بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتادم
قال الشيخ قدس سره في الرسائل:
«ثم لا يتوهم الاحتياج حينئذ إلى تصرف في اليقين بإرادة المتيقن منه، لأن التصرف لازم على كل حال.
فإن النقض الاختياري القابل لورود النهي عليه لا يتعلق بنفس اليقين على كل تقدير، بل المراد: نقض ما كان على يقين منه - وهو الطهارة السابقة - أو أحكام اليقين.
والمراد ب " أحكام اليقين " ليس أحكام نفس وصف اليقين، إذ لو فرضنا حكما شرعيا محمولا على نفس صفة اليقين ارتفع بالشك قطعا، كمن نذر فعلا في مدة اليقين بحياة زيد، ويعني بالفعل مثل الصدفة ونحوها.
بل المراد: أحكام المتيقن المثبتة له من جهة اليقين، وهذه الأحكام كنفس المتيقن أيضا لها استمرار شأني لا يرتفع إلا بالرافع، فإن جواز الدخول في الصلاة بالطهارة أمر مستمر إلى أن يحدث ناقضها... ).
ثم ان صاحب الكفاية قدس سره تعرض لاشكال آخر في المقام:
وهو: انه لابد ان يراد من اليقين في المقام المتيقن او الآثار المترتبة عليه من جهة اليقين دون ذات اليقين، فإنه لا محيص عنه.
وذلك:
لأنه لا يصح اسناد النقض الي اليقين ولو بحسب البناء والعمل، الا اذا كان لوصف اليقين اثر شرعي مترتب عليه، مثل ما مر في كلام الشيخ قدس سره من انه لو نذر ان يتصدق كل يوم بدرهم مادام متيقناً بحياة زيد، فإن في مثله صح اسناد النقض الي اليقين بحسب الأثر المترتب علي وصف اليقين.
وأما اذا لم يكن لوصف اليقين اثر شرعي كما في مورد الرواية، بل كان الاثر الشرعي مثل جواز الدخول في الصلاة ونحوها مترتباً علي المتيقن اي الطهارة في المقام، فإنه يلزم ان يكون المراد من اليقين المتيقن او الآثار المترتبة عليه في مقام اسناد النقض ويكون معني قوله ولا ينقض اليقين بالشك، لا ينقض المتيقن ـ وهو الطهارة ـ عملاً او بناءً بعدم ترتيب ما يترتب عليه من الآثار كجواز الدخول في الصلاة.
وأجاب قدس سره عن ذلك:
بما محصله: ان هذا الاشكال انما يلزم اذا كان الملحوظ في مقام اسناد النقض نفس اليقين بما هي، واليقين الملحوظ بالنظر الاستقلالي.
وأما لو كان الملحوظ: اليقين لا بما هو بل علي نحو المرآتية وبالنظر الآلي، اي بما هو مرآة للمتيقن، او للآثار المترتبة علي اليقين كما هو مقتضي الظهور في مورد الرواية بقوله (ع): لا تنقض اليقين بالشك. فإنه ظاهر عرفاً في كونه كناية عن لزوم البناء والعمل بالتزام حكم مماثل للمتيقن تعبداً.
وفي هذا التعبير منه قدس سره بقوله: «حيث تكون ظاهرة في انها كناية عن لزوم البناء والعمل بالتزام حكم مماثل للمتيقن اشارة الي ما سيأتي منه في التنبيه السابع من تنبيهات الاستصحاب:
«لا شبهة ان قضية اخبار الباب هو انشاء حكم مماثل للمستصحب في استصحاب الاحكام، ولأحكامه في استصحاب الموضوعات...»
ومقصوده قدس سره من هذه الاشارة في المقام:
ان بناءً علي ما التزمنا به من كون اليقين ملحوظاً في المقام علي نحو المرآتية لكان المراد من قوله (ع) ولا ينقض اليقين بالشك... بمقتضي ظهوره.