بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نوزده
وما افاده العلمان فی تصویر الوحدۀ بین القضیتین فی الاستصحاب الاحکام الشرعیۀ وان المعیار فی الوحدۀ صدق البقاء عرفاً تام لا نقاش فیه .
وافاد المحقق العراقی 1 تعریضاً علی لما افاده صاحب الکفایۀ من حل الاشکال
«ثم ان في استصحاب الأحكام الكلية مطلقا و ان كان مدركها النقل إشكالا آخر.
و حاصله ان الشك في بقاء الحكم الكلي لأجل اختلاف الحالات و تبادلها راجع إلى الشك في بقاء موضوعه .
لأن موضوع الأحكام الكلية انما هو المفاهيم الكلية و باختلاف القيود و تبادل الحالات يختلف المفهوم المأخوذ موضوعا للحكم بعين اختلافه في مرحلة كونه معروضا للحسن و القبح و المصلحة و المفسدة، فإذا شك في بقاء الحكم الكلي، اما للشك في بقاء القيد المعلوم قيديته، أو لفقد ما يشك في قيديته أو لغير ذلك، يرجع هذا الشك لا محالة إلى الشك في بقاء موضوعه فلا يجري فيه الاستصحاب.
و منشأ هذا الإشكال:
هو تخيل رجوع جميع القيود التي تؤخذ في القضية بحسب اللب إلى الموضوع و ان كان بحسب ظاهر القضية راجعاً إلى الحكم:
اما لقضاء الوجدان بدخل القيود المأخوذة في القضايا الطلبية في مصلحة موضوع الحكم و عدم تعلق الاشتياق و الإرادة الفعلية الناشئة عن العلم بالمصلحة في الذات الا في ظرف تحقق جميع القيود .
أو البرهان من لا بدية كون موضوع الأحكام بعينه هو معروض المصالح فان لازمه في جميع موارد دخل القيد في مصلحة التكليف هو رجوعه إلى ما هو موضوع التكليف، و إلّا فبدونه يلزم إطلاق مصلحة الموضوع لعدم الواسطة بين الإطلاق و التقييد و استحالة الإهمال النّفس الأمري .
و لازم الإطلاق المزبور هو تحقق المصلحة في الذات و لو مع عدم وجود القيد و هو مساوق عدم دخله في مصلحة التكليف و هو خلف»[1].
هذا ما افاده من تقریب الاشکال وبیان منشئه وهو توهم رجوع جمیع القیود الی الموضوع واقعاً، وان کان رجعاً الی الحکم بحسب ظاهر القضیۀ .
وقد اجاب 1 عن الاشکال بدفع التوهم المزبور قال:
«و لكن فيه ما لا يخفى:
من الفرق بين قيود الحكم و قيود الموضوع .
فان مرجع كون الشيء قيداً للوجوب و الحكم كما أوضحناه في مبحث المقدمة في شرح الواجبات المشروطة إلى دخله بنحو العلية لأصل الاحتياج إلى الشيء الّذي به يصير الشيء متصفاً بكونه ذات مصلحة كالزوال و الاستطاعة بالنسبة إلى الصلاة و الحج في قبال قيود الواجب الراجعة إلى دخلها في تحقق المحتاج إليه و وجود ما هو المتصف بالمصلحة فارغا عن الاتصاف بكونه صلاحا كالطهور و الستر بالنسبة إلى الصلاة .
و من الواضح عدم صلاحية رجوع مثل هذه القيود في لب الإرادة إلى الذات المعروضة للمصلحة .
لأن كون الشيء من الجهات التعليلية للحكم و من علل اتصاف الشيء بكونه ذات مصلحة و ان كان موجباً لضيق قهري في طرف الحكم و المصلحة و يمنع عن إطلاقهما، لاستحالة ان يكون للشيء إطلاق يشمل حال عدم علمه و يستتبع ذلك أيضا نحو ضيق فرضي في طرف الذات التي هي معروض هذه المصلحة، لامتناع أوسعية دائرة الموضوع عن حكمه، و لكن لا يكاد يقيد به الذات، لأنه من المستحيل تقيد الموضوع بحكمه أو بما هو من علله .
بل الموضوع في نحو هذه القضايا عبارة عن الذات العارية عن حيثيتي الإطلاق و التقييد، كما هو الشأن في كل معروض بالنسبة إلى عرضه في الاعراض الخارجية و غيرها ،حيث ان كل عرض بعروضه على الذات يوجب ضيقاً في ذات معروضه بنحو لا يكون لها إطلاق يشمل حال عدم عارضه و مع ذلك لا تكون مقيدة به أيضا و انما هي حصة من الذات التوأمة مع الحكم على نحو القضية الحينية لا مطلقة و لا مقيدة به .
[1] . نهاية الأفكار، ج4قسم1، ص، 10و11.