المناط المشترك في بعضها. ولكنه غير جار في جميعها.
ان الموجودات المشاركة في الوجود ـ من الجواهر والاعراض ـ مع نجاسة الماء المتغير، لو زال التغير في الماء وشك في بقاء النجاسة لا يوجب ثبوتها في حال التغير الظن ببقائها بعد حصول التغير، والظن بعدم دخل التغير في النجاسة بعد فرض ذهاب التغير المشكوك مدخليته في بقاء النجاسة.
وذلك: لأنه بعد احتمال دخل التغير في النجاسة فكيف يحصل الظن ببقاء الاسباب الموجبة للنجاسة وما يؤثر فيها من الجواهر والاعراض المشاركة مع النجاسة.
وكذلك: في جميع الموارد التي شك في بقاء المتيقن من جهة الشك في اقتضائه للبقاء واستعداده.
هذا وإن اريد من بقاء الاغلب الي زمان الشك.
ما افاده صاحب القوانين في توجيه كلام السيد الصدر في الوافية ـ فيما مر من كلامه من ان الاغلب في الافراد الممكن القار ان يستمر وجوه بعد التحقق.. ـ
بما حصله:
ان ما افاده السيد من الظن باستمرار الوجود في غالب الممكنات القارة الا ان الظن المذكور ليس منشأوه صرف التحقق في الزمان السابق فيها، لأن السيد قدس سره افاد نفسه بأن ما ثبت جاز ان يدوم وجاز ان لا يدوم.
بل المنشأ لحصول الظن في كلامه:
انه اذا تتبعنا في الأمور الخارجية من الاعدام والموجودات فنلاحظ استمرار وجودها الأول بحسب استعداداتها وتفاوت مراتبها.
ومعه فإذا لم تعلم الحال في مورد بعد تحقق وجوده الأول، والشك في بقائه بخصوصه من جهة الشك في حد استعداده فإنما نحكم بما حصلناه من نتيجة فحصنا في الغالب، ونلحقه بالأعم الاغلب.
ثم افاد صاحب القوانين قدس سره:
«ان كل نوع من افراد الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب في أفراد ذلك النوع.
فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة، و الاستعداد الحاصل للانسان يقتضي مقدارا منه، و للفرس مقدارا آخر، و للحشرات مقدارا آخر، ولدود القز و البق و الذباب مقدارا آخر.
و كذلك الرطوبة في الصيف و الشتاء.
فههنا مرحلتان، الاولى إثبات الاستمرار في الجملة.
الثانية إثبات مقدار الاستمرار.
وفيما جهل حاله من الممكنات القارة، يثبت ظن الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت أنواعها، و ظن مقدار خاص من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.
وأفاد قدس سره بالنسبة الى مفروض البحث:
ان الحكم الشرعي مثلا، نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن، و قد يلاحظ من جهة مطلق الاحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد، و قد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الاحكام الشرعية.
فإذا أردنا التكلم في إثبات الحكم الشرعي فنأخذ الظن الذي إدعيناه من ملاحظة أغلب الاحكام الشرعية، لانه الانسب له و الاقرب إليه و إن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي و عزائم سائر العباد.
ثم إن الظن الحاصل من الغلبة في الاحكام الشرعية:
محصله:
أنا نرى أغلب الاحكام الشرعية مستمرة بحسب دليله الاول، بمعنى:
أنها ليست أحكاما آنية مختصة بآن الصدور، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنه يريد استمرار ذلك الحكم الاول من دون دلالة الحكم الاول على الاستمرار.
فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنه اكتفى، في إبداء الحكم، بالامر المطلق القابل للاستمرار و عدمه، ثم علمنا أن مراده من الامر الاول الاستمرار، نحكم فيما لم يظهر مراده بالاستمرار إلحاقا بالاغلب، فقد حصل الظن ـ و هو قول الشارع ـ بالاستمرار.
و كذلك الكلام:
في موضوعات الاحكام من الامور الخارجية، فإن غلبة البقاء تورث الظن القوي، ببقاء ما هو مجهول الحال... »[3]
وأورد عليه الشيخ قدس سره:
انه لو كان الشك في بقاء الحكم الشرعي ناشئاً من الشك في مقدار استعداده:
فإنه يمكن ان يقال:
انه ليس في الاحكام نوع ولا صنف مضبوط من حيث مقدار الاستعداد
مثلاً:
اذا شك في دخل التغير في النجاسة حدوثاً وارتفاعاً وعدمها فإنه هل ينفعنا في حصول الظن بعدم دخله فيها التتبع في الاحكام الشرعية الاخري من احكام الطهارات والنجاسات فضلاً عن الاحكام الشرعية في غير ابواب الطهارة والنجاسة مثل احكام المعاملات والسياسات.
فضلاً عن احكام الموالي الي العبيد.
وذلك:
لأن كل حكم شرعي ـ او غير شرعي ـ يكون تابعاً لمناطه وما في نفس الحاكم من الاغراض والمصالح.
فلا يجري فيه ما هو مناط في الحكم الآخر. والموضوع له غير ما هو الموضوع له في الآخر.
وعليه فإنه يمكن في مورد تصوير البقاء الي حد ولا يمكن تصويره في مورد آخر الي ذلك الحد.
