بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و شش
ویمکن أن یقال:
انّ مراد صاحب العروة هنا من كان عليه حجة النذر، و كان اتى بحجة الاسلام قبل ذلك، اذ لو كان ضرورۀ، فإنما يتحقق له بالبذل الاستطاعة لحجة الاسلام، والاتيان بها مقدم على الإتيان بحجة النذر ملاكا – عند التزاحم بينهما – فكان ممن لا يوجب البذل له الاستطاعة لحجة الإسلام، هذا مع انه ممن نذر الحج و كان في وقته متمكنا من اداء نذره ـ لان متعلق النذر يلزم ان يكون مقدوراًـ لكنه عصى و لم يأت بحجة النذر حسب ما نذره فوقع في ذمته، و معه يصير أمره كمن استطاع لحجة الاسلام فعصى و لم يأت بها و صار معسراً.
وبذلك يتم الربط بين ما افاده في هذا الفرع و سابقه فيمن استقر عليه حجة الاسلام.
والبذل في مثل المقام انما يوجب التمكن من الإتيان بالحج الذي يجب عليهما تحصيله باي وجه ولو بقبول الهبة اذا تكفل ذلك، هذا، و اما استدلاله (قدس سره)، بأدلة البذل خصوصاً التعليل فيها و تعبيره بصدق الاستطاعة في المقام الذي وقع مورد اشكال كثير من أعاظم محشي كلامه، فيمكن ان يقال فيه.
ان ما دل على ثبوت الاستطاعة بالبذل، انما هو الاخبار الواردة بمضمون «من عرض عليه الحج فاستحيى فإنما استقر عليه الحج».
نظير صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث قال: قلت له: فان عرض عليه ما يحج به فاستحيى من ذلك، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا ؟ قال: نعم، ما شأنه يستحيي ولو يحج على حمار أجدع أبتر ؟![1]
وصحيحة علاء بن رزين قال سالت أبا عبدالله عن قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} قال يكون له ما يحج به قلت: فمن عرض عليه فاستحيى قال هو ممن يستطيع.[2]
وامثالها فان مدلولها:
ان بذل مؤونة الحج يوجب تحقق الاستطاعة بمقتضى قوله: «يكون له ما يحج به، فيجب على المبذول الحج».
هذا وليعلم ان حد المدلول فيها يكون هذا المقدار، فان عرض هذه الموونۀ لاحد للحج، فانما تجب به حجۀ الاسلام اذا لم يأت بها، فلو كان المبذول له ممن اتى بحجة الاسلام، فانه لا يجب عليه الحج ثانياً بالبذل، بل له القبول للإتيان بالحج الندبي، والرد.
و كذلك ان من حصلت له الاستطاعة سابقاً و لم يأت بالحج بلا عذر واستقر الحج على ذمته، فانه و ان لا تحصل له الاستطاعة بالبذل لفرض كونها حاصلة له قبل ذلك، الا ان بذل مؤنة الحج انما يوجب تمكنه من الحج، فيجب عليه القبول حسب ما افاده صاحب العروة، كما يجب عليه تحصيل مؤنة الحج وتفريغ ذمته باي وجه آخر لولا البذل.
والقول بانه ليس وجوب القبول هنا بمقتضى ادلة البذل، لان موردها ما تحصل الاستطاعة بالبذل، فلا يتم الاستدلال بها لوجوب القبول لمن استقر عليه الحج سابقاً، يمكن التأمل فيه.
بان صاحب العروة كغيره التزم في موارد بان المراد من الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج، هو التمكن العرفي الباعث للتمكن الفعلي من التصرف في طريق اتيان الحج، ومعه فان مقتضى هذه الاخبار هو ثبوت هذا التمكن بالبذل، و لذا قد عرفت ان نسبة هذه الاخبار الى الادلة الدالۀ على اعتبار الاستطاعة في الحج نسبته الحكومة و انما توجب التوسعة في الاستطاعة و كونها اعم من الاستطاعة المالية و الاستطاعة البذلية. فمقتضى هذه الاخبار ان التمکن العرفی من الحج كما يحصل يكون المكلف واجدا للمال كذلك يحصل بالبذل هذا هو مقتضى اخبار البذل.
وحينئذ إذا كان بذل مؤونة الحج – اي اعطاء هذا التمكن – لمن لم يأت بحجة الاسلام يوجب له الوجوب لتحقق الشرط له بالبذل.
