بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و يك
وإن في مثل الصلاة وإن كان متعلق الوجوب الصلاة، وهي عنوان مركب من الاجزاء والشرائط، الا ان المتعلق للوجوب واقعاً ليس الا نفس الاجزاء المذكورة والشرائط، ولا يراد من الصلاة غيرها، لا ان الصلاة عنوان محصل منهما، وأن الوجوب تعلق بالعنوان وأن الاجزاء محصلة لها ومقدمة لوجودها.
وتفصيل الكلام فيه:
انه لا شبهة في ان المركبات الشرعية كالصلاة ماهيات مخترعة من ناحية الشارع، والمطلوب فيها الاتيان بالاجزاء منضماً لا متفرداً، لأنه ليس المطلوب فيها الاتيان بكل جزء منفرداً عن غيره، بل المطلوب انضمام الاجزاء في مقام الامتثال، وهذا الانضمام المطلوب في تحقق المركب هو اساس البحث في المقام، فهل يكون واقعه التقييدية والارتباطية التي كان اساس اختيار المحقق النائيني (قدس سره) لعدم جريان البرائة العقلية في المقام، او انه ليس واقعه غير الظرفية بمعني كون الاجزاء مطلوباً في هذه المركبات في ظرف الانضمام، وهذا ما عبر عنه المحقق العراقي بالقضية الحينية في قبال القضية الشرطية.
وأساس هذا الاختلاف يرجع الي ان كل جزء مطلوب مقيداً ومشروطاً بالانضمام، بحيث يكون للقيد و الشرط موضوعية في قبال نفس الجزء في مقام المطلوبية، وإن الانضمام يوجب تفريد كل جزء في مقام المطلوبية به، بمعني انه لا يكون مطلوباً الا مقيداً بالانضمام.
او انه ليس المطلوب في الاتيان بالاجزاء غير الاتيان بها من دون اي تقييد او اشتراط بشئ، ولكن في ظرف الانضمام كما يكون مطلوباً في ظرف التوالي والاستقرار وأمثاله.
وفي هذا المقام يلزم الدقة في منشأ اعتبار الانضمام في هذه المركبات، فإنه ليس لنا دليل علي تقييد كل جزء بالانضمام، اذ ليس لنا غير ادلة اعتبار هذه المركبات. وقد مر في كلام العلمين ان المنشأ لاعتباره تعلق حكم واحد ووجوب واحد بمجموع الاجزاء، ووحدة الغرض الداعي الي الحكم المذكور، وليس لنا منشأ اخر لاعتبار الانضمام.
اما وحدة الحكم وعدم تعدده بنسبة تعدد الاجزاء، فإنه يفيد ان المطلوب الاتيان بتمام الأجزاء لأنه لا يمكن استيفاء الغرض الا به، كما هو الحال في المركباب المطلوبة العرفية، اذ لا يمكن تحقق الغرض فيها الا بالاتيان بمجموعها.
وليس عنوان المركب او المجموع في هذه المركباب الا امر اعتباري، وإنما يعتبر بعد تعلق الوجوب الواحد بالاجزاء، وأما قبل تعلق الوجوب او حين عروض الوجوب لا اثر للانضمام فضلاً عن الموضوعية.
وإن شئت قلت: ان بعد تعلق الحكم الواحد بالمركب من الاجزاء انما ينتزع عنوان المجموع وعنوان المركب، فالانضمام في الحقيقة امر منتزع من تعلق وجوب واحد بأجزاء متعددة.
وهذا هو مراد المحقق العراقي في المقدمة الاولي، من ان الانضمام امر متأخر عن مرتبة عروض الوجوب، ينشأ من وحدة التكليف والحكم في مقام العروض، وأفاد بأنه من الممتنع دخل ما ينشأ عن عروض وحدة الوجوب في المرتبة المتقدمة منه، وهي مرتبة عروض الوجوب، فإن في مرتبة عروضه لا اثر من الانضمام واعتباره، كما ان هذا البيان يجري بعينه بالنسبة الي الغرض والملاك، حيث ان مرتبة الغرض متقدم علي مرتبة عروض الحكم، والانضمام انما نشأ من وحدة الوجوب والتكليف المعلول للغرض المتأخرة عنه فكيف يمكن اعتباره في مقام عروض الوجوب فضلاً عن مقام الغرض الداعي اليه.
