بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و هفت
واما ما وقع الاستدلال به في الكلمات من قوله (عليه السلام): «انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه الى الجحفة والى بطن مر».
في صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبدالله (عليه السلام).
«قال: انظروا من كان معكم من الصبيان قدموه الى الجحفة او الى بطن مر، ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم، ويطاف بهم ويرمى عنهم ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليّه.»[1]
فانه استدل بهذه الصحيحة تارة بالتعبير باطلاقها، مثل ما في كلام السيد الخوئي (قدس سره) من الاستشهاد باطلاق بعض الروايات كصحيحة معاوية بن عمار: «انظروا من كان منكم من الصبيان فقدموه الى الجحفة» واطلاق ذلك يشمل الصبيان سواء كانوا مع اوليائهم ام لا.
وتارة بالتعبير «لان قوله (عليه السلام) من كان معكم من الصبيان، اعم ممن كان مع وليه وغيره.» في كلام النراقي. ولعله الاصل في استشهاد السيد الخوئي (قدس سره) وتارة بالتعبير لقوله (عليه السلام): «قدموا من كان معكم من الصبيان الى الجحفة الخ» فانه يشمل غير الولي الشرعي ايضاً، اي ان في الخطاب في معكم شمول للولي وغيره.
فقد اورد عليه المحقق العراقي (قدس سره) في الحاشية:
«ذلك كذلك لولا اشتمال ذيله على قوله: يصوم عنه وليه الظاهر في الولي الشرعي، فان هذه الفقرة يضر باطلاق صدره، اذ لا اقل من احتماله، لانه من باب اتصاله بما يصلح للقرينية.»
وافاد السيد الجليل السيد محمد الفيروزآبادي في حاشيته في المقام:
«الظاهر من الصبيان اللام بدل عن المضاف اليه اي من صبيانكم ويصرف امر التقديم الى من كان معه صبية لا صبي الغير فيشكل الشمول.»
وذكر السيد البروجردي (قدس سره) في حاشيته: بعد قول صاحب العروة: فانه يشمل غير الولي. «محل اشكال وقوله (عليه السلام): قدموا قضية في واقعة، فلعل المخاطبين كانوا اولياءً شرعاً لمن خوطبوا بالاحرام بهم.»
كما انه قد افاد المحقق النائيني في مقام النقد على صاحب العروة في الاستدلال بالصحيحة في المتن: فيه اشكال.
والمشكل في جميع هذه الاخبار وجود القرينة، او ما يحتمل القرينية لكون المراد من المخاطب فيها الولي او من هو بمنزلته مثل الام، ومعه كيف يمكن انعقاد الاطلاق فيها بالنسبة الى الاعم من الولي وغيره.
وانما اجمعت الايرادات من الاعلام في خصوص صحيحة معاوية بن عمار، لان صاحب العروة استدل بها لمدعاه من التعميم في متن العروة، والا فان الاشكالات مشتركة الورود في جميع الاخبار التي ادعي اطلاقها ولا خصوصية في هذه الصحيحة.
مع انه قد اورد السيد الحكيم (قدس سره) على الاستدلال بهذه الصحيحة – صحيحة معاوية بن عمار: «العموم غير ظاهر، كما يظهر ذلك بملاحظة النظائر، فإذا قيل: " قدموا ما كان معكم من المال " لم يكن له عموم يشمل الأموال المغصوبة، نظير ما عرفت من الاشكال في مصحح ابن سنان المتقدم في الأم.
ولأجل ذلك يتوجه الاشكال على المشهور، حيث فرقوا بين الأم وغيرها من المتكفلين بالطفل، مع أن الأدلة في البابين على نسق واحد. وهذا الاشكال زائد على الاشكال عليهم في بنائهم على الاطلاق في النص الوارد في الأم.»[2]
ومراده مما عرفت من الاشكال.... في الام ما افاده (قدس سره) في دلالة صحيحة عبدالله بن سنان المتقدم في الام، قال:
«... لكن لا إطلاق له يشمل صورة عدم ولاية الأم عليه، ولو بالاستيذان من وليه الشرعي " لأن النظر في كلامه (صلى الله عليه وآله) إلى نفي القصور من جهة الطفل، لا نفي القصور من جهة أخرى. ومقتضى حرمة التصرف بالصبي بغير إذن وليه عدم الجواز بالنسبة إلى الأم كغيرها من الأجانب.»[3]
ومثل الاخبار المذكورة في الاشكال صحيحة اسحاق بن عمار «قال: سألت ابا عبدالله عن غلمان لنا دخلوا معنا مكة بعمرة وخرجوا معنا الى عرفات بغير احرام، قال: قل لهم: يغتسلون ثم يحرمون و اذبحوا عنهم كما تذبحون عن انفسكم.»[4]
حيث انه وان لم يصرح فيها بان السائل ولي للغلمان الا انه لا يتعارف هذه المعية في غير الولي خصوصاً مع قول السائل غلمان لنا.
مع ان قوله (عليه السلام): «واذبحوا عنهم كما تذبحون عن انفسكم» انما يدل على الانتساب والتكفل دون المعية الصرفة.
هذا كله اذا كانت الرواية واردة في غير المميز من الغلمان.
نعم، ان هذه الرواية لم يصرح فيها بالاب ولا بالولي ولا من بمنزلته كالام، وان يشتمل على ما كان ظاهراً فيه كقوله: «غلمان لنا» وامثاله، وعليه فربما يحتمل اطلاقها لكل من يتكفل امر الصبي، وان لم يكن ولياً شرعياً.
وحينئذ فاذا انضم اليه ما مر من الحكي عن الشيخ حسب نقل صاحب الجواهر «واحتمال الولي فيما تضمنه المتولي لاحرامه واحتماله كابيه الجريان على الغالب والتمثيل. فربما يعطي قوة الالتزام بالتعميم.»[5]
الا ان يقال:
ان احتمال كون المتكفل الامر الصبي غير الولي الشرعي في صحيحة اسحاق بن عمار موجود جداً.
وكذا ان ما افاده الشيخ (قدس سره) من احتمال انطباق الولي على الاب ومثله ممن يتولى شرعاً من جهة كون الغالب معية الطفل مع وليه الشرعي وحمله مورد الغالب والتمثيل احتمال جاري جداً. الا ان الكلام في مقام الاستدلال باطلاق هذه الاخبار والاطلاق دليل احرازي واحتمال ذكر الاب او الولي في الاخبار من جهة ولايته لا صرف تكفله موجود ايضاً في قبال الاحتمال الجاري في كلام الشيخ وفي صحيحة اسحاق. وصرف هذا الاحتمال يوجب احتمال صارفية هذه العناوين وقابليته. ومعه لا يتم احراز الاطلاق. والا فان صرف احتمال كون المراد ما هو اعم من الولي موجودة كاحتمال ذكره من باب الغلبة، ولكن في القبال يحتمل موضوعيته فيشكل انعقاد الاطلاق.
هذا تمام ما يمكن ان يقال في مقام الاستدلال باطلاقات الادلة او اطلاق خصوص صحيحة معاوية بن عمار.
واما ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) فيما من كلامه عن لاعدم اختصاص احجاج الصبي بالولي الشرعي، بل يجوز لكل احد يحرم بالصبي ويحجه.
اذ لا دليل على حرمة التصرف بالصبي ما لم يستلزم التصرف تصرفاً مالياً
وبالجملة ان رجع التصرف بالصبي الى التصرف بالصبي التصريف في امواله فيحتاج الى اذن الولي، واما اذا لم يستلزم التصرف فيه تصرفاً في ماله فلا دليل على توقف جوازه على اذن الولي وقرر (قدس سره) في كلام صاحب الجواهر (قدس سره): والمراد بالولي هنا من له ولاية المال كالاب والجد للاب
فيمكن ان يلاحظ فيه:
ان جواز التصرف بالصبي لا دليل عليه حتى اذا لم يستلزم تصرفاً مالياً، بل تام الدليل على خلافه، فانه يتولى عند الاب والجد ومع فقدهما، فان جميع ما يرتبط به مثل استأجاره وتزويجه وسفره وامثال ذلك يلزم ان يكون يكون باجازة الحاكم الشرعي، ولايختص ذلك بالتصرف المالي.
