بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و شش
واورد عليه سيدنا الاستاذ ان ما افاده في تقريب ما افاده في تقريب ما افاده صاحب الكفاية غير خالية عن الاشكال:
«لأنه بنى الاستدلال على ظهور النصوص في وحدة الثواب المجعول مع الثواب البالغ، وهو يقتضي وحدة الموضوع.
وهذا هو مركز إشكالنا، فان ظهور الكلام في وحدة الثواب لا يعني إرادة الوحدة الشخصية المتحققة بالمحافظة على تمام الخصوصيات البالغة من حيث المتعلق وغيره، بل يراد به الوحدة من حيث الجنس، بمعنى ان نفس ذلك الثواب يحصله المكلف سواء كان على نفس ذلك العمل أم على أمر آخر ملازم له، فالمنظور إثبات الثواب البالغ بكمه وكيفه لا أكثر.»[1]
ثم افاد نفسه في توجيه مرام الكفاية:
«إن تمامية ما افاده تبتني على مقدمات غير موضحة بتمامها في الكفاية، بل قد طوي بعضها وهي : أولا:
ان الظاهر في موارد العطف بفاء التفريع على مدخول أداة الشرط، هو ارتباط الحكم الثابت في الجزاء بمدخول الفاء، وان ما قبله ذكر توطئة وتمهيدا، كما لو قال:"إذا رأيت زيدا فاحترمته كان لك كذا"، فان ظاهر الكلام ان رؤية زيد ذكرت توطئة لذكر موضوع الحكم.
وثانيا:
ان ظاهر الكلام في مثل ذلك أن ما يكون مدخول الفاء هو تمام الموضوع بلا دخل لغيره فيه. وثالثا:
ما تقدم من أن متعلق الداعي يمتنع أن يكون معنونا بعنوان من قبل الداعي، وقد أوضحنا ذلك فلا نعيد.
إذا تمت هذه المقدمات نقول: ان مقتضى المقدمة الأولى هو دخالة العمل في ترتب الثواب الذي هو مدخول الفاء.
ومتقضى المقدمة الثالثة ان مدخول الفاء هو ذات العمل لا العمل الخاص، لان الخصوصية ناشئة من قبل الداعي فلا يعقل ان تكون مأخوذة في متعلق الداعي.
ومقتضى المقدمة الثانية هو كون الثواب مترتبا على ذات العمل وإن جئ به بداعي الامر، لتمحض مدخول الفاء في الموضوعية بلا دخل لغيره. والمفروض ان مدخول الفاء هو ذات العمل.
وإذا ثبت ظهور الاخبار في جعل الثواب على ذات العمل، كان كاشفا عن تعلق الامر به بمقتضى الكبرى التي عرفت أنها مسلمة. وما ذكرناه هو غاية ما يمكن به تقريب استفادة الاستحباب من الاخبار.»
ثم افاد في مقام نقد هذا التحقيق الذي افاده في توجيه مرام الكفايه:
«وهو قابل للمنع. ومرجع ما نريد أن ندعيه في مقام المنع إلى أن الجهة التي بها يستفاد الامر من قبل جعل الثواب غير متوفرة فميا نحن فيه، فالاشكال في انطباق الكبرى المسلمة على ما نحن فيه.
وبيان ذلك:
ان بيان الامر ببيان الثواب أمر لا يقبل الانكار - كما تقدم -، والشواهد العرفية عليه كثيرة، ومثله بيان النهي ببيان العقاب، فان شواهده العرفية والشرعية كثيرة.
