بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و هشت
التنبيه الثالث:
قال صاحب الكفاية:
« إنه ظهر - مما مر - حال زيادة الجزء إذا شك في اعتبار عدمها شرطا أو شطرا في الواجب - مع عدم اعتباره في جزئيته، وإلا لم يكن من زيادته بل من نقصانه -.
وذلك: لاندراجه في الشك في دخل شئ فيه جزءا أو شرطا، فيصح لو أتى به مع الزيادة عمدا تشريعا أو جهلا قصورا أو تقصيرا أو سهوا، وإن استقل العقل لولا النقل بلزوم الاحتياط، لقاعدة الاشتغال.
نعم لو كان عبادة وأتى به كذلك، على نحو لو لم يكن للزائد دخل فيه لما يدعو إليه وجوبه، لكان باطلا مطلقا أو في صورة عدم دخله فيه، لعدم قصد الامتثال في هذه الصورة، مع استقلال العقل بلزوم الإعادة مع اشتباه الحال لقاعدة الاشتغال.
وأما لو أتى به على نحو يدعوه إليه على أي حال كان صحيحا، ولو كان مشرعا في دخله الزائد فيه بنحو، مع عدم علمه بدخله، فإن تشريعه في تطبيق المأتي مع المأمور به، وهو لا ينافي قصده الامتثال والتقرب به على كل حال. ثم إنه ربما تمسك لصحة ما أتى به مع الزيادة باستصحاب الصحة، وهو لا يخلو من كلام ونقض وإبرام خارج عما هو المهم في المقام، ويأتي تحقيقه في مبحث الاستصحاب، إن شاء الله تعالى.» [1]
وتوضیح ما افاده (قدس سره):
انه (قدس سره) صرح فی بدایۀ الأمر بأن ما التزم به فی التنبیه السابق وهو نقیصة الجزء او الشرط جار فی المقام بلا تفاوت، وأن تمام الفرق بینهما هو ان فی المسئلۀ السابقة کان البحث فی دخل الوجود شطراً او شرطاً، وفی هذه المسئلة یکون البحث فی دخل العدم شطراً او شرطاً.
توضیح ذلك:
ان البحث فی المسألة السابقة کان فیما اذا اتی بالعمل فاقداً لجزء او شرط، فیکون الشك راجعاً الی دخل الجزء الذی لا یأتی به او الشرط فی العمل المرکب، فیکون البحث فی دخل الأمر الوجودی کالجزء والشرط فی العبادۀ.
وأما البحث فی المقام انما یکون فیما اذا اتی بالفعل ولکن الفعل المشتمل علی الجزء الزائد او الشرط کذلك، فیشک فی ان زیادۀ الجزء او الشرط فی المرکب هل یوجب بطلان العمل وعدم اتیانه بالمأمور به ام لا، فالشک فی الحقیقة راجع الی انه هل یکون لعدم الجزء الزائد او الشرط الزائد دخل فی صحۀ العمل او لا.
فیکون البحث هنا فی دخل العدم فی المرکب جزءاً او شرطاً، فیرجع البحث فی الحقیقة الی مانعية الجزء الزائد او الشرط الزائد، وإن شئت قلت: ان البحث فی المقام انما یکون فی مانعیۀ الزیادۀ شرطاً او شطرا.
وصاحب الکفایۀ (قدس سره) التزم فی التنبیه السابق ای الشک فی النقیصة بجریان البرائۀ الشرعیة وعدم جریان البرائة العقلیۀ.
فأفاد بأن فی هذا التنبیه ایضاً تجری البرائۀ الشرعیۀ دون العقلیۀ، فإذا شک فی ان زیادۀ السورۀ مثلاً هل یوجب بطلان العمل، فإن حدیث الرفع یقتضی عدم مانعیۀ زیادته. وإن کان مقتضی البرائة العقلیۀ مانعیتها.
وأفاد فی تنقیح موضوع البحث فی المقام ان الجزء اذا لوحظ بشرط شئٍ کالسجدۀ المشروطۀ بالتعدد، او لوحظ لا بشرط کالرکوع فی کل رکعۀ، لیس موضوعاً للبحث، ویکون خارجاً عن محل النزاع، للقطع بعدم مانعیۀ الزائد فی الاول وبمانعیۀ الزائد فی مثل الثانی.
فالموضوع للبحث ما کان لوحظ علی نحو لا بشرط کالسورۀ، فإذا اتی بها مرتین وشک فی مانعیة الوجود الثانی دخل فی محل النزاع لکون الشک راجعاً الی الشک فی شرطیة عدمها، وإن عدمها مأخوذ فی المرکب اولاً.
ونظره فی ذلک الی ان للعدم دخل فی قوام المرکب کما صرح به فی بحث الصحیح والاعم من الکتاب وکذا فی حاشیته علی الرسائل.
ثم انه (قدس سره) افاد بأنه لولا البرائۀ الشرعیة، کان مقتضی الاحتیاط العقلی عند الشک فی الزیادۀ بطلان الواجب ولزوم اعادته للشك فی تحقق امتثال المأمور به المقتضی لوجوب الاعادۀ.
ولکن مقتضی جریان حدیث الرفع صحۀ العمل وعدم مانعیۀ الزیادۀ، وأفاد بأن مقتضی البرائۀ النقلیۀ عدم مانعیة الزیادۀ سواء اتی بها عمداً وتشریعاً، او اتی بها جهلاً قصوراً او تقصیراً، او سهواً.
ثم افاد فی مقام الاستدراك.
ان ما قلناه من اقتضاء البرائۀ عدم مانعیۀ الزیادۀ مطلقاً، وصحۀ العمل انما یکون فی الواجبات التوصلیۀ، فإن جمیع صور الزیادۀ فیها محکوم بالصحۀ.
وأما اذا کان الواجب تعبدیاً:
فأفاد بأن مقتضی البرائۀ صحۀ العمل، الا فی الصورۀ التی اتی بالزیادۀ عمداً وتشریعاً اذا کان التشریع فیه منافیاً لقصد القربۀ، کما اذا قصد کون الزیادۀ جزئاً للواجب بحیث لو لم تکن جزئاً لما اتی بالواجب.
ومراده:
انه لابد فی الواجب العبادی من ملاحظۀ ان الزیادۀ هل توجب الاخلال بقصد القربۀ فیه ام لا.
وعلیه فإنه لیس صرف کون ما اتی به مصداقاً للتشریع موجباً للبطلان، بل الموجب له هو التشریع المنافی لقصد القربۀ، حتی انه لو اتی بالزیادۀ عمداً وتشریعاً مع الجهل، وکانت الزیادۀ التی اتی به بقصد الزیادۀ عمداً جزئاً للواجب واقعاً، لأن فی هذه الصورۀ لا ینشأ انبعاثه عن امر الشارع،
والحاصل:
انه لو اتى بالزیادۀ تشریعاً بحیث کان قصده انه لو لم تکن الزیادۀ دخیلاً لم یأت بالواجب، لبطل ما اتی به من الواجب العبادی بلا فرق بین کون الزیادۀ المذکورۀ جزئاً ودخیلاً فی الواجب واقعاً او غیر دخیل فیه. ووجّه البطلان فیه لعدم قصده لامتثال امر المولی. وزاد فی مقام توجیه البطلان باستقلال العقل بلزوم الإعادۀ مع اشتباه الحال ای جهله بدخل الزیادۀً فی الواقع وعدمه.
وأما لو اتی بالزیادۀ فی الواجب ولکنه کان قصده الاتیان بالواجب علی ای حال ای سواء کانت الزیادۀ جزءاً ام لیست بجزء، فیصح ما اتی به حتی لو کان مشرعاً فی دخل الزائد فی الواجب کما اذا کان جاهلاً بدخله.
وأفاد (قدس سره)، بأن تشریعه فی هذه الصورۀ انما یکون فی تطبیق المأتی به مع المأمور به، فلا یکون الداعی له الأمر التشریعی، بل الداعی فی اتیان الفعل الواجب هو امتثال امر الشارع، الا انه اتی بالزائد فی الفعل مع جهله بدخله وجزئیته.
وهذا النحو من التشریع لا ینافی قصد الامتثال والتقرب بلا فرق بین دخل الزائد فی الواجب فی الواقع وعدم دخله.
ثم انه (قدس سره): ذکر توهماً:
وهو التمسک باستصحاب الصحۀ لتصحیح الاتیان بالفعل المشتمل علی الزیادۀ فی المقام.
وأفاد: بأنه لا یخلو من کلام ونقض وابرام خارج عن محل الکلام فی المقام، ویأتی تحقیقه فی مبحث الاستصحاب ان شاء الله.
ولکنه (قدس سره) لم یتعرض لهذا التحقیق فی مباحث الاستصحاب من الکفایة، وسیأتی البحث فیه عند التعرض لکلام الشیخ (قدس سره) فی المقام.
[1] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص368.