بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشتاد و نه
ويمكن ان يقال:
ان ظروف الاتيان بهذه الاعمال بحسب شرائطها يمكن ان يكون لها الدخل في تعين الاعمال المذكورة و تشخص هذه الحقائق.
ومثالها في الصلاة:
ان المكلف الذي يلتزم باتيان الصلاة الواجبة في اول وقتها. ولم يبادر مثلاً باتيان النافلة بل يكتفي باتيان الواجب فاذا اتى باربع ركعات في اول الظهر وابتداء دخول الوقت. و لو لم يكن في قصده الوجوب او الندب او الظهر او العصر، فان هذا الظرف الخاص بحسب شرائط العمل وشرائط المكلف يوجب تعين صلاته وتشخصها بصلاة الظهر.
فان الصلاة حقيقة جنسية لا تتشخص الا بالخصوصيات المشخصة ومن الممكن ان يكون احدى هذه الخصوصيات هذا الظرف المذكور كما ان من هذه الخصوصيات قصد العنوان الخاص.
وعليه فان مثل هذا المكلف اذا اتى باربع ركعات بنية العصر في الوقت المعهود للظهر نسياناً وعفلة له ان يبتني على كونها ظهراً عند الالتفات حينها. كما هو فتوى الاصحاب في المقام وكما في امثاله.
ومن المحتمل جداً ان يكون الحج مثل الصلاة في ذلك عيناً.
فان المكلف الذي ياتي بالحج في ظرف وجدان شرائطه واقعاً، بمعنى انه ياتي بالحج بالغاً عاقلاً مستطيعاً و.... في فرض عدم اتيانه بحجة الاسلام قبل ذلك، فانه بحسب هذا الظرف في مقام الاتيان مع كونه غير اتي بحجة الاسلام قبل ذلك، وان السنة هي اول السنة التي يتمكن من الاتيان بالحج واجداً لجميع شرائطه.
لكان ما اتي به هي حجة الاسلام وان لم ينويها، بل وان لم يتوجه ببلوغها، او استطاعتها او افاقتها.
فان في هذه الموارد يكون المشخص هو ظرف الاتيان اي الظرف الخاص للاتيان بالفعل الموجب لتشخص الحقيقة وتميز حجة الاسلام بين الاصناف الاخر. ويكون الظرف المذكور هو المُفصّل والمصور لجنس الحج ومادتها في مقام التحقق.
وبعبارة اخرى ان لهذا الظرف الدخل في تمييز الفعل وتشخصه كالقصد.
ولعل يكون من هذا الباب فتوى الاصحاب في المقام باجزاء ما اتى به البالغ الغافل عن بلوغه عن حجة الاسلام.
وكذا فتاواهم باجزاء ما اتى به المكلف غافلاً عن كونه مستطيعاً عن حجة الاسلام.
كما انه لعل ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في المقام.
«وان كانت ملحوظة – الخصوصية التي لا واقع لها – على سبيل الطريقية فكان ناوياً للامر الفعلي فاشتبه وتخيل انه كذا فبان غيره كان من باب التخلف في الداعي والخطأ في التطبيق...»
راجعاً الى ما حققناه.
الا ان ما افاده في البحث محصور في القصد واراد مسألتنا هذه ارجاع ما فعله المكلف الى كونه قاصداً للواقع ولو اجمالاً.
وان قصد مثله لدى التحليل راجع الى حجة الاسلام، وان لم يلتفت اليه تفصيلاً.
هذا وقد حقق في محله ان التشخص والتميز في الافعال والعناوين القصدية كما يتحقق بالقصد ربما يتحقق بامور اخرى كتحقق التعظيم والتحقير بالصدق العرفي ولو لم يكن قاصداً.
والحاصل أنه قد ظهر مما ذكرناه:
أنه كما يكون القصد مميزاً للعمل العبادي كذلك يكون ظرف الاتيان بشرائطه من ناحية المكلف ومن ناحية الفعل مميزاً للفعل العبادي و مشخصاً له بحيث يجزي ما اتى به عما تعلق بذمته، ولكن الظرف المذكور لا يتكفل لهذا التميز والتشخيص في جميع الموارد.
مثلاً فيما اذا كان ظرف الاتيان قابلاً للاتيان بافراد من الفعل العبادي كالواجب اداءً وقضاءً والمستحب بانواعه وكذا ما وجب بالنذر وامثاله ويجزي عن المكلف الاتيان بكل واحد منها في الظرف المذكور كالصلاة الواجبة في الوقت الموسع مع وجوب قضاء الفوائت على ذمة المكلف.
وتعارف اتيانه بالصلاة المندوبة من النافلة وغيره.
وهذا بخلاف الحج الواجب بعنوان حجة الاسلام حيث إن المكلف الواجد للشرائط لا يجزي عنه غير حجة الاسلام في سنته، فان اول سنته كونه واجداً للشرائط ظرف لاتيان حجة الاسلام، فلو اتى في هذا الظرف بغيرها من افراد الحج خطأ وغفلة عن كونه واجداً للشرائط فان الظرف المذكور يشخص ما فعله بعنوان حجة الاسلام.
كما في مورد المستطيع الذي يكون غافلاً عن استطاعته او الصبي الغافل عن بلوغه والمجنون الغافل عن إفاقته والعبد الغافل عن إنعتاقه.
فان ظرف الاتيان بالنظر الى خصوصية الحج وخصوصية المكلف قابل لتمكنه من تشخيص الفعل وتميزه.
ويمكن تصوير ذلك في الصوم ايضاً، فإنّ من عليه الصوم الواجب لايجزي عنه المستحب منه، فعند المضايقة يمكن تصوير كون ظرف الاتيان مشخصاً لما اتى به وان كان غافلاً.
وكذا في الصلاة في خصوص الاتيان بالعصر عدم الاتيان بالظهر والاتيان بالعشاء قبل الاتيان بالمغرب غافلاً، فاذا توجه في الاثناء يجب عليه قلب النية الى الظهر في الاول، والمغرب في الثاني قبل الاتيان بالركعة الرابعة.
ولعل وجه فتوى المشهور بالاجزاء في مسألتنا ـ البالغ الغافل عن بلوغه والباني في احرامه على الندب ـ وكذا فتواهم في موارد اخرى مثل قلب النية من العصر الى الظهر او من العشاء الى المغرب من هذا القبيل.