English | فارسی
یکشنبه 03 دی 1396
تعداد بازدید: 981
تعداد نظرات: 0

الاستصحاب / جلسه سی و هفتم

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه سی و هفتم

 

وقد اجاب (قدس سره) عن جميع هذه الاشكالات خصوصاً اشكال الردع الذي هو من عمدة ما اورد علي الاستدلال بالسيرة‌ في المقام.

 

وقد عرفت ما اورده السيد الاستاذ علي اشكال الردع في كلام صاحب الكفاية وان كان يلتزم به في النهايه، وسياتي مزيد كلام فيه انشاء الله.

 

« ومنها:

 

 بناء العرف والعقلاء من ذوي الأديان وغيرهم على الاخذ بالحالة السابقة عند الشك في انتقاضها في الأمور الراجعة إلى معاشهم ومعادهم.

 

 بل قد يقال:

 

 ان عليه بناء ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان من الوحوش والطيور ونحوهما في رجوعها إلى أوكارها ومآويها.

 

 وفيه أيضا ما لا يخفى:

 

 اما دعوى كون الاخذ بالحالة السابقة من فطريات ذوي الشعور من كافة الحيوان، فلا ترجع إلى محصل، بداهة ان ما جرى عليه ديدن الحيوانات من الرجوع إلى مساكنها انما هو من جهة الاعتياد أو الغفلة عن الجهات المزاحمة لقصورها عن درك هذه الجهات، لا انه من جهة الاستصحاب والبناء على الجري العملي على طبق الحالة السابقة مع الالتفات والشك في انتقاضها.

 

 واما السيرة العقلائية والطريقة العرفية الارتكازية:

 

 فهي وان كانت على الاخذ بالحالة السابقة، ولكن يمنع كون ذلك من باب الاستصحاب والاخذ بأحد طرفي الشك تعبدا، بل ذلك منهم انما هو من جهة الغفلة عما يوجب زوال الحالة السابقة كما هو الغالب، أو من جهة حصول الاطمينان لهم بالبقاء.

 

 أو من جهة مجرد الاحتياط ورجاء البقاء كما في المراسلات ونحوها من الأمور غير الخطيرة.

 

 وعلى فرض ثبوت البناء المزبور منهم، يمنع تحققه في مطلق الأمور حتى الراجعة إلى معادهم وما يتدينون به من احكام دينهم، بل المتيقن منه كونه في الأمور الراجعة إلى معاشهم وأحكامهم العرفية.

 

كيف: وثبوت هذا البناء الارتكازي منهم حتى في الأمور الدينية ينافي هذا الخلاف العظيم بين الأعاظم من الاعلام خلفا عن سلف وذهاب جمع منهم إلى عدم الحجية.

 

 إذ المنكرين للحجية أيضا من العقلاء بل كل واحد منهم بمثابة الف عاقل، فثبوت هذا الخلاف العظيم بينهم قديما وحديثا يكشف عن عدم ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة تعبدا في الأمور الدينية والأحكام الشرعية.

 

وعليه فلا يكاد ينفع مثل هذا البناء للاستدلال به على حجية الاستصحاب ولو مع اليقين بعدم ورود ردع من الشارع بنحو العموم أو الخصوص عن البناء المزبور.

 

إذ بعد عدم ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة تعبدا في الأمور الدينية، لا يحتاج إلى الردع عن بنائهم لو فرض كونه غير مرضى عند الشارع من جهة كونهم بأنفسهم مرتدعين بالنسبة إليها.

 

 هذا ولكن الانصاف:

 

 ان المناقشة الأولى في غير محلها، فان ثبوت بنائهم على الاخذ بالحالة السابقة من باب الاستصحاب والشك الوجداني في انتقاضها وتساوي احتمال البقاء والارتفاع مما لا سبيل إلى انكاره، لما يرى منهم بالوجدان والعيان في ترتيبهم آثار البقاء على الشئ عملا مع الشك في ارتفاعه من حيث ارسالهم المكاتيب والبضايع المهمة إلى من هو في البلاد البعيدة بلا وثوق منهم ببقائه على ما كان من الحياة والعقل والغنى مع مالهم من الاغراض المهمة، ومن غير تحقيق عن حال من يرسل إليه البضايع من كونه حيا أو ميتا ومن حيث بقائه على عقله وأمانته.

 

 كل ذلك بمقتضى ارتكازهم وجبلتهم التي أودعها فيهم بارئهم كما يشير إلى ذلك:

 

 بعض الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك، كقوله (ع): لزرارة لا ينبغي ان تنقض اليقين بالشك الظاهر في كون الاخذ بالحالة السابقة مع الشك في انتقاضها من الارتكازيات العرفية والطريقة العقلائية.

