درس خارج فقه/ كتاب الحج / في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة/ جلسه هشتاد و شش
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و شش
وذهب السيد الخوئي (قدس سره) الى تعين تقدم الحج ولا تصل النوبة الى المزاحمة كما هو مختار جماعة من الاعلام قال (قدس سره) في بيان مفصل عند قول صاحب العروة «اذا نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الحسين (عليه السلام) في كل عرفة ثم حصلت لم يجب عليه الحج....»
«ونحوه ما لو نذر المبيت عند الحسين (عليه السلام) ليلة عرفة فاستطاع تلك السنة، او نذر ان يعطي الفقير كذا مقداراً او يصرفه في الزيارة او التعزية فحصل ما يكفي له او للحج.
وقد ذكر غير واحد من الفقهاء، بل المشهور بينهم ان ذلك مانع عن الاستطاعة، بل وكذا لو كان عليه واجب مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة، ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج، وعللوه بما ذكره في المتن من ان العذر الشرعي كالعقلي في المنع عن الوجوب.
وكانهم بنوا ذلك على ما اشتهر بينهم من ان القدرة المعتبرة في الحج قدرة شرعية بمعنى انه يعتبر في ملاكه انه لا يزاحمه واجب آخر، بحيث لو زوحم مع ما هو اضعف ملاكاً ولو بمراتب كثيرة قدم عليه، حتى انه لو توقف السير الى الحج على ترك رد السلام بحيث لو اراد التصدي للرد خرجت القافلة او تحركت الطائرة سقطت عنه فريضة الحج حينئذٍ، لان الاستطاعة المعتبرة فيها شرعية وفي رد السلام عقلية فتتقدم.
ولكن هذا المبنى بالرغم من تداوله على الألسن بمعزل عن التحقيق.
اذ الاستطاعة التي اعتبرها الشارع في وجوب الحج هي التي فسرت في الاخبار بالزاد والراحلة، وفي بعضها صحة البدن وتخلية السرب اي امن الطريق.
واما الزائد على ذلك بحيث لا يزاحمه اي واجب آخر المعبر عنه بالاستطاعة الشرعية في كلمات القوم فلم يقم عليه اي دليل.
اذاً، فالقدرة المعتبرة في الحج كالقدرة المعتبرة في سائر الواجبات، فاذا لم يتمكن المكلف من الجمع بينه وبين وجوب الوفاء بالنذر، فبطبيعة الحال تقع المزاحمة بينهما في مرحلة الامتثال كما في سائر الواجبين المتزاحمين فيرجع الى مرجحات هذا الباب.
ولكن الظاهر انه لا تصل النوبة الى المزاحمة بل يتعين تقدم الحج.
وتوضيحه:
ان وجوب الوفاء بالنذر ليس حكماً ابتدائياً مجعولاً من قبل الشارع، بل امضاء لما اوجبه الناذر على نفسه والتزم به فالزمه الله بما التزم كما التزم، نظير دليل الامضاء في باب المعاملات من العقود والايقاعات.
ومن الواضح ان الناذر لم يلتزم شيئاً على نفسه على سبيل الاطلاق، بل جعله مرتبطاً بالله تعالى، حيث قال: «لله علي» فالذي التزم به هو العمل الصالح لان يضاف الى المولى ويكون متعلقاً به مع قطع النظر عن دليل وجوب الوفاء. ومن ثم يعتبر في انعقاده رجحان المتعلق، والا فالرجحان المزبور لم يرد عليه دليل بالخصوص.