بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و دو
هذا واما الاجماع المحتمل في كلام صاحب الجواهر فقد مر في كلام السيد الحكيم انه ربما يستفاد نفي الخلاف من كلام المعتبر بعد ما ذكر ان لاصحاب الشافعي فيه قولين. وهذا ربما يستفاد منه عدم الخلاف في المسألة عندنا.
وقد مر ما فيه:
واما ما افاده صاحب العروة في مقام الاستدلال على عدم الاشتراط بقوله: «ولانه عبادة متلقاة من الشرع مخالف للاصل فيجب الاقتصار فيه على المتيقن.»
واساس نظره (قدس سره) في هذا الوجه ان العبادة كالحج وامثاله مجعولة شرعاً واعتبارها مسبوق بالعدم، فاذا شك في اعتبار شرط او شطر فيه يلزم اعتباره اخذاً بالمتيقن. ولا تجري فيه البراءة.
وظاهر ردّه عن الاستدلال المذكور.
ان الامر وان كان كذلك الا انه يكفي في مشروعيته ورجحانه اطلاق ما تقدم من الروايات الدالة على استحبابه ورجحانه وصحته له.
ويمكن ان يقال:
اما بالنسبة الى اصل الاستدلال، ان المراد من الاصل في كلامه اصل البراءة والترخيص، وان العبادة بما انها امر اعتباري شرعي تكون مجرى الاشتغال دون البراءة، لان في كل ما شك اعتباره فيه يلزم القول فيه بالاشتغال.
ولكن مورد الصبي لما لم يكن موضوعاً للتكليف لم يكن موضوعاً لا لاصالة البراءة ولا الاشتغال، لان اساس لزوم الاخذ بالمتيقن انما يكون على اساس ان الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية، وبما ان العبادة شرعت، ولم يعلم تحققها مع عدم الاتيان بمحتمل الشرطية او الشرطية وهذا المعنى غير جار في الصبي لانه ليس مكلفاً حتى جري فيه قاعدة الاشتغال.
ولذا ربما يقال بتوسعة الاشكال في المستحبات لانتفاء مناط الاشتغال فيه، والكلام في المقام ليس في صحة فعل الصبي ولا في كونه مطابقاً للامر بل ان تمام الكلام في استحبابه بمعنى رجحانه على ما يكون في كلام المحقق العراقي.و لا مساس للرجحان المذكور بقاعدة الاشتغال.
نعم ربما يقال:
ان مع الالتزام بمشروعية عبادة الصبي فلو وقع الصبي اجيراً لعبادة فانه تجري في مورده قاعدة الاشتغال لثبوت الالزام فيه بمقتضى الاجارة فيكون مكلفاً من هذا الحيث.
كما انه ربما يقال: بان الرجحان انما يكون في العبادة التي اعتبرها الشرع ومع الشك في اعتبار شرط او شطر فيها، فانما يشك في تحقق العبادة المحرزة فيلزم الاخذ بالمتيقن تحصيلاً للرجحان المذكور. هذا واما بالنسبة الى ما اجاب به ـ صاحب العروةـ عن الوجه المذكور. فان اطلاق ما تقدم من الروايات انما تدل على الصحة والرجحان والاستحباب والمشروعية و...
بما ان ما فعله الصبي عبادة راجحة ذا ثواب له واذا شك في اعتبار شطر او شرط في العبادية المذكورة فانما يشك في رجحانه و استحبابه ومشروعيته، ومعه هل يمكن جريان اصالة الاطلاق لجعل الشطر ام لا، وقد يقال ان هذه الاخبار ليست في مقام البيان بالنسبة الى صورة الاستئذان وعدم الاستئذان بل انها كانت في مقام البيان بالنسبة الى عدم كفايته عن حجة الاسلام كما هو مضمون اكثرها او رجحانها في نفسها، واما كونها بلا اذن من ولي الصبي، فان كونها في مقام البيان بالنسبة اليه اول الكلام، ولا أقل من الشك فيه:
الشك فيه:
وقد افاد المحقق العراقي في حاشيته:
«في كون الاطلاقات الواردة في الصبي المميز لبيان مثل هذه الصورة نظر. بل الاقوى حينئذٍ الاشتراط لاصالة عدم المشروعية بدونه.»[1]
وبناءً عليه يلزم اعتبار الاذن من جهة ان الرجحان العبادي مما يشك في تحققه بلا اذن من الولي حسب ما مر تقريره.
