بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و چهار
اما الفرع الرابع من المسألة:
قال صاحب العروة: «ولو كان عليه حجة النذر، او نحو ولم يتمكن، فبذل له باذل وجب عليه.»
وان قلنا بعدم الوجوب. لو وهبه لا للحج. لشمول الاخبار من حيث التعليل فيها بان بالبذل صار مستطيعاً، ولصدق الاستطاعة عرفاً.
وفي العبارة، بل في المسألة اجمال.
وذلك: لان المراد من حجة النذر في كلامه مطلق الحج بحيث يمكن تداخله مع حجة الاسلام فلا شبهة في شمول اخبار البذل له،
وذلك:
لأنه نذر الاتيان بالحج، واذا اتى بحجة الاسلام فقد حصل له العرفاء بنذره، والبذل بمقتضى اخبار البذل انما توجب حصول الاستطاعة له فيجب بمقتضاه الحج، اي حجة الاسلام له. فلا اشكال في شمول اخبار البذل له، لأنه بنفسه مورد هذه الادلة ومعه فلا وجه لما افاده في مقام الاستدلال لشمول الاخبار من حيث التعليل. لان هذه الاخبار تشمله بمدلوله.
كما انه لا موضوعية فيها للنذر، لان المقام موضوع لأدلة البذل وبإتيانه الحج يتحقق الوفاء بالنذر حسب الفرض. فلا وجه لطرح المسألة بعنوان:
ولو كان عليه حجة النذر ونحوه....
وهنا اشكالات اخرى:
وهو انه لو نذر الحج وكان صرورة، فبما ان متعلق النذر يلزم ان يكون مقدوراً، فانه يلزمه الاتيان بحجة الاسلام اذا كان له التمكن من الاتيان بالحج، ومع فرض سلب تمكنه بإتيان حجة الاسلام عن الاتيان بمتعلق النذر، فانه تسلب عنه القدرة الشرعية للإتيان بما نذره. وفي هذه الصورة لا تصوير لتحقق الموضوع للبذل.
نعم، ما يقبل التصوير لنذر الحج في كلامه انما يكون فيما اتى بحجة الإسلام وبعد ذلك نذر الحج، أي الحج المندوب فصار واجباً عليه بالنذر وكان الاتيان به مقدوراً في ظرفه، ولكنه عصى ولم يأت به فصار معسراً والتزمنا باشتغال ذمته به. وفي هذا المقام عرض عليه الحج فأفاد صاحب العروة بانه وجب عليه القبول.
وهذا التصوير مطابق للفرع السابق الذي استقر على ذمته الحج.
ولكن المشكل فيه ارتباط اخبار البذل به، وكذا تعبيره بصدق الاستطاعة.
لالتزامهم بان حجة النذر ونحوه ليس مشروطاً بالاستطاعة، وانها شرط لوجوب حجة الاسلام دون غيرها.
مع ان صاحب العروة (قدس سره) التزم في المقام بوجوب قبول البذل حتى مع الالتزام بعدم وجوب القبول لو وهبه لا للحج.
هذا وقد افاد السيد الحكيم ـ ويظهر منه تصوير حجة النذر بما صورناه اخيراً كالفرع السابق ـ:
«لما سبق ـ اي ما مر منه في الفرع بقوله: لأن المفروض استقرار الوجوب عليه. غاية الأمر: أنه كان معذورا من جهة العسر وبالبذل يزول المانع ـ والقول بعدم وجوب قبول الهبة لو وهبه لا للحج لا يرتبط بما نحن فيه، لأنه في أصل وجوب الحج واشتغال ذمته.
وقد عرفت أن المقام ليس في ذلك، لاستقرار الوجوب عليه بالسبب السابق.
والكلام هنا في وجوب إفراغ ذمته عقلا من الواجب المشغولة به، فالقدرة هنا عقلية لا شرعية، فلا مناسبة بين المقام وذلك المقام.
ومن ذلك يظهر النظر في قوله ( ره ): " لشمول الأخبار من حيث... "، فإن المقام لا يرتبط بتلك الأخبار، ولا بالتعليل المذكور فيها، ولا بصدق الاستطاعة لأنها كلها في مقام أصل الوجوب، وفي حصول ملاكه، لا فيما نحن فيه مما لم تكن الاستطاعة شرطا في الوجوب ولا في الملاك.
وما كان يؤمل من المصنف ( ره ) صدور مثل ذلك منه.»[1]
وظاهره ـ قدس سره ـ ان ما افاده صاحب العروة هنا نظير ما مر منه، من وجوب قبول البذل اذا استقر عليه الحج وصار معسراً، اي ما اذا نذر الحج المندوب ولم يات به واشتغلت ذمته بذلك، فافاد بان الوجه فيه عين ما مر في سابقه. من انه يجب عليه القبول، لان بالبذل يزول المانئع الجائي من ناحية العسر الا انه افاد بان المقام كسابقه لا يرتبط باخبارالبذل، ولا بالتعليل المذكور فيها، ولا بصدق الاستطاعة، لان موردها حصول ملاك وجوب الحج الىي الاستطاعة، فيبجب علىي المبذول له الحج بوجوب شرطه، واما فيما نحن فيه، ان الاستطاعة ليست شرطاً في وجوب الحج الواجب عليه بالنذر وليس مأخوذاً في ملاكه.
