بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد و هشت
واما ما افاده صاحب العروة في ذيل المسألة بقوله:
«وكذا لو وهبه، وأقبضه إذا لم يكن رحماْ، فإنه ما دامت العين موجودة له الرجوعْ، ويمكن أن يقال بالوجوب هنا حيث إن له التصرف في الموهوب فتلزم الهبة.»
ونظره (قدس سره) الى ان الهبة في غير الرحم انما تفيد الملكية الا انها متزلزلة باحتمال الرجوع والأقوى عدم تحقق الاستطاعة بها.
واحتمل تحققها ووجوب الحج عليه حيث انه متمكن من التصرف المخرج عن امكان الرجوع في المال الموهوب. وبعبارة اخرى انه متمكن في فرض الكلام من رفع التزلزل بالتصرف، فيمكنه الاقدام على المنع من الرجوع وبهذا الاعتبار لا يبعد القول بتحقق الاستطاعة في مورده.
هذا، واورد عليه كاشف الغطاء في حاشيته:
«ولكن الكلام في انه هل يجب عليه التصرف ام لا؟»
وأفاد المحقق النائيني(قدس سره):
«هذا ايضاً من القدرة على تحصيل الاستطاعة المسلّم عدم وجوبه كما تقدم.»
وافاد السيد الخوئي(قدس سره) ناظراً اليهما:
«... لو وهبه واقبضه ولم يكن رحماً الذي هو في معرض الزوال ما لم يتصرف، فان الظاهر حينئذٍ وجوب التصرف لتلزم الهبة حفظاً للقدرة الحاصلة على الحج بقبول الهبة.
فانه بعد ان ملك ولو آناً ما يمكنه ان يحج ووجب عليه ابقاؤه والمحافظة علي امكان الحج به وعدم صرفه في غير هذا السبيل.
ومن مقدمات الابقاء والمحافظة التصرف في العين ـ في المقام ـ كي تلزم الهبة، ولا يرجع الواهب فيها، فان هذا ليس من تحصيل الاستطاعة، بل من المحافظة عليها بعد حصولها الذي هو لازم عقلاً مقدمة لأداء الواجب في ظرفه ولو على نحو الواجب التعليقي كما تقدم.»[1]
واساس كلامه هنا وجوب التصرف ليلتزم الهبة ووجهه وجوب التحفظ على القدرة التي حصلت له بقبول الهبة.
وصرح (قدس سره) بان وجوب إبقاء ما حصل له من التمكن ليس من قبيل تحصيل الإستطاعة، بل من المحافظة على الاستطاعة الحاصلة له بقبول الهبة، وهي واجبة لانها لازمة عقلاً مقدمة لأداء المواجب في ظرفه.
ومعه فلا وجه لترديد كاشف الغطاء (قدس سره) بان الكلام انما هو في انه هل يجب عليه التصريف ام لا. كما لا وجه لجزم المحقق النائيني بانه تحصيل الاستطاعة و اعمال القدرة في تحصيله، ومن المسلم وجوبه.
هذا وأفاد السيد الاستاذ (قدس سره): بل يتعين القول بالوجوب ولا وجه لدعوى ان التصرف يحقق الاستطاعة ففعله للاستطاعة، و هو غير لازم.
وذلك؛ لأن الاستطاعة حاصلة قبل التصرف وبدونه، اذ المفروض أنه يملك مقدار ما يفي بالحج مع تمكنه من التصرف فيه في الحج، ولم يتصور شيء رافعاً لذلك ومانعاً عنه سوى وقوع المكلف في كلفة المطالبة لو رجع او فسخ اذ لا مال يودى منه.
وهذا المعنى يعلم بعدم تحققه بالنسبة اليه، اذ مع صرف المال لايطالبه احد، فهو نظير ما لو كان ذا مال يفي منه البائع لو فسخ بعد التصرف في العين ومطالبته بقيمتها.
وبالجملة: المقتضي للاستطاعة في الفرض موجود والمانع عنها مفقود، فلا وجه للتردد او الإشكال.
ويمكن ان يقال:
انه قدمر ان الاستطاعة لا تتحقق بالملكية المتزلزلة، وفي مثل المقام انه بعد قبول الهبة انما يملك المال الموهوب ولكن لابالملكية المستقرة، بل بالملكية المتزلزلة فانها ملكية ليست له يد بالنسبة اليها مطلقاً، بل يكون للغير سلطان واختيار فيه.
نعم هذه الملكية المتزلزلة صارت مستقرة بالتصرف، ولكن الاستطاعة قبل ذلك غير متحققة لمامر من عدم تحققها بمجرد الهبة لتزلزلها، وبالتصرف في المال الموهوب صار مستطيعاً بصيرورة الملكية المتزلزلة مستقرة، وعليه فان التصرف تحصيل للاستطاعة كما صرح عليه المحقق النائيني (قدس سره) ولا دليل على وجوبه.
وليس المناط هنا امكان رجوع المال الى الواهب وعدمه، لأنه لا شبهة في لزوم الهبة بالتصرف، فلا ضرر ولا حرج يتصور في المقام ولكن المحذور انما هو فقدان الدليل على وجوب تحصيل الاستطاعة كما انه لا شبهة في ان التصرف مصداق لتحصيلها.
نعم، مع الالتزام بتحقق الاستطاعة بالملكية المتزلزلة لكانت الاستطاعة حاصلة قبل التصرف، وان التصرف مصداق للتحفظ عليها وابقائها، كمامر في كلام السيد الخوئي(قدس سره) فانه تام على ما اختاره من المبنى من أن المعرضية للزوال غير مانعة عن صدق الاستطاعة الفعلية.
واما مع الالتزام بعدم تحقق الاستطاعة بالملكية المتزلزلة، او تحققها بعد حصول الوثوق بعدم الفسخ في المسألة السابقة لاوجه للالتزام بوجوب التصرف في المقام كما عن سيدنا الأستاذ (قدس سره) فانه التزم بان العرف لايعد صاحب الملكية المتزلزلة مستطيعاً، وانه اذا كان شاكاً في الفسخ وعدمه استلزم ذلك الشك في تحقق الاستطاعة.
[1] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص144