درس خارج اصول/ المقصد السابع : اصول عمليه/ الاستصحاب / جلسه یـازده
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه یـازده
اما الأمر الثانی:
قد مر انه التزم صاحب الکفایۀ 1 بأن البحث فی الاستصحاب یعد من المسائل الاصولیۀ، بلا فرق بین الالتزام بکونه من الأصول العملیۀ التی هی وظیفۀ الشک او نلتزم بأنه من الادلۀ الظنیة.
ولا شبهۀ فی انه لو التزمنا باعتبار الاستصحاب من باب بناء العقلاء او اعتباره من باب الادراک العقلی الظنی لکان بحث الاستصحاب من المسائل الاصولیۀ، کالبحث عن حجیۀ سائر الامارات، فتمام الکلام فی المقام انما یکون فیما لو التزمنا بأنه من الاصول العملیۀ کما هو التزام جل المتأخرین.
وعمدۀ الاشکال فی المقام، ان الاستصحاب قاعدۀ مستفادۀ من السنة وأنه من القواعد الفقهیة، وقد مر فی كلام الشیخ فی الرسائل:
«و أمّا على القول بكونه من الاصول العمليّة، ففي كونه من المسائل الاصوليّة غموض؛ من حيث إنّ الاستصحاب حينئذ قاعدة مستفادة من السنّة، و ليس التكلّم فيه تكلّما في أحوال السنّة، بل هو نظير سائر القواعد المستفادة من الكتاب و السنّة، و المسألة الاصوليّة هي التي بمعونتها يستنبط هذه القاعدة من قولهم عليهم السّلام: «لا تنقض اليقين بالشكّ»[1]».
وقد رفع هذه الغموض 1 بأنّ مفاد الاستصحاب لیس حکم عمل المكلف بلا واسطۀ حتی امکن اندراجه فی القواعد الفقهیة، وإن کان تنتهي امره الی حکم عمل المکلف .. .
مع انه ربما یکون مجری الاستصحاب الحکم الأصولي کالحجیۀ، ولا وجه لتصویره حینئذ فی القواعد الفقهیۀ بوجه.
وظاهره بیان الفارق بین المسألۀ الاصولیۀ والقاعدۀ الفقهیة، بأن مفاد القاعدۀ حکم عمل المکلف بلا واسطۀ، ومفاد المسألۀ الاصولیة لیس حکم عمل المکلف بلا واسطۀ.
وقبل الخوض فی بیان ما هو مقتضی التحقیق بیان الفارق بین المسئلۀ الاصولیۀ والقاعدۀ الفقهیة:
فتقول: ان القاعدۀ الفقهیة عرفت فی کلمات الاصحاب بوجوه:
الاول: ما افاده الشیخ 1
بأن المسائل الاصولیة هی البحث عن القواعد الممهدت لاستنباط الاحکام الشرعیة، ویختص اجرائها فی مواردها بالمستنبط والمجتهد لا حظ للمقلد فیها، والقواعد الفقهیة یکون تطبیقها واجرائها فی مواردها بید المقلد ووضحه المحقق النائینی 1 .
قال المحقق النائینی 1 :
« نتيجة المسألة الأصوليّة إنّما تنفع المجتهد و لا حظّ للمقلّد فيها، و من هنا ليس للمجتهد الفتوى بمضمون النتيجة، و لا يجوز له أن يفتي في الرسائل العمليّة بحجيّة الخبر الواحد القائم على الأحكام الشرعيّة مثلا، لأنّ تطبيق النتيجة على الخارجيّات ليس بيد المقلّد بل هو من وظيفة المجتهد. و أمّا النتيجة في القاعدة الفقهيّة فهي تنفع المقلّد، و يجوز للمجتهد الفتوى بها، و يكون أمر تطبيقها بيد المقلّد، كما يفتي بقاعدة التجاوز و الفراغ و الضرر و الحرج و ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده و بالعكس، و غير ذلك من القواعد الفقهيّة[2].
ومنها: ما افاده النائینی 1
«أنّ النتيجة في المسألة الأصوليّة إنّما تكون كلّية و لا يمكن أن تكون جزئيّة، و هذا بخلاف النتيجة في القاعدة الفقهيّة فانّها تكون جزئيّة، و لو فرض أنّه في مورد كانت النتيجة كلّيّة ففي مورد آخر تكون جزئيّة. فالمائز بين المسألة الأصوليّة و القاعدة الفقهيّة، هو أنّ النتيجة في المسألة الأصوليّة دائما تكون حكما كلّيّا لا يتعلّق بعمل آحاد المكلّفين إلّا بعد التطبيق الخارجي، و أمّا النتيجة في القاعدة الفقهيّة فقد تكون جزئيّة لا تحتاج في تعلّقها بعمل الآحاد إلى التطبيق، بل غالبا تكون كذلك[3]».
[1] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج3، ص18.
[2] . الشيخ محمد علي الكاظمي، فوائد الاصول تقرير البحث السيد النائيني، ج4، ص309و310.
[3] . الشيخ محمد علي الكاظمي، فوائد الاصول تقرير البحث السيد النائيني، ج4، ص309.