درس خارج اصول/ المقصد السابع: اصول عمليه/ في الشك في المكلف به جلسه پنجاه
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه
والظاهران كلامه هنا ناظر الي ما افاده المحقق النائيني في الفوائد:
قال (قدس سره):
«... فتحصل مما ذكرنا:
أن القاعدة في مورد تعارض الأصول تقتضي السقوط، ويبقى التكليف المنجز المعلوم بالاجمال على حاله والعقل يستقل بوجوب موافقته والخروج عن عهدته، إما بالوجدان، وإما بالتعبد من الشارع.
ولا ينحصر طريق الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالاجمال بالقطع الوجداني، ضرورة أن التكليف المعلوم بالاجمال لا يزيد على التكليف المعلوم بالتفصيل، وهو لا ينحصر طريق امتثاله بالقطع الوجداني، بل يكفي التعبد الشرعي، كموارد قاعدة الفراغ والتجاوز وغير ذلك من الأصول المجعولة في وادي الفراغ.
فان كان هذا حال العلم التفصيلي فالعلم الاجمالي أولى منه في ذلك، لان الواقع لم ينكشف فيه تمام الانكشاف، فيجوز للشارع الترخيص في بعض الأطراف والاكتفاء عن الواقع بترك الآخر، سواء كان الترخيص واقعيا كما إذا اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف، أو ظاهريا كما إذا كان في بعض الأطراف أصل ناف للتكليف غير معارض بمثله، على ما سيأتي تفصيله.
والحاصل: أن الذي لابد منه عقلا هو القطع بالخروج عن عهدة التكليف، والعلم بحصول المؤمن من تبعات مخالفته، وهذا كما يحصل بالموافقة القطعية الوجدانية بترك الاقتحام في جميع الأطراف، كذلك يحصل بالموافقة القطعية التعبدية بترك الاقتحام في بعض الأطراف مع الاذن الشرعي في ارتكاب البعض الآخر ولو بمثل أصالة الإباحة والبرائة إذا فرض جريانهما في بعض الأطراف بالخصوص ولم يجريا في الطرف الآخر ليقع المعارضة بينهما.
نعم: لا يجوز الاذن في جميع الأطراف، لأنه إذن بالمعصية، والعقل يستقل بقبحها، وأما الاذن في البعض فهو هما لا مانع عنه، فان ذلك يرجع في الحقيقة إلى جعل الشارع الطرف الغير المأذون فيه بدلا عن الواقع والاكتفاء بتركه عنه لو فرض أنه صادف المأذون فيه للواقع وكان هو الحرام المعلوم في البين.
ودعوى: أنه ليس للشارع الاكتفاء عن الواقع ببدله مما لا شاهد عليها، وإلى ذلك يرجع ما تكرر في كلمات الشيخ (قدس سره) من إمكان جعل بعض الأطراف بدلا عن الواقع، فإنه ليس المراد منه تنصيص الشارع بالبدلية، بل نفس الاذن في البعض يستلزم بدلية الآخر قهرا.
ومما ذكرنا ظهر الوجه فيما أفاده الشيخ (قدس سره): من أن العلم الاجمالي يكون علة تامة لحرمة المخالفة القطعية ومقتضيا لوجوب الموافقة القطعية فان عليته لحرمة المخالفة القطعية إنما هي لأجل عدم جواز الاذن فيها، بخلاف الموافقة القطعية، فإنه يجوز الاذن بتركها بالترخيص في البعض، فدعوى التلازم بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية وأن العلم الاجمالي إما أن يكون علة لهما معا وإما أن لا يكون علة لهما، في غاية الضعف.