 

ولا ينافي ذلك:

 

 ما يرى من مداقة بعض الأشخاص وعدم اخذه بالحالة السابقة الا بعد الوثوق والاطمئنان العادي بالبقاء، فان ذلك منهم نحو احتياط لحفظ أغراضهم وعدم تضييع أموالهم، ولذلك لا يكون الآخذ بالحالة السابقة بلا تحصيل الوثوق ملوما عندهم ولو مع انكشاف الخلاف.

 

نعم: المناقشة الثانية في محلها:

 

 لما ذكرنا من عدم ثبوت تحقق البناء المزبور منهم حتى في الأمور الدينية والاحكام، الشرعية، لولا دعوى وضوح انه لا يكون لهم طريقة خاصة في الأمور الدينية وراء ما يسلكونه بارتكازهم في أمورهم الدنيوية مما يرجع إلى معاشهم ونظامهم، وانه بمقدمات عدم الردع يستكشف امضاء الشارع لتلك الطريقة المألوفة الارتكازية فتكون دليلا على حجية الاستصحاب.

 

ولكن الشأن في اثبات هذه الجهة، والا فبدونه يكفي في المنع عنه مجرد الشك في ذلك ( وعلى فرض ) ثبوت البناء المزبور منهم في الأمور الدينية لا مجال للتشبث بمقدمات عدم الردع لكشف امضاء الشارع.

 

إذا يكفي في الردع عن بنائهم، العمومات الناهية عن العمل بما وراء العلم.

 

وتوهم:

 

 عدم صلاحية هذه النواهي للرادعية عن بنائهم، لمكان مضادتها مع أصل وجود هذا البناء والسيرة المزبورة ولاستحالة تحقق هذه السيرة حتى من المتدينين منهم مع ثبوت ردع الشارع عنها.

 

فمن وجود هذه السيرة وتحققها بالوجدان بضميمة المضادة المزبورة يستكشف عدم صلاحية العمومات الناهية للرادعية عن بنائهم.

 

مدفوع:

 

 بان بناء العقلاء من المسلمين على شئ تارة يكون بما انهم مسلمون ومتدينون بشرايع الاسلام.

 

 وأخرى يكون ذلك منهم لا بما هم مسلمون ومتدينون بها، بل بما هم من العقلاء، ومن أهل العرف، والذي يضاد وجوده مع الردع الشرعي بحيث يستحيل تحققه مع ثبوته انما هو الأول.

 

واما الثاني:

 

 فلا يكون ردع الشارع عنه مضادا مع أصل وجوده، بل هو انما يكون مانعا عن حجيته.

 

وحيث ان المقصود من السيرة المزبورة هي سيرة العقلاء الذين منهم المسلمون فلا بد في تتميمها من التشبث بمقدمات عدم الردع لاثبات امضاء الشارع لها.

 

 فينتهي المجال حينئذ إلى دعوى صلاحية الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم للرادعية عنها.

 

نعم انما لا ينتهي المجال إلى ذلك فيما لو قررت السيرة المزبورة بسيرة المسلمين بما هم كذلك لا بما هم من أهل العرف والعقلاء.

 

ولكن الكلام حينئذ في أصل الصغرى.»[1]

 

ثم انه (قدس سره) تعرض لما مر من المحقق النائيني من عدم تمامية ردع السيرة المزبورة بما ورد من النهي عن العمل بغير علم، لخروج موارد السيرة العقلائيۀ المزبورۀ عن عموم ما دل علي العمل بغير علم بالتخصيص، وافاد:

 

« واما توهم خروج جميع موارد السيرة العقلائية عن العمل بما وراء العلم بالتخصص كما عن بعض الأعاظم قده، بدعوى اقتضائها لخروج مواردها عن موضوع تلك النواهي.

 

ففيه:

 

 انه من الغرابة بمكان، إذ ذلك مخصوص بباب الطرق والامارات كظواهر الألفاظ ونحوها، حيث إنها باقتضائها لتتميم الكشف واثبات العلم بالواقع تكون واردة على الآيات الناهية ومخرجه لموردها عن موضوع تلك النواهي بالتخصص، لا فيمثل المقام الذي هو من الأصول المعمولة عند العقلاء في ظرف استتار الواقع والجهل به، فان بنائهم حينئذ على الاخذ بالحالة السابقة لا يخرج مورده عن كونه عملا بغير العلم.

 

نعم:

 

 لو كان بنائهم على الاستصحاب والجري العمل على طبق الحالة السابقة من باب الا مارية نظير ظواهر الألفاظ وباب حجية خبر الواحد، لا من باب الأصلية، كان لدعوى ورود السيرة في المقام على العموميات الناهية وخروج موردها عن موضوعها مجال.

 

ولكن ذلك:

 

مع أنه لا طريق إلى اثباته، يلزم دخول الاستصحاب في الامارات، وهو مما لا يلتزم به القائل المزبور، فان المختار عنده كونه من الأصول لا الامارات.»[2]

 

 


 

[1]. الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج4، القسم الاول، ص33-36.

 

 

[2] . الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير بحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج4، القسم الاول، ص36.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان