بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه بيست و نه
قال صاحب العروة
مسأله 2: يستحب للولي أن يحرم بالصبي الغير المميز بلا خلاف ، لجملة من الأخبار ، بل وكذا الصبية ، وإن استشكل فيها صاحب المستند ، وكذا المجنون وإن كان لا يخلو عن إشكال لعدم نص فيه بالخصوص فيستحق الثواب عليه، والمراد بالإحرام به جعله محرما ، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الإحرام ويقول : " اللهم إني أحرمت هذا الصبي " الخ ، ويأمره بالتلبية ، بمعنى أن يلقنه إياها ، وإن لم يكن قابلا يلبي عنه.
ويجنبه عن كل ما يجب على المحرم الاجتناب عنه ويأمره بكل من أفعال الحج يتمكن منه وينوب عنه ، في كل ما لا يتمكن.
ويطوف به ، ويسعى به بين الصفا والمروة ، ويقف به في عرفات ومنى.
ويأمره بالرمي وإن لم يقدر يرمي عنه ، وهكذا يأمره بصلاة الطواف ، وإن لم يقدر يصلي عنه ولا بد من أن يكون طاهرا ومتوضئا ولو بصورة الوضوء وإن لم يمكن فيتوضأ هو عنه، ويحلق رأسه ، وهكذا جميع الأعمال.[1]
الظاهر انه لا خلاف في استحباب احجاج الصبي، وقد دلت عليه جملة من الاخبار
منها:
ما رواه الصدوق (قدس سره) باسناده عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ، يطاف بهم ويرمى عنهم ، ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه.
وكان علي بن الحسين عليهما السلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح.
ورواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار مثله.
ورواه الشيخ بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن صفوان ، عن معاوية بن عمار مثله ، وزاد بعد قوله: ويطاف بهم : ويسعى بهم.[2]
اما جهة الدلالة فيها:
ان الامام (عليه السلام) قد بين كيفية حج الصبيان عمن لا يتمكن بنفسه من المناسك، وبيان ما يلزم ان ياتي به الولي في هذا المقام وبالنظر الى عدم وجوب الحج على الصبي فلا محالة يستفاد منه مطلوبية الاحجاج فيه بالنسبة الى الولي فيدل على الاستحباب.
اما جهة السند فيها:
فرواه الصدوق (قدس سره) باسناده عن معاوية بن عمار و اسناده عليه صحيح في مشيخة الفقيه.
واما معاوية بن عمار ابن ابي معاوية. قال النجاشي (قدس سره) في مورده: ثقة وكان ابوه ثقة في العامة. ووثقه العلامة ومن من اصحاب الصادق و الكاظم. ومن الطبقة الخامسة.
وقد رواه الكليني ايضاً عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن معاوية بن عمار.
وهذا الطريق ايضاً تام صحيح لتمامية وثاقة علي بن ابراهيم وابيه، وانه من الطبقة الثامنة. وان اباه من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن ابن ابي عمير، وهو اوثق اهل زمانه ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن معاوية بن عمار السابق ذكره.
فالرواية صحيحة بطريقيها من الصدوق ومن الكليني (قدس سرهما).
ما رواه (قدس سره) في الفقيه باسناده عن زرارة عن احدهما (عليهما السلام) قال:
ومنها:
ما رواه (قدس سره) في الفقيه باسناده عن زرارة عن احدهما (عليهما السلام) قال:
إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج ، فإن لم يحسن أن يلبي لبوا عنه ويطاف به ويصلى عنه.
قلت : ليس لهم ما يذبحون ، قال : يذبح عن الصغار ، ويصوم الكبار.
ويتقى عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب ، وإن قتل صيدا فعلى أبيه.
ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المثنى الحناط ، عن زرارة.
ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن يعقوب مثله.[3]
اما جهة الدلالة فيها:
فان تبيين الامام (عليه السلام) كيفية احجاج الصبي للولي وان عليه المبادرة اذا تمكن بنفسه والا فعلى وليّه الاتيان عنه في هذه الرواية كسابقها تدل على مطلوبية احجاج الصبي فضلاً عن مشروعيته.
اما جهة السند فيها.
فرواه الصدوق (قدس سره) باسناده عن زرارة، وإسناده اليه صحيح في مشيخة الفقيه.