والسر في استفادة الامر واستكشافه من ترتب الثواب أحد أمرين:
الأول:
دلالة الاقتضاء والدلالة الالتزامية العرفية. ببيان: ان العمل - في موارد جعل العقاب - لا اقتضاء فيه بنفسه، لثبوت العقاب، فاثبات العقاب عليه كاشف عن تعلق النهي به ليكون الفعل معصية له، وهي موضوع ثبوت العقاب، فثبوت النهي في موارد جعل العقاب - لا اقتضاء فيه بنفسه، لثبوت العقاب، فاثبات العقاب عليه
كاشف عن تعلق النهي به ليكون الفعل معصية له، وهي موضوع ثبوت العقاب، فثبوت النهي في موارد جعل العقاب يستكشف بحكم العقل ودلالة الاقتضاء. وأما جعل الثواب في مورد، فهو ليس بمستلزم عقلا لثبوت الامر لتحقق الثواب مع الاتيان به رجاء، لكنه عرفا مستلزم للامر، فان العرف يفهم من جعل الثواب جعل الامر في المورد الذي لا يقتضى ثبوت الثواب في حد نفسه، وهذا المعنى غير بعيد في اللغة العربية، فان بيان الملزوم ببيان اللازم ليس بعزيز، والاستعمالات الكنائية منه.
إذن فاستفادة الامر من جعل الثواب بالملازمة العرفية.
الثاني:
ان جعل الثواب في مقام الترغيب على العمل والحث عليه كاشف عن محبوبية العمل، وهي ملازمة للامر، مع عدم العلم بثبوت الامر سابقا وإلا فلا دلالة له إلا على الترغيب على إطاعة الامر السابق، وذلك كترغيب الوعاظ عل فعل الواجبات ببيان الثواب عليها، ففي غير هذا المورد يكون الترغيب كاشفا عن المحبوبية وهي تلازم الامر، لأنها مقتض له والمانع مفقود، لفرض كون المولى في مقام الترغيب الكاشف عن عدم المانع.
وهذان الوجهان لا يتأتيان فيما نحن فيه:
أما الأول:
فلان العمل المأتي به بداعي احتمال الثواب - كما هو الفرض - يكون معنونا بعنوان الاحتياط وسببا لتحقق الانقياد، وفي مثله لا ظهور للكلام عرفا في ثبوت الامر بالعمل لقوة احتمال رجوع الثواب إلى الثواب على الانقياد أو الاحتياط، وهو ثابت في نفسه مع قطع النظر عن الامر.
وأما الثاني:
فلان أساسه على فرض المولى في مقام الترغيب. وهذا غير ثابت فيما نحن فيه، لان الظاهر من ترتيب الثواب ههنا انه في مقام التفضل والاحسان وبيان ان المولى الجليل لا يخيب من أمله ورجاه، ولا يضيع تعب من تعب لاجل الثواب الذي تخيله أو رجاه تفضلا منه ومنة، فلا ظهور له في الترغيب نحو العمل - وان حصلت الرغبة فيه بعد ملاحظة هذا الوعد -. وهذا كثيرا ما يصدر عرفا.
فيقول القائل:"ان من قصد داري بتخيل وجود الطعام فيه لا أحرمه من ذلك وأطعمه"، فإنه في مقام بيان علو همته وطيب نفسه وكمال روحيته، وليس في مقام الترغيب إلى قصد داره، بل قد يكون كارها له لضيق ما في يده، ولكنه يتحلى بنفسية تفرض عليه عدم حرمان من أمله وقصده.
ولو لم نجزم بظهور الاخبار فيما ذكرناه بملاحظة ما يشابهها من الأمثلة العرفية، فلا أقل من الشك الموجب لاجمال الاخبار فلا تتم دلالتها على الاستحباب. وهذا كما يكون اشكالا على الوجه الثاني يكون إشكالا على الوجه الأول، لأنه إذا كان في مقام التفضل والاكرام، فلا دلالة عرفية ولا عقلية على أن الثواب عل العمل من جهة تعلق الامر به، إذ لا ملازمة عرفا ولا عقلا بين الثواب التفضلي والامر. وإنما يستكشف الامر إذا فرض كون ترتيب الثواب بعنوان الجزاء والاستحقاق. فلاحظ.
فعمدة الاشكال على استفادة الامر من هذه الأخبار هو، انها مسوقة في مقام بيان تفضل الله سبحانه وتعالى على العباد وهو، يلازم ثبوت الامر عقلا ولا عرفا. فتدبر.»[2]
[1]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج4، ص522-523.
[2]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، منتقى الأصول تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج4، ص523-526.