بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و يك
اما تنبيهات المسئلة:
قال صاحب الكفاية (قدس سره):
«وينبغي التنبيه علي امور:
الاول:
إنه ظهر مما مر حال دوران الامر بين المشروط بشئ ومطلقه، وبين الخاص كالانسان وعامه كالحيوان، وأنه لا مجال ها هنا للبراءة عقلا، بل كان الامر فيهما أظهر، فإن الانحلال المتوهم في الأقل والأكثر لا يكاد يتوهم هاهنا، بداهة أن الاجزاء التحليلية لا يكاد يتصف باللزوم من باب المقدمة عقلا، فالصلاة - مثلا - في ضمن الصلاة المشروطة أو الخاصة موجودة بعين وجودها، وفي ضمن صلاة أخرى فاقدة لشرطها وخصوصيتها تكون متباينة للمأمور بها، كما لا يخفى.
نعم لا بأس بجريان البراءة النقلية في خصوص دوران الامر بين المشروط وغيره، دون دوران الامر بين الخاص وغيره، لدلالة مثل حديث الرفع على عدم شرطية ما شك في شرطيته، وليس كذلك خصوصية الخاص، فإنها إنما تكون منتزعة عن نفس الخاص، فيكون الدوران بينه وبين غيره من قبيل الدوران بين المتباينين، فتأمل جيدا. »[1]
وحاصل ما افاده: انه قد مر في المباحث السابقة حال دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين بالنسبة الي الاجزاء الخارجية.
وهنا قسمان آخران:
1 ـ دوران الامر بين المشروط بشيء ومطلقه، كالصلاة والصلاة الي القبلة، او الصلاة والصلاة مع الطهارة، فإن في مثله اذا اتي بالمطلق بدون القيد كما اذا اتي بالصلاة لا الي القبلة او لا مع الطهارة، هل يكفي عن الامر اذا دار الامر في المأمور به بين المطلق والمقيد؟
2 ـ دوران الامر بين الخاص والعام كدوران الامر بين الحيوان والحيوان الناطق، فإن في مثله اذا اتي بالعام كالحيوان، بلا خصوصية من الانسانية هل يكفي عن الامر لو دار الامر بينهما؟ ـ وربما يعبر عن هذا القسم بدوران الامر بين التعيين والتخيير ـ كما هو الحال في الاقل والاكثر اذا قلنا بكفاية الاقل بمقتضي انحلال العلم الاجمالي بوجوب احدهما.
وأفاد (قدس سره) بأن عدم جريان البرائة العقلية في هذين القسمين، اي عدم جريان البرائة عن الاشتراط في القسم الاول وعدم جريانها عن الخصوصية في القسم الثاني، اظهر من دوران الامر بين الاقل والاكثر، وأن نظره الي ان في مقام دوران الامر بين الاقل والاكثر التزمنا بعدم جريان البرائة العقلية لعدم انحلال العلم الاجمالي المتعلق بهما، والالتزام بعدم جريانها في هذين القسمين اظهر من عدم جريانها فيه.
وأفاد (قدس سره) في وجهه:
ان الاجزاء التحليلية وهي الاصطلاح الذي تارة يراد به الجزء المقدم، كالفصل بالنسبة الي النوع، وهو يقابل الجزء الخارجي والذهني عنده، كما افاده في حاشيته علي الرسائل عند بيان اقسام الاقل والاكثر. وتارة يراد به ما يقابل الجزء الخارجي فيعم موارد دوران الامر بين الجنس والفصل وبين المطلق والمشروط وبين المطلق والمقيد وبين الطبيعي والحصة وبين النوع والفرد، ومراده في المقام هو الاخير اي ما يقابل الجزء الخارجي، وبالجملة ان الاجزاء التحليلية بهذا المعني لا تتصف باللزوم من باب المقدمة ووجهه عدم اتصافها باللزوم:
ان الصلاة الفاقدة للطهارة ـ مثلاً ـ مبانية للصلاة المأمور بها المشروطة بالطهارة وليست جزاءاً للصلاة المشروطة حتي يتوهم حصول العلم التفصيلي بوجوبها، كما هو الحال في الجزء الخارجي في مثل الاقل، ومع عدم كونها جزءاً للمأمور به فلا تصف بالوجوب الغيري حتي يدعي انحلال العلم الاجمالي بحصول العلم التفصيلي بوجوبه.
