بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و هفتم
وأفاد السيد الخوئي قدس سره بعد قول صاحب العروة:
«ثم الظاهر اختصاص حكم الاجزاء بحجة الاسلام فلا يجري الحكم في حج النذر والافساد اذا مات في الاثناء...»
«لما عرفت من ان الاجزاء على خلاف القاعدة ويحتاج إلى دليل خاص ولا دليل على ذلك في المقام ، والدليل إنما هو في مورد حجّ الإسلام ، والحجّ النذري والإفسادي ليسا بحج الإسلام بناء على أن حجّ الإسلام في مورد الحجّ الافسادي هو الأوّل والثاني من باب العقوبة ، فيجب القضاء عنه ، فإن قلنا بأنه يخرج من صلب المال كالحج الأصلي فهو وإلَّا فإن أوصى يخرج من الثلث»[1].
وقد افاد السيد البروجردي قدس سره في حاشيته في ذيل قول صاحب العروة:
(ثم الظاهر اختصاص حكم الاجزاء بحجة الاسلام، فلا يجري في حج النذر والافساد...)
«جريانه في غيرها لا يخلو عن قرب، نعم ما ذكره احوط.»
وفي حاشية السيد الگلپايگاني:
«بل مقتضي اطلاق بعض الأخبار التعميم.»
وفي حاشية السيد السبزواري:
«بل الاحوط.»
ويمكن ان يقال:
ان ظاهر الاخبار الواردة في المقام اختصاص الاجزاء بحجة الاسلام، لأن في صحيحة ضريس عن ابي جعفر (ع) في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق فقال: ان مات في الحرم فقد اجزأت عنه حجة الاسلام.
وفي صحيحة بريد العجلي: ان كان صرورة ثم مات في الحرم فقد اجزأ عنه حجة الاسلام.
نعم:
في صحيحة زرارة عن ابي جعفر (ع) اذا احصر الرجل بعث بهديه الي ان قال:
قلت: فإن مات وهو محرم قبل ان ينتهي الي مكة، قال: يحج عنه ان كان حجة الاسلام ويعتمر انما هو شئ عليه.
فإن السؤال انما وقع عما هو اعم من حجة الاسلام. وافاد الامام (ع) في مقام الجواب: يحج عنه ان كان حجة الاسلام، وهو ظاهر في وجوب القضاء ان كان حجة الاسلام اذا مات في الحرم قبل ان ينتهي الي مكة، ومفهوم الاجزاء اذا انتهي.
وافاد (ع) بعد ذلك ويعتمر، وظاهره انه جملة اخري عطفت علي الجملة الاولي: اي ويعتمر عنه. وفي الجملة الثانية ليس قيد حجة الاسلام.
ولو فرض ان القيد كان راجعاً الي الأمرين لزم ذكره في الخاتمة.
مع ان قوله (ع) يحج عنه شامل لفعل الحج ولفعل العمرة معاً، ولا يحتاج بيان عدم الاجزاء عن حجة الاسلام الي ذكره ثانياً.
وعليه فإن مع اطلاق السؤال كان من المحتمل شموله للعمرة المفردة اذا فرض وجوبها بالنذر او مطلقا.
وقوله (ع): انما هو شئ عليه بيان لعلة الاحجاج والاعتمار عنه، وهو كون الحكم واجباً عليه الممكن شموله لجميع الموارد التي وقع الفعل علي ذمته.
ومعه يمكن فرض شمول المفهوم لما هو اعم من حجة الاسلام.
واصرح منها:
مرسلة المفيد قدس سره في المقنعة، فإن فيها: من خرج حاجاً فمات في الطريق، فإنه ان كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجة، فإن مات قبل دخول الحرم لم يسقط عنه الحج وليقض عنه وليّه.
فإن قوله (ع): من خرج حاجاً، اي من خرج يريد الحج، والظاهر عدم الاختصاص بحجة الاسلام، لأنه صادق علي من خرج للحج النذري او الحج العقوبتي، فإنه لو ارادهما عند الخروج لكان حاجاً
كما يدل علي التعميم قوله (ع) سقطت عنه الحجة اذا مات في الحرم، فإن الحجة عامة لكل من النذري والعقوبتي.
وايضاً ان قوله (ع) لم يسقط عنه الحج، لم يقيد بخصوص حجة الاسلام بل يعمهما اضافة عليها.
وبالجملة:
ان ما افاده السيد الگلپايگاني في حاشيته بل مقتضي اطلاق بعض الاخبار التعميم لا يخلو عن وجه.
ثم ان مع عدم ثبوت الاطلاق في الاخبار الواردة في المقام، فإن اجزاء فعل من دخل في الحرم محرماً يكون علي خلاف القاعدة، كما افادو لأن مقتضي القاعدة اجزاء الاتيان بالمأمور به بتمامه دون الناقص، ومعه فلو شك في شمول هذه الاخبار لمورد كالمقام لزم الأخذ بالمتيقن، وهو خصوص حجة الاسلام.
والقول بالتعميم في المقام يبتني علي الغاء خصوصية حجة الاسلام في موضوع الاجزاء واسراء الحكم منها الي غيرها بتنقيح المناط، وهذا انما يمكن اذا لم يكن لخصوص حجة الاسلام ميز وخصوصية تقتضي توجه الحكم بها.
والخصوصية في حجة الاسلام اهميتها واهتمام الشارع بها وان الاجزاء في مقامها في الحقيقة تشويق، وامتنان بالنسبة اليه.
نعم: يكون من المحتمل ارادة الشارع التوسعة في عبادة الحج بأقسامه وان من ادرك بعضها كمن ادرك تمامها اذا مات فيكون الاهتمام في تفريغ ذمة المكلف مهما كان وعدم بقاء اشتغالها.
والحاصل ان حصر الموضوع في حجة الاسلام وان كان احوط الا ان التعميم لا يخلو عن وجه
[1] مستند العروة الوثقى ج1 ص260.