بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صــد و شـش
قال صاحب العروة:
«مسألة61:
يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلو كان مريضا لا يقدر على الركوب أو كان حرجا عليه ولو على المحمل أو الكنيسة لم يجب وكذا لو تمكن من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤنته، وكذا لو احتاج إلى خادم ولم يكن عنده مؤنته.»[1]
وفي الجواهر: العلامۀ في المنتهی: کانه اجماعي.
وعن المعتبر اتفاق العلماء عليه.
قال السید الخوئی (قدس سره):
« لا خلاف في اعتبار صحّة البدن وخلو المكلف من المرض الذي يضر الحجّ معه، وتدل عليه الروايات المفسرة للاستطاعة كصحيحة هشام الواردة في تفسير الآية الشريفة: «من كان صحيحاً في بدنه مخلّى سِربه» ونحوها: صحيحة محمّد الخثعمي وغيرها.
فلو كان مريضاً لا يقدر على الركوب ولو على المحمل أو الكنيسة لم يجب الحجّ، وأُلحق بذلك ما لو كان مريضاً لا يقدر على ركوب الدابّة ولا يقدر على السفر منفرداً ولكن يتمكن من الركوب على المحمل أو الكنيسة، أو أن يستصحب معه خادماً ومساعداً ولكن لم تكن عنده مؤونته .
وهل سقوط وجوب الحجّ فيما أُلحق إنما هو لأجل المرض أو لأجل قلة المال وعدم وفائه؟
وتظهر الثمرة:
في وجوب الاستنابة، فإنّ السقوط لو كان مستنداً إلى عدم التمكن المالي وعدم وفائه يسقط الحجّ بالمرة لعدم كونه مستطيعاً فلا تجب الاستنابة.
وأما إذا كان مستنداً إلى المرض فتجب الاستنابة كما في النصوص، والظاهر أنّ المقام من القسم الثاني، وذلك لأنّ الواجب هو طبيعي الحجّ بـأي نحـو كان ولا يختص بنحـو دون آخـر.
والمفروض أنّـه مستطيـع مـن حيث الاستطاعة المالية بالركوب على الدابة والسفر إلى الحجّ وإنما يمنعه المرض من ذلك، فمباشرة الحجّ بنفسه غير مقدورة له لأجل المرض، ولكنه متمكن من التسبيب فيشمله ما دلّ على وجوب استنابة المريض إذا كان موسراً ولم يتمكن من المباشرة كقوله: «لو أنّ رجلاً أراد الحجّ فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهز رجلاً من ماله ثمّ ليبعثه مكانه».
وفي صحيح الحلبي: «إن كان موسراً وحال بينه وبين الحجّ مرض فإنّ عليه أن يحجّ عنه من ماله صرورة لا مال له».»[2]
هذا وقد عرفت فيه انه يعتبر صحة البدن وخلوه عما يمنعه عن الاتيان بالحج في وجوب الحج.
وقد افاد بانه تدل عليه الروايات المفسرة للاستطاعة وذکر منها:
1 ـ ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد عن أبيه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز وجل: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة.[3]
ومدلولها: تبيين مفهوم السبيل بصحة البدن کتخلية السرب والتمکن من الزاد و الراحلة.
اما جهة السند فيها:
فرواه الصدوق عن ابيه، وهو من اجلاء الاصحاب ومن الطبقة التاسعة.
وهو رواه عن علي بن ابراهيم ولا کلام في وثقاته، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن ابيه ابراهيم بن هاشم، وقد مر تمامية وثاقته، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو غني عن التوثيق ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن هشام بن الحکم، قال فيه النجاشي: «وکان ثقة في الروايات» ومثله عن العلامة وراد «وکان ممن فتق الکلام في الامامة وهذب المذهب بالنظر، وکان حاذقاً بصناعة الکلام حاضر الجواب.» وهو من الطبقة الخامسة. فالروایۀ صحیحۀ.
2 ـ ما رواه الکليني عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: سأل حفص الكناسي أبا عبد الله ( عليه السلام ) وأنا عنده عن قول الله عز وجل: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )، ما يعني بذلك؟
قال: من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه، له زاد وراحلة.
فهو ممن يستطيع الحج، أو قال: ممن كان له مال، فقال له: حفص الكناسي: فإذا كان صحيحا في بدنه، مخلى في سربه، له زاد وراحلة، فلم يحج، فهو ممن يستطيع الحج؟ قال: نعم.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب.[4]
اما الدلالة:
فهي صريحة کسابقها في تبيين السبيل في الآية وانه تتحقق الاستطاعة بصحة البدن مثل التمکن من الزاد و الراحلة وتخلية السرب.
اما جهة السند فيها:
فرواه الکليني عن علي بن ابراهيم، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن ابيه ابراهيم بن هاشم، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن محمد بن يحيی الخثعمي.
وهو محمد بن يحيی بن سلمان الخثعمي الکوفي، وثقه النجاشي وکذا العلامة، وهو من الطبقة الخامسة.
وهذه الرواية صحيحة ايضاً.
ومثلهما روايات اخری مدلولها اعتبار صحة البدن في وجوب الحج.
کما انه لا کلام في عدم وجوب الحج لو کان لا يقدر علی الرکوب ولو علی المحمل او الکنيسة، او لا يقدر علی السفر منفرداً او لا يقدر الا ان يستصحب معه خادماً ولکن لم تکن عنده مؤونته.
وافاد السيد الخوئي (قدس سره) بان البحث هنا في ان المريض اذا لم يتمکن من الرکوب ويحتاج في سفره الی المحمل او الکنيسة، او لا يتمکن منه منفرداً او يحتاج الی الخادم ولم يکن عنده المؤونة لها فهل يکون عدم وجوب الحج عليه مستنداً الی عدم التمکن المالي فيسقط عنه الحج لعدم تحقق الاستطاعة له وطبعاً لا وجه لوجوب الاستنابة، او ان عدم وجوب الحج مستند الی المرض فتجب عليه الاستنابة واختار (قدس سره) ان المقام من القسم الثاني اي کون عدم الوجوب مستنداً الی المرض فتجب عليه الاستنابة.
ووجهه: بان الواجب عليه انما هو طبيعي الحج والمفروض انه مستطيع من حيث الاستطاعة المالية بالرکوب على الدابة والسفر الی الحج وانما يمنعه المرض من ذلک، فيما ان مباشرة الحج بنفسه غير مقدورة لاجل المرض ولکنه متمکن من التسبيب فيشمله ما دل علی وجوب استنابة المريض اذا کان موسراً ولم يمکن من المباشرة.
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 416.
[2] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص215-216.
[3] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص35، الحديث 14173/7.
[4] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص34، الحديث 14170/4.