بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و هفت
هذا ما افاده صاحب الكفاية (قدس سره) في تقرير دليل السنة في المقام.
وأفاد الشيخ في الرسائل في هذا المقام:
«ومن السنة طوائف.
احديهما: ما دل علي حرمة القول والعمل بغير العلم.
وقد ظهر جوابها مما ذكر في الآيات».
وذكر في هذا المقام طوائف اربعة من الاخبار.
منها: غير ما ذكر اولاً مما دل علي حرمة القول والعمل بغير العلم،
ما دل علي وجوب التوقف عند الشبهة وعدم العلم.
ومنها: ما دل علي وجوب الاحتياط.
ومنها: اخبار التثليث المروية عن النبي (صلي الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) وبعض الائمة (عليهم السلام) قال:
« والثانية: ما دل على وجوب التوقف عند الشبهة وعدم العلم، وهي لا تحصى كثرة. وظاهر التوقف المطلق السكون وعدم المضي، فيكون كناية عن عدم الحركة بارتكاب الفعل، وهو محصل قوله (عليه السلام) في بعض تلك الأخبار: " الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات "»[1]
فلا يرد علي الاستدلال:
ان التوقف في الحكم الواقعي مسلّم عند كلا الفريقين، والافتاء بالحكم الظاهري منعاً او ترخيصاً مشترك كذلك، والتوقف في العمل لا معني له.
فنذكر بعض تلك الاخبار تيمناً:
منها: مقبولة عمر بن حنظله عن ابي عبدالله (عليه السلام)، وفيها بعد ذكر المرجحات «اذا كان كذلك فأرجه حتي تلقي امامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكة».
وهي ما رواه الكليني في الكافي عن محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسي عن صفوان بن يحيي عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظله، قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة في دين او ميراث فتحاكما... الي ان قال:
فإن كان كل واحد اختار رجلاً من اصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما واختلف فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم (حديثنا) فقال: الحكم ما حكم به اعدلهما و افقهما واصدقهما في الحديث واورعهما. ولا يلتفت الي ما يحكم به الآخر.
قال: فقلت: فإنهما عدلان مرضيان عند اصحابنا لا يفضل (لا يتفاضل) واحد منهما علي صاحبه؟ قال: فقال: ينظر الي ما كان من روايتهما عنّا في ذلك، الذي حكما به المجمع عليه عند اصحابك، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه....
الي ان قال: فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟
قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامّة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.
قلت: جعلت فداك ان رأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا احد الخبرين موافقاً للعامة والاخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟
فقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد.
فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً؟ قال: ينظر الي ما هم اليه اميل، حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر.
قلت: فإن وافق حكمهم الخبرين جميعاً؟
قال: اذا كان ذلك فارجئه حتي تلقي امامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.»[2]
ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسي.
ورواه الصدوق باسناده عن داود بن الحصين.
ورواه الطبرسي في الاحتجاج عن عمر بن حنظله.
وحد دلالتها: ان مع عدم حصول الجزم بالحكم وبقاء الشبهة، كما في المقام حيث انه لا يمكن الاخذ بحكم احد الحكمين فيلزم التوقف، ومعني التوقف عدم المبادرة بشيء وحيث ان مورد الاستدلال الشبهة الحكمية التحريمية، فمعني التوقف فيها عدم الارتكاب وعدم الحكم والالتزام بالترخيص والاباحة فيه ولازمه الاحتياط.
والكبري المنطبقة عليه في كلام الامام (عليه السلام) بقوله: فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، ان في ارتكاب الشبهة مظنة الهلكة اي الوقوع في العقاب، والتوقف هنا خير من الاقتحام في العقاب في صورة مطابقها للواقع.
اما جهة السند فيها:
فرواه الكليني عن محمد بن يحيي، وهو محمد بن يحيي العطار ابو جعفر القمي، من مشايخ الكليني، وثقه النجاشي والعلامة، وهو من الطبقة الثامنة.
وهو رواه عن محمد بن الحسين، وهو محمد بن الحسين بن ابي الخطاب، وثقه الشيخ في الرجال والفهرست، و وثقه النجاشي ايضاً والعلامة، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن محمد بن عيسي، والظاهر انه محمد بن عيسي بن عبيد بن يقطين، قال النجاشي فيه: ثقة عين، وضعفه الشيخ في الرجال، ووجه تضعيفه ما نقله الصدوق عن ابن الوليد: ان ما تفرد به محمد بن عيسي من كتب يونس وحديثه لا اعتمد عليه، والمراد يونس بن عبدالرحمن...
وقال العلامة: الاقوي عنده قبول روايته.[3]
وقد مر في محله عدم تمامية التضعيف وأن الاقوي وثاقته وفاقاً للنجاشي والعلامة. وهو من الطبقة السابعة.
و هو رواه عن صفوان بن يحيي، وهو اوثق اهل زمانه، ومن الطبقة السادسة.
وهو رواه عن داود بن الحصين، وهو داود بن حصين الاسدي، وثقه النجاشي، وقد صحح العلامة حديثه في المنتهى، وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن عمر بن حنظلة، وهو عمر بن حنظلة العجلي البكري الكوفي يكني ابا صخرة. وثقه الشهيد الثاني في شرح الدراية.
وروي الكليني عن علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسي عن يونس عن يزيد بن خليفة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا لا يكذب علينا،...»[4]
ويكفي في وثاقته ايضاً مضافاً اليه، نقل صفوان بن يحيي، وكثير من اعاظم الاصحاب مثل علي بن ركاب ومنصور بن حازم عنه.
فالرواية صحيحة.
[1]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2،6 ص64.
[2]. الشيخ الكليني، الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، ص68، الرقم10؛ وسائل الشيعة (آل البيت)، ج27، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، ص106، الحديث 33334/1.
[3]. العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص241-242، الرقم23.
[4]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، كتاب الصلاة، باب وقت الظهر والعصر، ص275، الرقم1.