ولو فرض اتحاد المناط بين الحكمين من هذه الجهة لكان من باب الاتفاق، دون الربط بينهما بحسب الماهية.
ولذلك لو اتفق ان عبداً شك في دخل شئ في حكم مولاه حدوثاً وارتفاعاً، وحصل له الظن بعدم دخله في بقاء الحكم وارتفاعه بالتتبع في احكام سائر الموالي، بل في احكام نفس المولي في الموارد المغايرة للحكم المفروض موضوعاً ومحمولاً.
لعُدّ العبد المذكور من اسفه السفهاء.
هذا اذا كان الشك في الحكم الشرعي ناشئاً من الشك في مقدار استعداد الحكم وأما اذا كان ناشئاً من الشك في الرافع:
ففي هذا المقام ايضاً ان الشك في رافعية شئٍ للحكم لا دخل له بالشك في رافعيته لسائر الاحكام.
مثلاً: ان الشك في رافعية المذي للطهارة، لا ينفع فيه التتبع في سائر موارد الشك في الرافع، كارتفاع النجاسة بالغسل وارتفاع نجاسة الماء بالاتمام كراً.
او ارتفاع طهارة الثوب او البدن بعصير العنب او الزبيب او التمر.
كما ان الشك في وجود الرافع كالشك في رافعية الموجود وعدمه في هذه الجهة.
والحاصل:
ان حصول الظن بالبقاء في الموارد التي يحصل لنا الظن بالبقاء في غالب افراد صنفه غير قابل للإنكار، ولذلك نلتزم بحصول الظن بعدم النسخ عند الشك في النسخ في حكم لأن الغالب في الاحكام عدم النسخ.
ولكن هذا امر غير جار في جميع الاحكام والموضوعات، بل يلزم لحاظ الصنف او النوع وتتبع افراده من حيث الاستعداد في البقاء وتصوير عدم الرافعية لشيء له او عدم وجود الرافع، ولولا احراز وحدتها في هذه الجهة فإن النتيجة هي التغاير.
مثلا: فإن المتطهر في الصبح اذا شك في بقاء طهارته في الظهر وأراد اثبات الظن بالبقاء بالغلبة، فإنه لا ينفعه التتبع في الموجودات الخارجية كبياض ثوبه وطهارته وحياة زيد وقعوده وعدم ولادة الحمل الخاص وامثاله.
نعم، اذا لوحظ صنف هذا المتطهر في وقت الصبح، المتحد او المتقارب له في الدخل في بقاء الطهارة ووجد بقاء الطهارة في اغلب افراده في الظرف المذكور اي الي الظهر، حصل الظن ببقاء الطهارة.
وبالجملة:
انه لو كان مراد صاحب القوانين قدس سره ملاحظة اغلب افراد الصنف فإنه يمكن القول بحصول الظن بالبقاء في موارده.
الا انه لا يتم البناء عليه في اعتبار الاستصحاب في اكثر الموارد للتأمل في حصول هذه الغلبة.
وإن كان مراده ملاحظة الانواع البعيدة او الاجناس البعيدة او الابعد وهو الممكن القار في كلام السيد الصدر، فإنه يمكن ادعاء حصول القطع بعدم جامع بين مورد الشك وموارد الاستقرار يصلح لاستناد البقاء اليه، فكيف يحصل الظن بالالحاق.
وذلك:
لأنه يلزم في حصول الظن بالحاق المشكوك بالأغلب، حصول الظن بثبوت الحكم او الوصف للجامع حتي امكن فرض الظن بثبوته في الفرد المشكوك.
وأفاد الشيخ قدس سره بعنوان الشاهد لذلك:
اعتبار الاستصحاب في موردين يعلم بمخالفة احدهما للواقع، فإن في من تطهر بمائع شك في كونه بولاً او ماءً، فإنما يحكم باستصحاب طهارة بدنه واستصحاب بقاء حدثه، مع ان الظن بهما محال، لاستلزامه حصول الظن بالمتناقضين.
وكذا:
ان الحوض الواحد اذا صب فيه الماء تدريجاً فبلغ الي موضع شك في بلوغ مائه كراً، فإنه يحكم ببقاء قلته بمقتضي استصحاب القلة.
فإذا امتلاً وأخذ منه الماء تدريجاً الي ذلك الموضع فشك حينئذ في نقصه عن الكر فيحكم ببقاء كريته، مع ان الظن بالقلة وبالكرية في الثاني بمقتضي الاستصحابين محال بعين المحذور.
ثم افاد الشيخ قدس سره:
بأنه مع تسلم حصول الظن وتسلم اقتضاء غلبة ذلك فإن تمام المشكل في اثبات حجية هذا الظن وخصوصاً بالنسبة الي الشبهات الخارجية التي لا تعتبر فيها الغلبة اتفاقاً.
فإن اعتبار استصحاب طهارة الماء من جهة الظن الحاصل من الغلبة، وعدم اعتبار الظن بنجاسته من غلبة اخري ـ كطين الطريق مثلاً ـ مما لا يجتمعان.
وكذا اعتبار قول المنكر من باب الاستصحاب، مع حصول الظن بصدق المدعي لأجل الغلبة.
هذا ما حققه الشيخ قدس سره في المقام في تقريب هذا الوجه ودفعه.
[1]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3، ص86-94.
[3] قوانين الأصول 2/53ـ 54.