بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نــود
وقد تعرض (قدس سره) للبحث فیه فی کتاب صلوته.[1]
وقد افاد الشیخ فی المسألۀ الثالثۀ:
« في ذكر الزيادة سهوا التي تقدح عمدا، وإلا فما لا يقدح عمدا فسهوها أولى بعدم القدح. والكلام هنا كما في النقص نسيانا، لأن مرجعه إلى الإخلال بالشرط نسيانا، وقد عرفت: أن حكمه البطلان ووجوب الإعادة.
فثبت من جميع المسائل الثلاث:
أن الأصل في الجزء أن يكون نقصه مخلا ومفسدا دون زيادته.
نعم، لو دل دليل على قدح زيادته عمدا كان مقتضى القاعدة البطلان بها سهوا، إلا أن يدل دليل على خلافه.
مثل قوله ( عليه السلام ): " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة "،[2] بناء على شموله لمطلق الإخلال الشامل للزيادة.
وقوله ( عليه السلام ) في المرسلة: " تسجد سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة تدخل عليك ".[3]
فتلخص من جميع ما ذكرنا:
أن الأصل الأولي فيما ثبت جزئيته: الركنية إن فسر الركن بما يبطل الصلاة بنقصه. وإن عطف على النقص الزيادة عمدا وسهوا، فالأصل يقتضي التفصيل بين النقص والزيادة عمدا وسهوا.
لكن التفصيل بينهما غير موجود في الصلاة، إذ كل ما يبطل الصلاة بالإخلال به سهوا يبطل بزيادته عمدا وسهوا، فأصالة البراءة الحاكمة بعدم البأس بالزيادة، معارضة - بضميمة عدم القول بالفصل - بأصالة الاشتغال الحاكمة ببطلان العبادة بالنقص سهوا.
فإن جوزنا الفصل في الحكم الظاهري الذي يقتضيه الأصول العملية فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعي، فيعمل بكل واحد من الأصلين، وإلا فاللازم ترجيح قاعدة الاشتغال على البراءة، كما لا يخفى.
هذا كله مع قطع النظر عن القواعد الحاكمة على الأصول، وأما بملاحظتها: فمقتضى " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة " والمرسلة المذكورة: عدم قدح النقص سهوا والزيادة سهوا. ومقتضى عموم أخبار الزيادة المتقدمة: قدح الزيادة عمدا وسهوا، وبينهما تعارض العموم من وجه في الزيادة السهوية بناء على اختصاص " لا تعاد " بالسهو.
والظاهر:
حكومة قوله: " لا تعاد " على أخبار الزيادة، لأنها كأدلة سائر ما يخل فعله أو تركه بالصلاة، كالحدث والتكلم وترك الفاتحة.
وقوله: " لا تعاد " يفيد أن الإخلال بما دل الدليل على عدم جواز الإخلال به إذا وقع سهوا، لا يوجب الإعادة وإن كان من حقه أن يوجبها.
والحاصل:
أن هذه الصحيحة مسوقة لبيان عدم قدح الإخلال سهوا بما ثبت قدح الإخلال به في الجملة.
ثم لو دل دليل على قدح الإخلال بشئ سهوا، كان أخص من الصحيحة إن اختصت بالنسيان وعممت بالزيادة والنقصان.
والظاهر أن بعض أدلة الزيادة مختصة بالسهو، مثل قوله: " إذا استيقن أنه زاد في المكتوبة استقبل الصلاة ".»[4]
هذا ما افاده الشیخ (قدس سره) ویلزم ان یلاحظ: ان بالنسبۀ الی الزیادۀ العمدیۀ بعد تنقیح موضوع البحث بأن المراد من الزیادۀ ما لم یعتبر فی الجزء لحاظه بشرط شيء، ای اشتراط عدم الزیادۀ،
وکذا اشتراط قصد کون الزائد من اجزاء المأمور به دون ما لا یقصد ذلک.
وأفاد بأن الزیادۀ التی توجب الاخلال فی المرکب قصد کون الزائد جزءاً مستقلاً مثل ما لو اعتقد شرعاً او تشریعاً ان الواجب فی کل رکعۀ رکوعان.
وذلك:
لأن ما اتی به من المرکب المشتمل علی الزیادۀ غیر مأمور به، وأما المأمور به فلم یأت به.
وقد قرر ذلک الصورۀ الاولی من الشک فی الزیادۀ وحکم فیه بالبطلان.
هذا.
وصاحب الکفایۀ (قدس سره) تعرض لهذه الصورۀ بقسمیه من الجهل والتشریع، وتعرض ایضاً لبیان قسمی الجهل من القصوری، التقصیری تکمیلاً او توضیحاً لتصویر الشیخ (قدس سره).
الا انه (قدس سره) حکم بالصحۀ فی جمیع الموارد سواء اتی بالواجب مع الزیادۀ عمداً تشریعاً او جهلاً قصوراً او تقصیراً، او سهواً.
ومستنده فی الحکم بالصحۀ: کون المقام من الشک فی جزئیۀ عدم الزیادۀ او شرطیته وهو مجری البرائۀ الشرعیة عنده دون البرائۀ العقلیۀ.
وانما استثنی من ذلک، انه لو کان الواجب عبادیاً، وکان اتی به تشریعاً، ولو اخل التشریع فی قصد القربۀ والامتثال بطل الفعل علی ما مر تفصیله.
[1] . الشیخ الانصاری، کتاب الصلوۀ، ج1، ص399.
[2] . وسائل الشیعة (آل البیت)، ج1، الباب 4 من أبواب الوضوء، ص371، الحدیث980/8.
[3] . وسائل الشیعة (آل البیت)، ج8، الباب 33 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاۀ، ص251، الحدیث10563/3.
[4] . الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص384-387.