بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و چهار
قال صاحب العروة:
«مسألة 49: لا فرق في الباذل بين ان يكون واحداً او متعدداً.
فلو قالا له: حج وعلينا نفقتك وجب عليه.»[1]
لا اشكال في ذلك لاطلاق ادلة البذل.
فان قوله (علیه السلام): «فان عرض عليه ما يحج به فاستحيى من ذلك اهو ممن يستطيع اليه سبيلاً؟. قال: نعم....»[2] في صحيحة الحلبي يشمل ما كان الباذل واحداً او متعدداً.
بل، في صحيحة معاوية بن عمار:
«فان كان دعاه قوم ان يحجوه فاستحيى...»[3]
صريح في وجوب الحج بالبذل اذا كان الباذل متعدداً.
قال صاحب العروة:
«مسألة 50:
لو عين له مقدارا ليحج به واعتقد كفايته فبان عدمها وجب عليه الإتمام في الصورة التي لا يجوز له الرجوع، إلا إذا كان ذلك مقيدا بتقدير كفايته.»[4]
قال السيد الحكيم:
« يعني: وجب على الباذل إتمام ما بذله حتى يكون بمقدار الكفاية، في الصورة التي لا يجوز الرجوع فيها عن البذل. إلا إذا كان بذل المقدار المعين مقيدا بقدر كفايته، بأن كان بذله للمقدار المعين معلقا على تقدير الكفاية فحينئذ لا يجب إضافته بمقدار الكفاية.
وكأن الوجه في وجوب الاتمام هو الوجه في عدم جواز الرجوع في البذل بناء عليه.
لكن يشكل ذلك: بأنه لو بني على عدم جواز الرجوع من جهة التغرير لا مجال للبناء على ذلك هنا، إذ لا تغرير من الباذل.
اللهم إلا أن يكون قول الباذل: " لتحج به " بمنزلة إخباره بكفايته للحج، فيكون تغريرا منه.
لكن لازم ذلك وجوب الرجوع على كل من أخبر بذلك ولو كان غير الباذل، ولا يختص وجوب الاتمام بالباذل.
أو لأن قول الباذل: " لتحج به " لما لم يكن مقيدا بتقدير الكفاية، كان دالا على الوعد بالاتمام على تقدير النقص، لأنه لازم لبذل المقدار المعين للحج، إذ لا تمكن الاستعانة به في الحج إلا بذلك.
والمظنون: أن مراد المصنف ذلك، فيكون مرجع البذل في المقام إلى بذل التتمة على تقدير النقص، فلا يجوز للباذل الرجوع عنه.
لكن الدلالة على الوعد بالاتمام يتوقف على علم الباذل بعدم تمكن المبذول له من الاتمام إلا ببذل التتمة، فلو كان الباذل يحتمل تمكن المبذول له من الحج متسكعا، أو أن يكون له مال يتمكن من الاتمام به، فالدلالة غير حاصلة.»[5]
وحاصل ما افاده:
انه (قدس سره) حمل ما افاده صاحب العروة في المقام؛
ان بذل الباذل لم يكن مقيداً بتقدير الكفاية، بل انه بذل المال ليحج به فهو يدل علي الوعد بالاتمام على تقدير النقص، وافاد بان هذا الوعد انما هو لازم بذل مقدار معين للحج، اذا المفروض فيه عدم تمكنه للاتيان بالحج الا به.
واورد عليه:
بان هذه الدلالة على الوعد بالاستلزام انما تتوقف على علم الباذل بعدم تمكن المبذول له من اتمام الحج الا ببذل التتمة.
واما اذا احتمل الباذل تمكنه من الاتيان بالحج ولو متسكعاً، او احتمل كون المبذول له واجداً للمال يتمكن به من الاتمام، فهذه الدلالة غير حاصلة؛ ولا يجب على الباذل بذل التتمة.
ويحتمل ايضاً:
ان قول الباذل لتحج به كان بمنزلة اخباره بكفاية ما بذله للحج مع انه لا يكفي به، فيكون تغريراً من الباذل.
ولكن اورد عليه:
بان بناءً على هذا الاحتمال لا يختص وجوب الاتمام بالباذل، بل يجب ذلك على كل من اخبر بذلك ولو كان غير الباذل.
وذلك لان المخبر بالكفاية تارة يكون غير الباذل في فرض عدم وقوف المبذول له فيكون هو الباعث للتغرير ويجب عليه التتميم.
ثم انه افاد السيد الحكيم (قدس سره) ايضاً:
بان قول صاحب العروة «... وجب عليه الاتمام في الصورة التي لا يجوز له الرجوع...»
ظاهر في ان الوجه في وجوب الاتمام على الباذل هو نفس الوجه في عدم جواز رجوعه في البذل.
واورد عليه:
بانه لا يتم ذلك: لان الوجه في عدم جواز الرجوع في البذل عنده جهة التغرير، ولا تغرير هنا في مثل المقام مثل كون المبذول معلقاً على تقدير الكفاية او كون المخبر بالكفاية غير الباذل.
وافاد السيد الخوئي (قدس سره):
«أمّا فيما يجوز له الرجوع كقبل الاحرام فلا إشكال في عدم وجوب إتمام ما بذله على الباذل، اعتقد كفايته أم لا، إنما الكلام:
فيما لا يجوز الرجوع للباذل عن بذله كما إذا تلبّس المبذول له بالإحرام وقد أعطاه مقداراً من المال معتقداً كفايته للحج فبان عدمها، فهل يجب على الباذل تتميم ما بذله أم لا؟
قسّمه في المتن إلى قسمين:
أحدهما:
ما يبذل له الحجّ ولم يكن بذله مقيداً بهذا المقدار ولكن من باب التطبيق طبّق بذله على هذا المقدار، فالبذل مطلق من هذه الجهة، وفي هذه الصورة اختار وجوب التتميم إذا انكشف عدم كفاية ما أعطاه.
ثانيهما:
ما إذا كان البذل مقيداً بهذا المقدار ومعلّقاً عليه، فإذا انكشف عدم الكفاية ينكشف عدم بذل الحجّ له واقعاً وإنما تخيّل أنّه بذل له، فلم يكن المبذول له مستطيعاً من أوّل الأمر، فلا يجب عليه تتميم البذل.
ولا يخفى أنّ ما ذكره (قدس سره) مبني على عدم جواز الرجوع للباذل عن بذله بعد تلبس المبذول له بالإحرام، وقد ناقشنا في ذلك وذكرنا:
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 408.
[2] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص40، الحديث14189/5.
[3] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص40، الحديث14187/3.
[4] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 408.
[5] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص150.