بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و ششم
هذا، وقد عرفت ان طرق الحديث عامية وليس عندنا طريق الا ما نقله علي بن ابراهيم في تفسيره مرسلاً: وكذا ما نقله في مجمع البحرين وغيره كذلك وبالجملة: ان اشتهار الحديث من جهة النقل، ولو من غير طرقنا، يمنع عن الالتزام بالضعف في سنده، لان الاشتهار المذكور ولو من غير طرقنا في القضايا المختلفة، من دون احتمال القلب والتزوير في النقل من جهة عدم ارتباطه بمسألة الامامة وامثالها تكون قرينة على اعتباره عقلاءً.
وعليه، فلا كلام لنا في سند الحديث خصوصاً مع استناد عمدة فقهائنا به في كثر من ابواب الفقه كمسألة قضاء الصلاة والزكاة والحج وغيرها.
والاخبار بمقتضى استنادهم لا يختص بالمروي من طرقنا كما هو الحال في غيره مما ينقل عن النبي صلي الله عليه وآله مرسلاً، المشهور عندنا.
اما البحث في دلالة هذا الحديث.
فان الدقة في القضايا المختلفة التي كان الحكم مستند اليه فيما نقل عن النبي انما تفيد:
ان موضوع الاستناد العفو عن مظالم الاشخاص وتعدياتهم بالنسبة الى النبي صلي الله عليه وآله والى المسلمين قبل اسلامهم او قبل هجرتهم الى المدينة بعد حضور النبي صلى الله عليه وآله فيها، ولا ظهور في هذه القضايا في كون هذا العفو والمضي مستنداً الى تركهم التكاليف المتعلقة اليهم من ناحية الاسلام في حال كفرهم. بل المدار فيها على حصول الاطمئنان لهم بان النبي صلي الله عليه وآله لا يأخذونهم بعد اسلامهم او هجرتهم بما فعلوا عليه في الحروب وغيرها.
ويؤكد هذا المعنى ورود قوله (الاسلام يجب ما قبله) بـ (التوبة تجب ما قبلها) فان ما تحبه التوبة العقوبات المترتبة على ارتكاب المعاصي وترك الواجبات، ولا نظر لها بوجه الى حجب التكاليف، فانه لا تجب التوبة قضاء الصلاة او الصيام لعدم كونها ناظرة الى التكاليف والخطابات وكذا ما يقترن به من قوله الهجرة تجب ما قبلها. فان ما يعملون قبل الهجرة انما يكون المراد منه ما يعملون في مخالفة الاسلام وقتل المسلمين في الحروب واخذ اموالهم وايذائهم.
نعم:
في ما نقله في مجمع البحرين: الاسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها من الكفر والمعاصي والذنوب. وهو ظاهر في رجوع الذيل الى كلا الاسلام والتوبة، وكانه قال الاسلام يجب ما قبله من الكفر والمعاصي والذنوب.
وهذ ما يمكن ان يستظهر منه ان الكفار كانوا مكلفين بترك المعاصي في زمان كفرهم.
ولكن قوله ان الاسلام يجب الكفر ظاهره ان الاسلام يجب نفس الكفر لا انه يجب ما ثبت حال الكفر.
ومعه فيرجع المعني الى ان ما وقع منهم من التقصير في عدم قبول الاسلام مع قيام الحجة عليهم انما يجب منهم بعد قبول الاسلام.
هذا ولكن المتسالم عليه بين اصحابنا الاستناد الى هذا الحديث يجب التكاليف والخطابات على نحو الاطلاق بما يشمل الاحكام وهذا التسالم وان كان ينافي القرائن الصريحة المذكور في القضايا المختلفة الواردة في نقل الحديث. الا ان الظاهر تمامية اطلاق الحديث عندهم بما هو اعم مما صدر عنهم في مقام ايذاء النبي والمسلمين وهنا بحث، وهو ان الاشتهار والتسالم بين الاستصحاب كما يوجب اخبار الضعف في السند كذلك يوجب الانجبار في الدلالة وكانه يوجب تتميم الدلالة من الموارد الخاصة المذكورة في القضايا الى الاطلاق.
وهذا المبني وان كان غير تام عند بعضهم الا انه مورد لقبول جماعة من الاعاظم.
حتى ان مثل السيد الخوئي (قدس سره) القائل بضعف السند في الحديث ومع عدم التزامه بجبر السند بالتسالم فضلاً عن الدلالة انما افاد بان التسالم بينهم هو بنفسه الوجه لشمول الجب بالنسبة الى الخطابات وهذا وان قال به على فرض التسلم من عدم كون الكافر مكلفين الا انه يقيد اهمية هذا التسالم.
ونحن بعد التزامنا بعدم تكليف الكفار في الفروع ثبوتا واثباتاً لفي راحة من جهة هذا الاشكال، اي التسالم بينهم.
مع ما مر:
من ان هذا التسالم لا يوجب اجماعاً تعبدياً بعد احراز استنادهم في فتاواهم الى الحديث المذكور، ولا شهرة متلقاة بينهم بعد ما مر من قيام السيرة المسلمة من المتشرعة على عدم اخذ الكفار بالفروع في زمان كفرهم.
وما مر:
من انه لم ينقل عن النبي او الائمة الذي كانوا مبسوط اليه طلب الزكاة منهم وكذا غيرها من الحقوق المالية وعدم تعرضهم لأموال الكفار المأخوذة عن الحرام عندنا.