واما زرارة فهو زرارة بن أعين. من اجلة الثقاة وقال فيه النجاشي: صادق فيما يرويه اجتمعت فيه خصال الفضل والدين. وهو من الطبقة الرابعة.
وقد رواه الكليني ايضاً في الفروع عن عدة من اصحابنا عن سهل بن زياد والعدة الذين يروون عن سهل تشتمل على محمد بن جعفر الاسدي ومحمد بن الحسن الصفار وهما ثقتان. وهو من الطبقة الثامنة.
وهم يروونه عن سهل بن زياد، وهو ثقة على الاقوى على ما مر في محله ومن الطبقة السابعة.
وهو رواه عن احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي، قال فيه الشيخ في الرجال والفهرست: ثقة جليل القدر. وهو من اصحاب الكاظم و الرضا (عليهما السلام)، ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن المثنى الحناط، لا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال. نعم، روى الكشي عن علي بن الحسن (الفضال): سلام و المثنى بن الوليد والمثنى بن عبدالسلام كلهم حنّاطون كوفيوّن لا بأس بهم.[4]
بناء على اتحاد مثنى بن عبد السلام ومثنى بن الوليد الحناط ولعله الاظهر ولكنه تتم وثاقته من جهة نقل احمد بن محمد بن ابي نصر عنه كما في المقام وفي غيره من الموارد وكذا نقل ابن ابي عمير عنه، ونقل كثير من الاعاظم كالحسن بن محبوب و يونس بن عبدالرحمن.
فالرواية صحيحة بطريقيها من الصدوق والكليني (قدس سرهما)
ومنها:
ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن الحسن بن علي عن يونس بن يعقوب عن ابيه قال:
قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد ، فمن أين يحرمون ؟ قال : ايت بهم العرج فليحرموا منها ، فإنك إذا أتيت بهم العرج وقعت في تهامة ، ثم قال : فان خفت عليهم فايت بهم الجحفة.
ورواه الكليني عن محمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب مثله.[5]
اما جهة الدلالة فيها:
فانه امر الامام (عليه السلام) باحرام الصبي بالمكان الاقرب الى مكة خوفاً عن البرد مثل العرج – الذي ليس من المواقيت – او من الجحفة، وتبيين حد الاحرام لاحجاج الصبي انما يدل على مطلوبيته واستحبابه كما مر.
اما جهة السند فيها:
فرواه الكليني عن محمد بن يحيى، وقد مر انه محمد بن يحيي العطار ابو جعفر القمي من مشايخ الكليني (قدس سره)، وثقه النجاشي والعلامة، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن الحسن بن علي وهو الحسن بن فضال التيملي. وثقة الشيخ في الرجال وقال: فطحي من أصحاب الاجماع. وقال في الفهرست: ورع ثقة في الحديث و في رواياته. وقال العلامة (قدس سره): ورع ثقة في رواية. وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن يونس بن يعقوب، ابن قيس ابوعلي الحلاب البجلي الدهني. وثقه الشيخ في الرجال، وقال النجاشي: انه كان موثقاً عند الائمة.
وقال الكشي: حدثني حمدويه عن بعض اصحابه ان يونس بن يعقوب فطحي كوفي مات بالمدينة وكفنه الرضا (عليه السلام).[6] وروى أحاديث حسنة تدل على صحة عقيدة هذا الرجل وقال العلامة بعد هذا عن الكشي، والذي اعتمد قبول روايته.[7]
وقال الكشي ايضاً: قال محمد بن مسعود جماعة الفطيحة هم فقهاء اصحابنا وعد عدة من اجلة الفقهاء والعلماء منهم يونس بن يعقوب. وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن ابيه وهو يعقوب بن قيس، لاتنصيص على وثاقته. وهو من الطبقة الخامسة ايضاً.
وهذا مع ان في الرواية إشكالاً آخر وهو ان نقل محمد بن يحيى الواقع في الطبقة الثامنة عن الحسن بن علي بن فضال الواقع في الطبقة السادسة مرسل حسب ما افاده السيد البروجردي في الرجال.
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 346-347.
[2] . الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، ص434، الحديث 2896؛ وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص287، الحديث 14819/3.
[3] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص288، الحديث 14821/5.
[4] . الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص629، الرقم623.
[5] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص289، الحديث 14823/7.
[6] . الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص682، الرقم720.
[7] . العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص297.