ومعه فيقوى اعتبار الاذن وان كان ما اورده المصنف على الاعتبار من جهة اشتمال حج الصبي على تصرفات مالية، ولا يجوز الا باذن الولي، في محله.
نعم، ان المسألة خلافية ولا اجماع ولا اتفاق على اعتبار الاذن ولا نرى من اورد على اختيار صاحب العروة في المقام من عدم اعتباره من اعلام محشيه الا المحقق العراقي (قدس سره). واساس نظره الشريف على ما مر عدم تمامية الرجحان و المشروعية مع الشك بعد التشكيك في الاطلاقات الواردة في المقام.
ويمكن ان يقال:
ان العبادة راجحة ذاتاً، فانها ليست غير اظهار العبودية، والمراد من التوقيفية اعتبار طرق العبودية عند الشرع اي ان الشرع انما يقبل الطرق المعهودة والمتعارفة عنده ويعتبرها كالصلاة والحج وامثاله. وعليه فان مثل هذه الموارد كالصلاة والحج ذو رجحان ذاتاً، نعم يمنع عنها الكفر، وعدم التميز وامثاله. ففي مثل الصبي المميز، فحيث انه يُمَيِّز العبادة ويتمكن من اتيانها على الوجه المتعارف عند الشرع، فلا مانع من رجحان عبادته بذاتها.
نعم، لو اعتبر الشرع في هذا الرجحان او حسب تعبير الاكثر المشروعية البلوغ مثلاً او اذن الولي وامثاله فلابد من الالتزام به، وفي المقام بعد التشكيك في تقيد الرجحان والمشروعية فيما ورد من الشرع فلا يثبت طبعاً ما دل على اعتباره حتى مع الالتزام بعدم ورود الاطلاقات في مقام البيان من هذه الجهة حسب ما افاد المحقق العراقي.
نعم، ان قضية البلوغ ذات موضوعية في مقام التكليف الا ان ذلك كان من جهة رفع قلم التكليف من الشارع عن غير البالغ امتناناً. والا فان المميز غير البالغ لا قبح في تكليفه عقلاً ولا عقلاءً.
وهذا غير ما نحن بصدد البحث فيه فان البلوغ وخيل في كون الصبي مكلفاً لا في مشروعية ما فعله او رجحانه.
وعليه فيمكن ان يقال ان مع فرض رجحان العبادة بذاتها وعدم ورد منع في مقام الاثبات عن رجحانها في مورد المميز. فانه يقوى القول بعدم اعتبار اذن الولي في اساس المشروعية والرجحان، بل الاستحباب.
وما مر من المحقق العراقي من عدم تمامية التعبير بالاستحباب في كلمات الاصحاب حيث ان الاستحباب من الاحكام الخمسة التكليفية، واذا كان التكليف مشروطاً بالبلوغ، فلا وجه لاستحباب ما فعله غير البالغ.
فيمكن ان يلاحظ فيه:
بان التكليف غير مشروط بالبلوغ عقلاً. فلا مانع من تكليف الصبي المميز غير البالغ ولا محذور فيه عقلاً ولا عقلاءً كما مر.
وما قرره الشرع بالنسبة اليه رفع التكاليف الالزامية عنه في مقام الامتنان. وهي تنحصر في الوجوب والحرمة، واما مثل الاستحباب والكراهة اللذان لا الزام في موردهما في الفعل او الترك، فانه ليس في رفعهما امتناناً على الصبي، لان الامتنان انما يتحقق فيما كان في وضعه مشقة وكلفة على العبد، وهذا المعنى غير محقق بالنسبة الى الاستحباب والكراهة في مورد الصبي غير البالغ.
وعليه فان التعبير بالاستحباب في المقام في كلمات الفقهاء لا محذور فيه.
هذا، ولكن الاحوط في المقام رعاية نظر الولى رعاية لما اختاره كثير من الاصحاب من اعتبار اذنه في استحباب ما فعله الصبي في المقام.
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 346.