درس خارج فقه/ كتاب الحج / في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة/ جلسه صد و نوزده
صوت درس:
بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و نوزده
واما بالسنبة الى الوجه الثاني:
فقد افاد السيد الاستاذ في المرتقى:« أن الحر له سلطنة حقيقة واقعية على منافعه، فلا حاجة الى اعتبار الملكية في حقه، فأنها- على بعض الاقوال- لا تعدو اعتبار السلطنة و جعلها له و المفروض أنها ثابتة له واقعا فيكون الاعتبار لغوا و الضمان ثابت بذلك لأن موضوع الضمان هو إتلاف مال الغير. و من الواضح صدق المال على المنفعة و هي مضافة الى الغير بالإضافة الواقعية. كما تصح المعاوضة عليها للاكتفاء في صحتها بمالية العوضين و ارتباط كل منهما بطرف معين و المفروض ارتباط المنفعة بذيها ربطا واقعيا.
إذن، فالحر له استيلاء على منفعته، فقد يدّعى استطاعته بذلك لاستيلائه على ما يحج به. لكن الحق أنه لا يجب عليه الحج بذلك، لأنّه و إن كان فعلا مسئول على ما يحج به إلا أن الانتفاع به في سبيل الحج لمّا كان يتوقف على اتعاب النفس بالخدمة لا يكون بنظر العرف مستطيعا بل يكون من مصاديق تحصيل الاستطاعة، و إن أبيت إلا عن دعوى صدق الاستطاعة بذلك فأدلة وجوب الحج على المستطيع منصرفة عن مثل هذا الفرد. نعم، اذا كان من عادته اجارة نفسه للخدمة بحيث لا يعدّ ذلك اتعابا له غير اعتيادى، بل هو أمر يتحقق منه على أي حال، و الفرق أنه تزاد أجرته لخدمة الحج كان بنظر العرف مسئول على تلك الزيادة من دون عناء و تعب، فقد يدعى كونه مستطيعا بنظر العرف و ان كانت دعوى الانصراف قويّة.»[1]
وما افاده غاية المتانة ويوافقه ما هو المتعارف في السيرة العقلائية وان كان فيه بعض النظر كاختصاص الضمان بحبس من يشتغل بحرفته وحبس، بحيث كان الحبس مانعاً عن فعلية ما عنده بحسب القوة.
اذا عرفت هذا. فان بالنسبة الى الكسوب الذي يتعارف منه الكسب في الطريق الى البلاد المختلفة وكذا من يستأجر نفسه للعمل ولو في خارج بلده ولو بمدة مديدة كشهور او من يتجر بين البلاد المختلفة ويتعارف منه التجارة في سفره الى مكة او ما قاربها من البلدان او من يتعارف منه كراء دوابه او سياراته للسفر وخصوصاً الى مكة وما قاربها ويتعارف منه المعية وقطع الطريق معها مع فرض تحقق ساير ما يلزم في تحقق الاستطاعة مثل ان يكون ما يكفي من المؤونة موجوداً عند اهله ولا يوجب قطع الطريق الى مكة مشقة له او لا يوجب مشقة زائدة على ما تتعارف في شغله ولا يوجب السفر المذكور مهانة وذلة وحرجاً او ضرراً عليه كما هو المعتبر في الاستطاعة العرفية في جميع الموارد.
وكذا في مثل عصرنا ان الطبيب الذي يتعارف منه الاشتغال بالطبابة في السفر وفي معية الناس والطباخ الذي يتعارف منه الاشتغال بالطباخة في السفر وامثال ذلك كمن يتعارف منه استئجار نفسه لخدمة السفر.
فانه يصدق في موردهم التمكن من قطع المسافة للحج والاتيان بالمناسك مما يحصله من شغله في السفر وانه ممن يقدر على الزاد والراحلة ويتمكن وان لم يكن عنده زاد وراحلة بالفعل وليس عنده نقد يمكن صرفه فيهما.
واساس ذلك انه كان ممن يقدر عليهما عرفاً فيكون نظير من ليس له زاد وراحلة ولا قيمتهما الا ان عنده ملك يتمكن من تبديله بالنقد وهو ايضاً وان لم يتمكن منهما فعلاً او من قيمتهما من النقد الا انه يتمكن من قوة وموقعية يتمكن من صرفها وتبديلها بالفعلية.
[1] . السيد محمد الروحاني، المرتقى إلى الفقه الأرقى، كتاب الحج؛ ج1، ص 130-131.