وهذا اي عدم اتصاف الاجزاء التحليلية بالوجوب ما صرح به في باب التعبدي والتوصلي ايضاً، قال هناک:
«... ان ذات المقيد لا يكون مأموراً بها، فإن الجزء التحليلي العقلي لا يتصف بالوجوب اصلاً، فإنه ليس الا وجود واحد واجب بالوجوب النفسي...»[2]
ونظره (قدس سره) الي ان لكل جزء خارجي ـ في المركبات ـ وجود مستقل غير وجود الاخر، وإن كان العرف ربما يري المجموع وجوداً واحداً، بخلاف الجزء التحليلي كالمقيد والقيد والجنس والفصل فإنه لا وجود له خارجاً غير وجود المجموع الواجب بالوجوب النفسي الاستقلالي.
هذا ثم افاد: بقوله «نعم» ان هنا فرق بين القسمين المتقدمين ـ دوران الأمر بين المشروط ومطلقه ودوران الامر بين الخاص والعام ـ وهو:
ان دوران الامر بين المشروط ومطلقه ـ اي القسم الاول ـ تجري البرائة النقلية بخلاف مورد دوران الامر بين العام وخاصه فلا تجري فيه البرائة لا العقلية ولا النقلية.
وذلك:
لأن الشرطية في المشروط بما ان اعتبارها يكون من ناحية الشارع ولو بجعل منشأ انتزاعه، فلا مانع من نفيها بحديث الرفع ومثله من ادلة البرائة، فتجري فيها البرائة الشرعية.
وفأن الايمان مثلاً انما يعتبر في الرقبة من ناحية امر الشارع باعتاق الرقبة المؤمنة، فهو قابل للرفع بحديث الرفع.
وهذا بخلاف القسم الثاني اي دوران الامر بين الخاص وعامه، كالانسان والحيوان، لأن خصوصية الانسانية في الخاص اي الانسان انما ينتزع من نفس الخاص،
وما افاده (قدس سره) في المقام ناظر الي ما افاده الشيخ (قدس سره) في المسئلة الرابعة ـ فيما اذا شك في جزئية شئ للمأمور به من جهة الشبهة في الموضوع الخارجي ـ
قال الشيخ (قدس سره):
« وأما القسم الثاني:
وهو الشك في كون الشئ قيدا للمأمور به:
فقد عرفت أنه على قسمين، لأن القيد قد يكون منشؤه فعلا خارجيا مغايرا للمقيد في الوجود الخارجي كالطهارة الناشئة من الوضوء، وقد يكون قيدا متحدا معه في الوجود الخارجي.
أما الأول:
فالكلام فيه هو الكلام فيما تقدم، فلا نطيل بالإعادة.
وأما الثاني: فالظاهر اتحاد حكمهما.
وقد يفرق بينهما: بإلحاق الأول بالشك في الجزئية دون الثاني، نظرا إلى جريان العقل والنقل الدالين على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم من الشارع المؤاخذة عليه في الأول، فإن وجوب الوضوء إذا لم يعلم المؤاخذة عليه كان التكليف به - ولو مقدمة - منفيا بحكم العقل والنقل، والمفروض أن الشرط الشرعي إنما انتزع من الأمر بالوضوء في الشريعة، فينتفي بانتفاء منشأ انتزاعه في الظاهر.
وأما ما كان متحدا مع المقيد في الوجود الخارجي كالإيمان في الرقبة المؤمنة، فليس مما يتعلق به وجوب وإلزام مغاير لوجوب أصل الفعل ولو مقدمة، فلا يندرج فيما حجب الله علمه عن العباد.
[1] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص367-368.
[2] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص73.