ثم انه اورد علىي صاحب العروة: فيما افاده: «وان قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحج»:
بان ذلك لايرتبط بما نحن فيه ايضاً، لان البحث في الهبة انما يكون في ثبوت وجوب الحج بالهبة، واشتغال ذمته بالحج لاستقرار الوجوب علىي ذمته بالهبة المطلقةه، لتحقق الاستطاعة بها،
وهذا غير مرتبط بما نحن فيه، لان البحث هنا في الاستقرار وجوب الحج عليه بالسبب السابق، ونبحث في هنا في انه يجب عليه قبول البذل تفريغقاً لذمته ـ بالوجوب العقلي ـ عن الاشتغال المعلوم به.
وافاد السيد الاستاذ (قدس سره) في المرتقىي:
« المقصود بهذه العبارة وجوب حج الاسلام مع بذل الباذل له مع اشتغال ذمته بحجة النذر أو نحوه.
و عليه، فتحقيق الكلام في ذلك: أنّ المنذور:
تارة: يكون مطلق الحج بحيث يمكن تداخله مع حج الإسلام، فلا إشكال في المسألة.
و اخرى: يكون مقيدا بحج آخر غير حج الإسلام، كالحج الندبي، بحيث يمتنع التداخل بينهما، و هو محل الكلام.
و حينئذ، فالمقصود من عدم التمكن:
إمّا أن يكون عدم التمكن عرفا أو عدم التمكن عقلا، فإذا كان المراد عدم التمكن عرفا.
فلو بذل له باذل لحج الاسلام أو لمطلق الحج صار مستطيعا فوجبت عليه حجة الاسلام، و بوجوبها يرتفع وجوب حجة النذر لاعتبار مشروعية متعلقه في ظرفه و مع وجوب حج الاسلام لا يشرع الحج الندبي كما لا يخفى.
و لا يكون وجوب حجة النذر رافعا لموضوع وجوب حج الاسلام إذ لا نظر له إلى الاستطاعة و المال المبذول، لفرض تمامية موضوعه في نفسه و هو التمكن العقلي. و عليه، فيتعين في هذه الصورة تقديم حج الاسلام لارتفاع موضوع وجوب حج النذر بوجوبه.
و إن اريد من عدم التمكن عدم التمكن العقلي فإمّا ان يكون وجوب حج النذر مضيّقا في هذا العام أو موسعا.
فإن كان مضيّقا، فإن كان البذل بعنوان حجة الإسلام كان مقدما لا محالة لانتفاء وجوب حج النذر لعدم القدرة عليه عقلا، و إن كان بعنوان الحج مطلقا وقع التزاحم بين الوجوبين، فإن وجوب الوفاء بالنذر يستدعي صرف المال في متعلقه لعدم القدرة عليه بدونه، فيرتفع موضوع وجوب حج الإسلام و هو الاستطاعة، كما أن وجوب حج الإسلام ينفي مشروعية الحج الندبي في هذا العام فيرتفع موضوع وجوب الحج النذري، فلا بدّ من إجراء قواعد التزاحم بينهما.
و إن كان الحج النذري موسعا، و لا إشكال في تقديم وجوب حج الإسلام، لأنه مضيق لفوريته و الواجب المضيق مقدّم على الموسع في صورة التزاحم.
و على ما ذكرناه يتّجه التعليل لوجوب حج الإسلام بشمول التعليل بالاستطاعة الوارد في الأخبار و صدق الاستطاعة عرفا. فلا وجه لما جاء في «المستمسك من انكار ذلك على المصنف، فإنه يبتني على حمل كلامه على إرادة البذل للحج النذري، و هو غير وجيه.»[2]
هذا والظاهر انه (قدس سره) حمل ما افاده صاحب العروة في المقام من قوله: «ولو كان عليه حجة النذر او نحوه، ولم يتمكن فبذل له باذل وجب عليه» علىي صورة ما اذا بذل الباذل مؤونة الحج لمن استقر علىي ذمته حجة لنذر، فالبذل انما يتحقق له الاستطاعة ويجب عليه الاتيان بحجة الاسلام كما هو مقتضىي الادلة.
ويمكن ان يلاحظ فيه:
ان ظاهر كلام صاحب العروة انه كان في صدد بيان ان بذل الحج لمن عليه حجة النذر، ولم يات بها لعسره بعد ما كان تمكن منه حين النذر، انما يحصل له التمكن لاداء نذره من الحج بالبذل المذكور.
ويؤيده، ذكر هذا الفرع بعد ما سبق منه بقوله: «ولو بذل لمن استقر عليه حجة الاسلام وصار معسراً وجب عليه.»
كما يؤيده قوله بعد ذلك، انه يجب عليه قبول البذل اداءً لنذره حتي لو نلتزم بوجوب قبول الهبة المطلقه لذلك.
نعم: يؤيد ما افاده السيد الاستاذ (قدس سره) ما ذكره صاحب العروة بعنوان الدليل بقوله: لشمول الاخبار من حيث التعليل فيها: بانه بالبذل صار مستطيعاً ولصدق الاستطاعة عرفاً الظاهر في شمول اخبار البذل للمقام من جهة اطلاقها بالنسبة الي من اشتغلت ذمته بالحج النذي ومن لا تشتغل ذمته به.
[1] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص148.
[2] . السيد محمد الروحاني، المرتقى إلى الفقه الأرقى، كتاب الحج؛ ج1، ص 125-126.