بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و چهار
و اورد عليه السيد الحكيم (قدس سره):
« هذا الاستدلال لا يخلو من إجمال، وكان الأولى التعرض لما يعتبر في الاستطاعة ليتضح حصوله في المقام وعدمه.
وقد عرفت سابقا أن الظاهر من روايتي أبي الربيع و عبد الرحيم القصير: اعتبار السعة واليسار وهما غير حاصلين مع الدين إذا لم يزد ما يحتاج إليه في الحج على ما يقابل الدين، من غير فرق بين المؤجل والحال، مع المطالبة وبدونها.
ومجرد القدرة بعد ذلك على الوفاء في المؤجل وفي الحال مع الرضا بالتأخير، غير كاف في صدق السعة واليسار فعلا. ومن ذلك يظهر أن الأقوى ما ذكره في الشرائع وغيرها.»[1]
واما ما افاده صاحب العروة (قدس سره) في مقام الاستدلال الذي اورد عليه السيد الحكيم بانه لا يخلو عن اجمال هو:
ان المناط في وجوب الحج هو صدق الاستطاعة وهي تصدق مع كون الدين مؤجلاً بان يكون للمديون الاجل الي ادائه ووثوقه بالتمكن من ادائه بعد صرف ما عنده في الحج.
وظاهره (قدس سره):
ان مناط الاستطاعة ليس مجرد كونه مالكاً للمال وكونه متمكناً من التصرف فيه باي وجه شاء، وبعبارة اخرى ان القدرة الفعلية في التصرف في المال المملوك له ليس محققاً للاستطاعة فقط. بل ان التمكن من قوة التصرف كاف في تحققه، فلذا إذا كان الدين مؤجلاً، وكان عنده ما يمكن بذله للحج، وكان عنده ايضاً ما يمكن بذله في اداء الدين عند مضي الاجل، كان مستطيعاً، وكذا إذا كان عنده ما يمكن بذله للحج في فرض تأجيل الدين وامكان حصول ما يمكن بذله في اداء الدين عند مضي الاجل، بان يكون له مال عند غيره بعنوان الدين، وكان انقضاء الدين قبل مضي اجل ما يلزمه بذله في اداء الدين، او مصادفاً له، فهو مستطيع ايضاً.
والصورة الاولى: ـ اي فرض ما كان عنده ما يمكن بذله في اداء الدين ـ متفق عليه بينه وبين غيره.
واما الصورة الثانية: ـ اي كون الدين مؤجلاً، وكون ما عنده من المال وافياً للحج، ولكن ليس عنده ما يفي بأداء دينه عند مضي اجله، بل هو تمكن لأدائه من جهة الوثوق بحصول مال له قبل مضي اجل الدين يفي بأدائه ـ فهي مورد تأمل بعض اعلام محشي كلامه، لرجوعه الى كفاية الوثوق بحصول المال لأداء دينه، من دون ان تكون القدرة الفعلية على ادائه حاصلة حين صرف المال في الحج، وهو يرجع الى كفاية امكان القدرة، او قوتها دون فعليتها، وهو وان أكد ذلك بصورة وثوقه بحصولها، الا ان وجه تأمل الاعلام عدم كفاية ذلك وان ما تقتضي الاستطاعة القدرة الفعلية على أداء الدين كالقدرة الفعلية على بذل ما عنده في الحج ومع فقدان هذه القدرة على اداء الدين. فلا محالة ليس عنده مما يتمكن من التصرف فيه فعلاً غير ما يمكن بذله في الحج، مع اشتغال ذمته بالدين.
ولعل ما افاده السيد الحكيم من الاجمال في استدلاله راجع الى هذه الجهة بان يكون الدليل شاملاً لصورة فقدان القدرة الفعلية على الوفاء بالدين عند مضي اجله ولذلك افاد بان الأولى التعرض لما يعتبر في الاستطاعة واعتبر فيها السعة واليسار بمقتضى ظهور روايتي ابي الربيع الشامي وعبد الرحيم القصير. وقد صرح بانهما غير حاصلين مع الدين إذا لم يزد ما يحتاج اليه في الحج على ما يقابل الدين من غير فرق بين المؤجل والحال، مع المطالبة وبدونها.
وصاحب العروة (قدس سره) تأكيداً على ما افاده من كفاية التمكن من الأداء و لو قوة ومع الوثوق بحصول ما يتمكن معه من الأداء في الاستطاعة انه لا يكفي عدم مطالبة الدائن عند الحلول،
او رضائه بالتأخير في هذا المقام لتحقق الاستطاعة.
وتردد في صدقه إذا كان واثقا بالتمكن من الاداء في فرض كون الدين حالاً، مع عدم احرازه رضا الدائن بالتأخير،
وان عبر هنا بعدم فعلية الرضا بالتأخير،
وليس ذلك الا انه (قدس سره) يرى صدق الاستطاعة بإمكان استيفاء الدين له في المستقبل بالوثوق بحصول المال الوافي له، ويشترك الكل في عدم تمكنه من اداء دينه فعلاً بمعنى عدم القدرة الفعلية عليه في الوقت التي اراد بذل ما عنده في الحج.
ثم انه (قدس سره) رد الاستدلال بالأخبار الواردة في جواز الحج لمن عنده دين كما في المستند.
نظير:
ما رواه الكليني عن علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن ابي عمير، عن معاوية بن عمار، عن غير واحد قال:
قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ): يكون على الدين فتقع في يدي الدراهم، فإن وزعتها بينهم لم يبق شئ فأحج بها، أو أوزعها بين الغرام ؟ فقال تحج بها، وادع الله أن يقضى عنك دينك .
