بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نـود و چهار
مسأله 59:
لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده ويحج به، كما لا يجب على الوالد أن يبذل له.
وكذا لا يجب على الولد بذل المال لوالده ليحج به.
وكذا لا يجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحج.
والقول بجواز ذلك أو وجوبه كما عن الشيخ ضعيف، وإن كان يدل عليه صحيح سعد بن يسار سئل الصادق (عليه السلام) الرجل يحج من مال ابنه وهو صغير؟ قال: نعم يحج منه حجة الإسلام.
قال: وينفق منه؟ قال نعم.
ثم قال: إن مال الولد لوالده، إن رجلا اختصم هو ووالده إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقضى أن المال والولد للوالد.
وذلك لإعراض الأصحاب عنه.
مع إمكان حمله على الاقتراض من ماله مع استطاعته من مال نفسه، أو على ما إذا كان فقيرا وكانت نفقته على ولده ولم يكن نفقة السفر إلى الحج أزيد من نفقته في الحضر إذ الظاهر الوجوب حينئذ.»[1]
اما اصل المسألة:
وهو عدم وجوب بذل الولد المال لوالده ليحج به، وعدم جواز اخذ الوالد من مال ولده للحج. فهو مطابق لنظر المشهور من فقهائنا، ومطابق لمقتضی قاعدة السلطنة، وعموم: «لا يحل لاحد ان يتصرف فی مال غيره بغير اذنه»
کما فی التوقيع الشريف
وتدل عليه النصوص الخاصة:
منها:
ما رواه الکليني عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن علي بن جعفر، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
سألته عن الرجل يأكل من مال ولده؟ قال: لا إلا أن يضطر إليه فيأكل منه بالمعروف، ولا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئا إلا باذن والده.
ورواه الحميري في ( قرب الإسناد ) عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر إلا أنه قال: لا إلا بإذنه أو يضطر فيأكل بالمعروف أو يستقرض منه حتى يعطيه إذا أيسر.[2]
اما جهة الدلالة فيها:
فانها صريحة فی عدم جواز اخذ الوالد من مال ولده، الا ان يکون الوالد فی اضطرار، فيحوز له التصرف فيه بالمعروف وظاهر جواز الاخذ فی حال الاضطرار، اخذ منه فيما يضطر فی معاشه، وان الحکم بالجواز محصور فی التصرف بالمتعارف فی معاشه دون الاکثر. فلا يشمل التصرف فيه للحج، لانه ليس صرف المال فيه موضوعاً للاضطرار، ولا المعروف من معاشه.
ومقتضى الرواية حسب نقل الحميري مضافاً الی جواز الاخذ منه حال الاضطرار بالمعروف جواز الاخذ منه استقراضاً ووجوب الرد عند يساره.
ومن المحتمل جداً بمقتضی قوله: «حتی يعطيه عند يساره» جواز الاخذ من باب الاستقراض فی حال الاعسار لا مطلقاً، وعليه فان جواز الاخذ ينحصر بحالين، حال اضطراره وحال اعساره، ولعل الاعسار اعم من الاضطرار. واما التصرف فی مال الولد فلا يجوز في غير الموردين.
واما الولد، فلا يجوز له التصرف فی مال والده مطلقاً، الا باذن والده، فلا يجوز له التصرف فيه ولد فی حال الإضطرار او علی وجه الاستقراض وينحصر الجواز في صورة اذن الوالد للتصرف فيه.
اما جهة السند فيها:
فرواه الکليني عن عدة من اصحابه عن سهل بن زياد، والمراد من هذه العدة الذين رووا عن سهل بن زياد: علی بن محمد بن علان ومحمد بن ابي عبدالله، ومحمد بن الحسن، ومحمد بن عقيل الکلينی، وبينها ثقاة کمحمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن ابي عبدالله الظاهر فی کونه محمد بن جعفر الاسدی. والعدة من الطبقة الثامنة.
اما سهل بن زياد. فقد مرّ الکلام في انه ثقة علی الاقوی، والقول بتضعيفه يرجع الی جهة العقيدة، ونکتفي هنا بما افاده السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائی (قدس سره) بما حاصله:
اما تضعيف ابن الغضائري له لا يتم بعد عدم اعتماد الاصحاب علی تضعيفاته کثيراً من المعتمدين.
واما تضعيف الشيخ فی الفهرست محکوم بتوثيقه فی الرجال المتأخر تضعيفه عليه.
واما تضعيف النجاشي ففيه: انه لم يضعف الرجل، بل ضعف حديثه. وذلک: لان القدماء کانوا يرمون الرجل بالغلو بقوله او روايته لبعض ما هو الان من ضروريات الإمامية بالنسبة الی ائمتهم، اما اخراج احمد بن محمد بن عيسی اياه من قم، فلا يعتنی به لما اشتهر من ان احمد بن محمد بن عيسی اعتذر منه وتاب کما حکاه المحقق الوحيد البهبهانی (قدس سره).
هذا مع کون الرجل من اعلام مشايخ الاجازة، وکونه کثير الرواية وقد وقع فی اسناد عدد يبلغ الفين وثلاثمائة واربعة من الروايات وقد روی عنه کثير من اعلام الثقاة. وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن علی بن اسباط:
قال النجاشی: «علي بن اسباط بن سالم... كوفي، ثقة، وكان فطحيا. جرى بينه وبين علي بن مهزيار رسائل في ذلك ( ذاك )، رجعوا فيها إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام، فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول وتركه. وقد روى عن الرضا عليه السلام من قبل ذلك، وكان أوثق الناس وأصدقهم لهجة...
له کتاب الدلائل، کتاب التفسيرکتاب المزار.»[3]
وافاد العلامة فی الخلاصة بعد نقل هذا الکلام من النجاشي، فانا اعتمد علی روايته. وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن علی بن جعفر، وهو علی بن جعفر بن محمد العريضی.
قال الشيخ فی الفهرست: علی بن جعفر أخو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، جليل القدر، ثقة. وله كتاب المناسك، ومسائل.[4]
واما فی رجاله، فعده تارة من اصحاب الصادق (علیه السلام) واخرى من اصحاب الکاظم، وثالثة من اصحاب الرضا، وافاد فی ضمن عَدِه من اصحاب الرضا: علي بن جعفر بن محمد، له کتاب ثقة.
وافاد العلامة فی الخلاصة:
علی بن جعفر، أخو موسى بن جعفر الكاظم ( عليهما السلام )، من أصحاب الرضا ( عليه السلام )، ثقة.
روى الكشي عنه ما يشهد بصحة عقيدته وتأدبه مع أبي جعفر الثاني ( عليه السلام )، وحاله اجل من ذلك.[5]
وهو من الطبقة السابعة. فالرواية صحيحة علی الاقوی.
ومنها:
ما رواه الکلينی (قدس سره) عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي ابن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما يحل للرجل من مال ولده؟
قال: قوته بغير سرف إذا اضطر إليه، قال: فقلت له: فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي أتاه فقدم أباه. فقال له: أنت ومالك لأبيك.
فقال: إنما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه.
وقال: أنت ومالك لأبيك، ولم يكن عند الرجل شئ أو كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب للابن؟ ![6]
اما جهة الدلالة فيها:
فان الإمام (علیه السلام) حصر حد دلالة قول النبي (صلی الله عليه وآله): «انت ومالک لابيک» الذی کان مرتکزاً فی ذهن السائل وغيره بان النبی (صلی الله عليه وآله) انما افاد ذلک فيما ليس للاب سبيل الی انفاق اهله ومن جملتهم الولد السائل عنه غير التصرف فی مال الابن وصرح الإمام فی بيان قول النبی (صلی الله عليه وآله) انه لم يکن عند الرجل شئ من المال لينفقه فی اهله.
وعليه فيقرب مدلول الرواية، مفاد صحيحة علي بن جعفر(عليه السلام).
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 414-415.
[2] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج17، الباب 78 من أبواب ما یکتسب به، ص264، الحديث 22484/6.
[3] . النجاشي، رجال النجاشي، ص249، الرقم656.
[4] . الشيخ الطوسي، الفهرست، ص151، الرقم 377/4.
[5] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص175.
[6] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج17، الباب 78 من أبواب ما یکتسب به، ص265، الحديث 22486/8.