وهذا امر تام غير قابل للنقاش.
ولعل نظر الشيخ (قدس سره) الي هذه الجهة فيما افاده من ان الغرض والملاك لا يوجب تعنون الاجزاء بعنوان يكون تمام الموضوع للمطلوبية والوجوب كالمحصل في مثل أوامر الطبيب بصناعة الدواء المركب من الاجزاء المختلفة، وقيام الغرض فيه بنفس المركب، وأنه ليست الاجزاء الا يحققه ويحصله للعنوان الذي قام الغرض به.
الا ان الشيخ ارجع الأمر الي موارد عدم وجود المصلحة او عدم ابتناء الاحكام علي المصالح والمفاسد في نفس الأمر، الا ان غرضه (قدس سره) ان الملاك في الحكم لا يتكفل لتعنون المركب بعنوان كان تمام الموضوع في مقام المطلوبية كالمحصل.
وبالجملة: ان ما حققه المحقق العراقي في غاية القوة وأنه ليس للانضمام دخل الا علي نحو القضية الحينية وعلي تعبيرنا الظرفية.
ثم ان ما كان الشيخ (قدس سره) بصدد تبينه هو انه بعد ما لم يكن للانضمام دخل اكثر من الظرفية، فلا محالة يرجع الأمر في الاقل والاكثر الي تعلق الوجوب بالاجزاء، وكان بعضها معلوماً من حيث عروض الوجوب عليه وبعضها مشكوكاً، بأن لا يعلم انه واجب في ضمن الاجزاء الآخر او لا، فهنا كان المعيار حكم العقل الحاكم في مقام الاطاعة في كيفية الامتثال وما يلزمه المكلف عقلاً في هذا المقام. وأنه لا يكلف اكثر بما هو المعلوم عنده من الاجزاء والشرائط، وأما ما شك فيه وليس فيه له اكثر من الاحتمال، فإنه لا يعد عاصياً بتركه، وإنما يتحقق الامتثال عقلاً باتيان المعلوم وما قام البيان علي مطلوبيته، وأما فيما زاد عنه تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وهذا بخلاف موارد الشك في المحصل حيث ان المطلوب فيها العنوان المحصل، والاجزاء محصلة له، وكلما شك في اعتبار جزء فإنه يشك في تحقق العنوان المحصل وعدم تحقق الغرض، فيشك في الامتثال هو مجري الاحتياط عقلاً.
وعليه فما افاده المحقق العراقي (قدس سره) في المقدمة الثالثة من ان القلة والكثرة من حدود الواجب، وأن ذات الواجب غير مردد.
وليس الواجب مجمع الوجودين ليرجع التردد الي ذات الواجب، بل الواجب هو مجمع الحدين وأن العلم الاجمالي انما كان بين حدي الوجوب الطاريء بالعرض علي معروضه، لأن الحدود من عوارض الشيء وإنما تعرض علي ذات الشيء، فليس لنا تردد في ذات الواجب ومصب الحكم بوجوب الاطاعة ذات الوجوب وحيث وجوده.
وأنه لا يكون لنا الا علم تفصيلي في المقام بمرتبة من التكليف وهو الاقل، وشك بدوي بمرتبة اخري منه متعلقة بالزائد.
وبالجملة:
انه لا موضوعية للانضمام والارتباطية كما هو ظاهر تعنون البحث بالاقل والاكثر الارتباطيين. وأنه لا دخل للانضمام الا علي نحو الظرفية والقضية الحينية كما افاده المحقق العراقي (قدس سره).