وعليه فما مر من صاحب الجواهر من ان المراد بالولي هنا له ولاية المال، فان الولاية على المال من جملة شؤون الولاية على الصبي لاتمامها بحيث كان سائر التصرفات في مورده خارجاً عن دائرة الولاية، ولهذا البحث ذيل طويل باي في محله ان شاء الله
اما بالنسبة الى الام فقد مر من الشرايع قيل للام ولاية الاحرام بالفضل ومر كلام صاحب الجواهر في ذيله بانه اختيار الاكثر كالشيخ والمحقق نفسه في المعتبر والعلامة في كتبه والشهيد. واستدلوا بصحيحة عبدالله بن سنان وان تردد وفيه صاحب الجواهر وافاد لخبر عبدالله بن سنان او صحيحه، وانما وقع ترديده من جهة اشتمال السند على الحسن بن علي بن بنت الياس وقد مر ان الشيخ روى الخبر باسناده عن احمد بن محمد بن عيسى عنه عن عبدالله بن سنان وهو الحسن بن علي بن زياد الوشاء وهو ابن بنت الياس الصيرفي وقد مر عن النجاشي انه خير من وجوه هذه الطائفة وعين من عيونهم نعم فيه شبهة الوقف ولكنه رجع الا ان مع توبته تصير الرواية موثقة.
هذا واما الرواية عن ابي عبدالله قال سمعته يقول مر رسول الله بروثية وهو حاج فقامت اليه امرأة ومعها صبي لها فقالت يا رسول الله ايحج عن مثل هذا؟ قال نعم ولك اجره. وظاهر الخبر تجويز الرسول (ص) احجاج الصبي من ناحيتها، بل استحبابها من جهة ثبوت الاجر بقوله (ص) لك اجره ولم يسئل النبي عن الام بانك هل تاذن عن ولي هذا الصبي في المقية معك وفي سفره كما انه لم يسئل عنها بانه هو للصبي اب حي او انه مات فان التجويز في الاحجاج على نحو الاطلاق انما يفيد جواز الاحجاج للام وربما يعبر عنه بولاية الاحرام.
وعليه فلا يرد عليه ما مر من السيد الحكيم (قدس سره) من التامل في اطلاق المذكور بانه اطلاق له يشمل صورة عدم ولاية الام عليه ولو بالاستيذان، لان اطلاق الجواز يشمل صورة الاستيذان وعدمه والا يلزم سؤال النبي (ص) عن وجه تصرفها فيه وان وليه هل اجاز لها في ذلك ام لا؟
فيفترق هنا بين الام وساير المكلفين غير الولي في ذلك ولايستفاد من الرواية اكثر من جواز احرام الصبي والاحجاج به.
والحاصل ان الوجه في المسألة عدم ثبوت استحباب الاحجاج الا من الولي او من بحكمه ويلحق به الام بالدليل الخاص حسب ما عرفت ولايتم القول بالتعميم خلافاً لصاحب العروة.
نعم لايتم توجيه صاحب الجواهر في مقام الاستدلال لتجويز الاحرام وجميع لوازمه للام بقوله خصوصاً بعد التسامح في المستحب
فانه بعد عدم تمامية التسامح في المستحب، أنه ليس المورد صغرى لباب التسامح لان الاصل في المقام حرمة التصرف بالصبي وانما تخرج عنه في مورد الام في خصوص إحجاج ولدها بمقتضى الرواية الشريفة.
والمهم في هذا المقام اصل التجويز والخروج عن اصالة الحرمة دون ترتب الثواب.
[1] وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص287، الحديث 14819/3.
[2] السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص24.
[3] السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص23.
[4] وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص287، الحديث 14818/2.
[5] الشيخ محمد حسن النجفي، الجواهر الكلام، ج17، ص238. .