و اذا كان بذلها لمن استقر عليه الحج بالاستطاعة السابقة لأوجب تمكنه من الاتيان بالحج تفريغا للذمة، لان البذل بالنسبة اليه ايجاد التمكن من الاتيان بالحج.
و بما ان البذل يوجب حصول التمكن فيوجب فعلية الامر بالحج، الذي حدث له المانع لعسره، فالبذل يرفع المانع و به يجب عليه الحج فعليا.
و اذا لم يقبل و لو حياءً، ما كان معذوراً، لانه كان مستطيعاً بالبذل برفع المانع وهو العسر، وكان التمكن الحاصل من البذل كالتمكن الحاصل له بظفره على مؤونة الحج بطريق اخر.
و بالجملة، انه عصى بترك قبول البذل، كما كان عصى في ظرف حصول الاستطاعة له قبل عروض مانع العسر، و ليس معنى الاستقرار في الذمة الا ذلك؛ الا انه تارة يكون استقراراً حدوثياً و تارة يكون بقائياً و الموجب له في الموردين واحد و هو ترك وظيفة الحج مع تمكنه، فيتجدد له بالبذل عين ما حدث له سابقاً، و حينئذ فما المانع هنا في الاستدلال بأدلة البذل الدالة على ان حدوث التمكن البذلي كحدوث التمكن المالي في مثله.
هذا بالبسنبة الى مورد استقرار الحج عليه سابقا.
و اما في مثل المقام و هو مورد اشتغال ذمته بالحج بمقتضى النذر، فقد مرّ فيه ان مفروض كلام صاحب العروة طبعا من اتى بحجة الإسلام سابقاً، كما ان المفروض فيه كون البذل للحج لا لخصوص حجة الإسلام، فانه بالبذل حصل له التمكن الذي زال عنه بعد نذره، و بما انه يلزم عليه الوفاء بالنذر، اذا حصل لنفسه التمکن المذکور کذلک یحصل له ذلک بالبذل، فالبذل يوجب فعلية الامر بالحج و الامر بالوفاء بالنذر بعد ما ابتلت بالمانع قبل ذلك، فيجب عليه الوفاء، بالنذر بمقتضى ادلة البذل المقتضية لحصول التمكن به كحصوله بظفره عليه من طريق آخر و إذا عصى و لم يقبل هذا البذل لأستقر في ذمته و يلزمه الإتيان به و لو بالتسكع.
و بعبارة اخرى.
ان في مورد النذر خصوصية و هو انه نذر الحج في وقت لم يكن متمكنا بالفعل من الإتيان به، و لكن متعلق النذر كان مقدورا له بالقوة، وكان يرى حصوله قريباً عند نذره، و معه انما يتحقق النذر و ينعقد، و حدث له البذل للحج، فان البذل بمقتضى ادلة اعتباره يوجب تمكنه من الإتيان بالحج و فعلية الوفاء بالنذر؛ فاذا عصى و لم يقبل لاستقر الحج الواجب بالنذر على ذمته، و يلزم الاتيان به و لو متسكعاً مع انه لولا البذل، فانه مع عدم حصول التمكن له ينحل نذره حسب عدم كون متعلقه مقدوراً له.
و لذا نرى استدلال صاحب العروة في خصوص النذر بالتعليل الوارد في ادلة البذل، لانه مورد استقرار الحج الواجب بالنذر على ذمته، و مراده (قدس سره) من صدق الإستطاعة صدق التمكن العرفي للوفاء بالنذر ولا يريد من الاستطاعة التي هي شرط للحج غير ذلك ايضا، فانه لا شبهة في ان يصدق في مورد حصول التمكن للوفاء بالنذر بمقتضى البذل.
و لذلك و ان قرر صاحب العروة مورد استقرار الحج في موارد صدق حصول التمكن بادلة البذل الا ان في مورد النذر صرح بذلك و افاد: «لشمول الإخبار من حيث التعليل فيها، بانه بالبذل صار مستطيعاً» ـ اي متمكنا عرفاً من الوفاء بالنذر ـ ثم صرح على هذا المقصود بقوله: «ولصدق الاستطاعة عرفاً»، و هذا تصريح منه على ان الاستطاعة ليست الا التمكن العرفي و هو كما يكون شرطا في الحج كذلك يكون شرطاً في مثل النذر بالحج ايضا، لعدم امكان الاتيان به بلا التمكن المذكور.
و عليه، فلا محذور فيما سلكه صاحب العروة في المقام.
[1] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص40-41، الحديث14189/5.
[2] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص33، الحديث14167/1 و 2.