بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه دوازده
و اجاب عنه السيد الحكيم في المستمسك:
« والاشكال عليه ظاهر مما في المتن، لأن محل الكلام صورة عدم الحرج. والأصل لا يعارض الاطلاق المقتضي للوجوب. وكون الأعيان لا تزيد على الحاجة إنما يصح التعليل به لو كان دليل لفظي يدل على استثنائها، والمفروض عدمه، كما أشار إليه في الجواهر.»[1]
و لكن ظاهر كشف اللثام ان الاعتياض قد يوجب الحرج العظيم و كانه اجرى حكم الغالب في الكل.
واما عدم كون الاعيان زائداً عن الحاجة، فان تمام غرضه في المقام هو ان في مفروض المسألة كون الزيادة في القيمة دون العين و العين مطابقته لحاجة في معاشه، وانما وقعت الزيادة في ثمن الدار وما يسكن فيه من الدار انما يحاسب بتناسبها مع حاجته في العين واما القيمة فهي امر اعتباري ربما تزيد او تنقص، وهذا لا دخل فيما يحتاج اليه في معيشته وهو عين الدار.
نعم، ذكر السيد الحكيم كصاحب الجواهر انه ليس لنا دليل لفظي امكن الاستناد باطلاقه في المقام بان يقال ان الدار المملوكة المسكونة تستثنى و نحن في مقام الاستدلال حكمنا بان اطلاق دليل الاستثناء يشمل الدار مع الزيادة او من غير الزيادة.
و هذا صحيح غير انه يمكن ان يقال:
ان الاخبار الدالة على السعة و اليسار في تفسير السبيل انما تدل على تحقق الاستطاعة بتمكنه من الزيادة على ما يحتاج اليه في معاشه المتعارفة والكلام هنا ان حصول الزيادة في القيمة مع عدم صدقها في العين في مثل الدار هل تصدق عليه الزيادة الموضوعة في هذه الادلة ام لا ودليل اطلاق الستة انما يقتضي عدم تحقق الاستطاعة في الزيادة الحكمية في المقام.
و كان هذه الجهة هو الموجب لما افاده صاحب الجواهر فيما اختاره من وجوب التبديل بانه اقوى.
هذا وقد افاد السيد الحكيم في خاتمة كلامه في المسألة.
« اللهم إلا أن يقال: إن دليل اعتبار الزاد والراحلة منصرف عن الأعيان المحتاج إليها، والمفروض أنها منها. لكن هذا الانصراف غير ظاهر.»
ومراده من الانصراف انصراف اطلاقات وجوب الحج واشتراطه بالاستطاعة عن الزيادة الحاصلة في قيمة ما يتوقف عليه معاشه المتعارفة.
وذلك ببيان منا:
ان هذه الاطلاقات بعضها ما دل على اعتبار السعة و اليسار كما هو مقتضى موثقة ابي بصير السابقة ورواية ابي الربيع الشامي وغيرها، وظاهره في وجوب الحج لمن تمكن عن الزيادة عما يحتاج اليه في معاشه من الدار و وسيلة الركوب و اثاث البيت و آلات الصنائع وحلي المرأة وغيرها. حيث تمكن بها من الاتيان بالحج فمدعى السيد الحكيم ان هذه الادلة منصرفة عن حصول الزيادة القيمية في اعيان ما عنده من ضروريات معاشه.
و لكنه نفاه بان هذا الانصراف غير ظاهر.
و لكنه يمكن ادعاء ظهوره بتقريب ان وجه الانصراف هو التشكيك في الصدق وزيادة صدق المنصرف بالنسبة الى ما ينصرف عنه بحيث يوجب صرف الظهور الى المعنى المنصرف.
ويمكن ان يدعى في المقام، ان الاضافة والزيادة التي يتمكن معها من الاتيان بالحج زائداً على ما يحتاج اليه في معاشه المتعارفة، انما تصدق على ما اذا كان له تمكن من مال او عين زائداً على ما يحتاج اليه في معاشه وهذا مما لا كلام فيه.
و تصدق ايضاً على الزيادة التي يتمكن بها من الاتيان بالحج التي ليست زيادة على ما يحتاج اليه في معاشه المتعارفة، بل كانت الزيادة في نفس ما يحتاج اليه فيه، بان تكون في عين داره او في قيمة داره، او في عين حلي المرأة، او في قيمة.
والكلام هنا ان صدق الزيادة في الموردين هل كان على نهج واحد في القوة والضعف فنلتزم بعدم الانصراف، او ان الصدق فيهما يتفاوتان وان صدق الزيادة على الاول اقوى وعلي الثاني اضعف بحيث اذا راجع الشخص الى هذه الاخبار فانما يخطر بباله اولاً الزيادة بالمعنى الاولي دون المعنى الثانية و كان فهم الثانية يحتاج الى مزيد دقة او صرف مؤونة.
و لا يبعد الالتزام بالاخير اي التشكيك في الصدق في الموردين ومعه لا يكون الانصراف غير ظاهر حسب ما افاده السيد الحكيم.
كما انه لا يبعد ان يكون مراد الفاضل كاشف اللثام من تعبيره: لان اعيانها لا تزيد عن الحاجة ذلك الا انه صور هذا الوجه في خصوص الزيادة القيمية دون العينية.
وعلى اي حال يمكن ادعاء هذا الانصراف في مطلق الزيادة فيما يحتاج اليه في معاشه من قبيل الدار بلا فرق بين الزيادة العينية و الزيادة القيمية.
كما يمكن ادعاؤه في خصوص الزيادة القيمية ولا يبعد ان يكون الانصراف فيها اقوى.
وكانه لذلك عبر صاحب الجواهر في هذه المسالة اي الزيادة القيمة ان الاقوى عدم وجوب التبديل بخلاف المسألة السابقة التي عبر فيها عنده بوجوب التبديل قطعاً فلعله يرى مثل هذا الانصراف في الزيادة القيمية.
و الحق ان هذا الانصراف له وجه قوي، وان ما دل على اشتراط الحج بالاستطاعة وما ورد في تفسير السبيل انما يقتضي وجوب الحج لمن يتمكن من الزيادة والاضافة زائداً على ما يحتاج اليه في معاشه المتعارفة، وان ما يسكن فيه او يستفيد منه في معاشه اذا فرض كونه لائقاً بحاله مناسباً لشأنه خارج عن مورد هذه المحاسبة اي تحاسب الزيادة بالنسبة الى غيرها لا فيها.
نعم ذلك اظهر في صورة الزيادة القيمية عند اكثر الناس، فانه انما يسكن في الدار و ربما لا يتوجه الى زيادة قيمته لعدم اهتمامه بها لان غرضه تمكنه من السكنى فيما يليق به.
وذلك و ان لم يكن له ظهور بهذه المثابة في الزيادة العينية الا انه ليس المدار بين المتشرعة على بيع ما سكن فيه الشخص وكان يسكن فيها آبائه للاتيان بالحج بصرف حصول الزيادة العينية فضلاً عن القيمية.
[1]. السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة، ج10، ص86.