بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و پنجم
وقد استمر الکلام السيد الاستاذ قدس سره:
«... ومما بيناه يتضح ان ما أفاده صاحب الكفاية - من صدق النقض مطلقا بملاحظة ما اليقين من الاستحكام، ولذا يقال: " انتقض اليقين باشتعال السراج " إذا انطفأ لانتهاء نفطه - مثلا -، ولا يلحظ في صدق النقض قابلية الشئ للاستمرار، ولذا لا يصدق: " نقضت الحجر من مكانه " -. في غير محله.
فإنه مضافا إلى التشكيك في تصور الاستحكام بالنسبة إلى اليقين، ان النقض لا يصدق بلحاظ الاستحكام جزما، فإنه لا يصدق النقض على رفع الحجر المثبت في الأرض بنحو مستحكم جدا، فلا يقال لرفعه انه نقض، بل النقض - كما عرفت انما يصدق بلحاظ فت الاجزاء المتصلة للمركب اما حقيقة أو مسامحة.
واما دعوى صدق النقض في مثال السراج فقد عرفت ما فيها، ولم يثبت ركاكة صدق النقض في مثال الحجر إذا كان الملحوظ انتقاض. استمرار». [1]
ثم لا يخفى عليك:
انه لا يعتبر أن يكون متعلق النقض مما فيه إبرام فعلا ، لصدق النقض بدونه ، كما لو كان صف من اشخاص واقفين بلا استحكام وإبرام فيه ، فتفرقة افراد الصف نقض للصف مع عدم الابرام . ولعله مما يشهد لما ذكرنا :
ان أهل اللغة يفسرون نقض الحكم برفعه في مقابل ابرامه ، فيجعلون الابرام في عرض النقض لا في مرحلة سابقة عليه .
كما لا يعتبر فيه الاستحكام أو الاستمساك ، فان جميع ذلك لزوم ما لا يلزم ، لصدق النقض بدونه جزما كمثال الصف المتقدم .
وبالجملة :
لا يعتبر في متعلق النقض شئ مما ذكر من الابرام أو الاستحكام أو التماسك ، بل المعتبر كونه ذا اجزاء ، فانفصام وحدته التركيبية وانفصال اجزائه بعضها عن بعض وتشتتها يعد نقضا .
وقد عرفت أن صدق النقض فيما لا اجزاء له كالحكم والعهد انما يكون بنحو المجاز بلحاظ الوحدة الاستمرارية .
وبذلك يظهر :
ان صدق النقض في مورد اليقين يكون مجازيا ، لأنه لا اجزاء له ، فلا بد من ملاحظة وحدته الاستمرارية ، فرفع اليد عن استمراره يكون نقضا له .
ولا يخفى ان رفع اليد عن استمراره وانقطاع الاتصال في عمود الزمان ينشأ . .
تارة : من انتهاء أمد الشئ لتحديد ثبوته بأمد خاص ، كالزوجية المنقطعة بعد انتهاء الزمن .
وأخرى : من وجود ما يرفعه بحيث لولاه لاستمر وجوده لعدم تحديده بأمد معين .
ونقض الشئ بلحاظ عدم استمراره انما يصدق في المورد الثاني لا المورد الأول ، فلا يكون ارتفاع الطهارة الموقتة بوقت خاص بعد حصول الوقت نقضا لها .
واما ارتفاعها بالحدث القاطع لاستمرارها فيعد نقضا لها . كما أن انتهاء الصلاة بالسلام والخروج عن الصلاة به لا يكون نقضا للصلاة ، لكن الخروج عن الصلاة بالحدث يكون نقضا لها . والزوجية لا تنتقض بانتهاء المدة ، لكنها تنتقض بالفسخ أو الطلاق ، كما أن ملكية البطون للوقف لا تنتقض بانعدام البطن ، ولكن الملكية تنتقض بالفسخ والكفر في بعض الموارد . وهذا واضح لا غبار عليه .
وعلى هذا نقول :
ان صدق نقض اليقين بلحاظ وحدته الاستمرارية – كما عرفت - وبما أن اليقين يتبع المتيقن ، فاستمراره باستمرار وجود اليقين وارتفاعه بارتفاع المتيقن .
وعليه ، فارتفاع اليقين تارة :
يكون لاجل ارتفاع المتيقن من جهة انتهاء أمده وتمامية استعداده للبقاء .
وأخرى : لارتفاع المتيقن من جهة تحقق ما يرفعه مع استعداده للبقاء لولا الرافع .
وانتقاض اليقين انما يصدق في الصورة الثانية دون الأولى...».[2]
[1]، الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج6 ص 56-57.
[2] . الشهید السید عبدالصاحب الحکیم، منتقی الاصول تقریر البحث السید محمد الروحانی، ج6، ص55-57.