ومثله ما رواه الصدوق بإسناده عن ابن محبوب، عن أبان، عن الحسن بن زياد العطار قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ): يكون علي الدين وذكر نحوه.[2]
قال السيد الحكيم (قدس سره) بعد نقل الخبرين بعنوان الصحيح.
« ودلالتها على الجواز بالمعنى الأعم الشامل للوجوب ظاهرة . ولذلك يشكل الاستدلال بها - كما في المستند - على الوجوب، فضلا عن كون الحج حج الاسلام .»[3]
وهو بيان لما افاده صاحب العروة (قدس سره) من ان هذه الادلة لا تنفع في الجواب لأنها تدل على ما هو الاعم منه، والدليل الاعم لا يفيد الأخص.
والروايتان صحيحتان:
اما الأُولى: فرواه الكليني عن علي بن ابراهيم القمي، قال فيه النجاشي: ثقة في الحديث ثبت معتمد. وكذا العلامة وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن ابيه ابراهيم بن هاشم، وثقه علي بن ابراهيم ابنه في تفسيره لأنه صرح بوثاقة الرواة الواقعة في طريق الأحاديث المروية فيه، ويعبر عنه بتوثيقه العام في رواه التفسير، وابراهيم بن هاشم واقع في طريق كثير منها. ووثقه ابن طاووس.
وقال العلامة في الخلاصة: الأرجح قبول روايته. وقد مر تمامية وثاقته. وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو اجل من ان يوثق ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن معاوية بن عمار بن ابي معاوية، قال فيه النجاشي: ثقة وكان ابوه ثقة في العامة، ووثقه العلامة، وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواها عن غير واحد والمراد منه جمع من اجلاء الرواة مثله فلا يعامل معه معاملة المرسل لان مثل هذا التعبير انما ورد فيما كان مشهوراً في لسان الرواة، ولذا عبر عنها السيد الحكيم (قدس سره) بالصحيحة. ويزيدها في الاعتبار نقل ابن ابي عمير الشامل اعتباره لجميع ما قبله من النقلة.
اما الثانية:
فرواه الصدوق بأسناده عن ابن محبوب، والظاهر ان المراد من ابن محبوب، هو الحسن بن محبوب بقرينة روايته عن ابان وكثرة نقل الحسن بن محبوب عن ابان بن عثمان كما ان المراد من ابان في المقام هو ابان بن عثمان بقرينة نقله عن الحسين بن زياد. واسناد الصدوق الى الحسن بن محبوب صحيح.
واما الحسن بن محبوب السراد او الزراد وثقة الشيخ في كتابيه وابن ادريس في السرائر والعلامة في الخلاصة، وهو من اصحاب اجماع الكشي ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن ابان بن عثمان الاحمر البجلي، قال فيه الكشي: ان العصابة اجمعت على تصحيح ما يصح عن ابان والاقرار له بالفقه فالأقرب عندي قبول روايته.
ونقل عن فخر المحققين عن العلامة ان الاقرب عندي عدم قبول روايته، وقد استدل بقوله تعالى: {ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} وقال: «لا فسق أعظم من عدم الايمان».
وابان هذا من الناووسية ونقل الكشي عن محمد بن مسعود عن علي بن الحسن بن فضال له كان ابان بن عثمان من الناووسية.
ولكن المهم في مورده انه لا شهادة في كتب الرجال على ضعفه في الحديث ولو تم كونه من الناووسية وكان ثابتاً فيه الى آخر عمره لكان ذلك فساداً في عقيدته لا يضر بوثاقته في الحديث.
كما انه قد أكثر اعاظم الرواة في النقل عنه ومن جملتهم، محمد بن ابي عمير وصفوان بن يحيى واحمد بن محمد بن ابي نصر فيشمله التوثيق العام من الشيخ في العدة. وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن الحسين بن زياد العطار، ولم نجده بعنوان العطار في الرجال بل قال الشيخ في الفهرست: الحسين بن زياد له كتاب الرضاع رواه وليد بن حماد ورواياته قليلة ولا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال لكن الظاهر ان عنوان الحسين بن زياد خطأ في الفقيه. والصحيح الحسن بن زياد العطار، وقد روى عنه كثيراً ابان بن عثمان.
قال النجاشي (قدس سره): « الحسن بن زياد العطار مولى بني ضبة، كوفي ثقة، روى عن أبي عبد الله عليه السلام - وقيل الحسن بن زياد الطائي - . له كتاب أخبرنا اجازة الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا [ الحسن ] ابن حمزة قال: حدثنا ابن بطة عن الصفار قال، حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا محمد بن أبي عمير عن الحسن بن زياد العطار بكتابه»[4]
وفي الفهرست: «الحسن العطار له أصل عند ابن ابي عمير.»
وقد عد المحقق الاردبيلي في جامع الرواة هذه الرواية من روايات الحسن بن زياد وذكر (قدس سره) ايضاً:
«ابان بن عثمان عن الحسن العطار في باب حكم ولد الجارية المحللة في اول كتاب النكاح روي هذا الخبر بعينه ابان بن عثمان عن الحسين العطار في نسخة واخرى عن الحسن العطار عن ابي عبدالله (عليه السلام) في التهذيب في باب ضروب النكاح الظاهر ان الحسين مصغراً اشتباه. الصواب الحسن بقرينة نقل ابان بن عثمان عن الحسن العطار او اتحاد الخبر. والله العالم.»[5]
[1] .السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص96-97.
[2] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 50 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص142، الحديث14476/10.
[3] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة، ج10، ص97.
[4] . النجاشي، رجال النجاشي، ص47، الرقم96.
[5] . المحقق الاردبيلي، جامع الرواة، ج1، ص201.