English | فارسی
شنبه 19 مهر 1393
تعداد بازدید: 525
تعداد نظرات: 0

درس خارج اصول البرائة في الشبهات التحريمية جلسه هجده

صوت درس:

بسم الله الرحمن الرحيم

جلسه هجده

هذا وأما بالنسبة الى قوله – صاحب الكفاية -:

« ولا يخفى أنه مع استقلاله بذلك، لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته، فلا يكون مجال ها هنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، كي يتوهم أنها تكون بيانا».[1]

ويقع البحث في هذا المقام في جهات ثلاثة:

الجهة الاولى: في ثبوت قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل.

الجهة الثانية: في جريانها على فرض ثبوتها في المقام، ونسبتها مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان في فرض كون المراد من الضرر فيها العقاب.

الجهة الثالثة: في جريان القاعدة في المقام مع فرض كون المراد من الضرر فيها الضرر الدنيوي.

اما الجهة الاولى:

التزم المحقق الاصفهاني بعدم ثبوتها بعنوان قاعدة عقلية:

قال (قدس سره): « ان كون قاعدة دفع الضرر قاعدة عقلية لا معنى لها الا مفاد الحكم العقلي العملي أو بناء العقلاء عملا كبنائهم على العمل بخبر الثقة وبالظاهر وأشباه ذلك.

 واما كونها حكما عقليا عمليا فحيث ان العاقلة لا بعث لها ولا زجر لها بل شانها محض التعقل كما مر تفصيله في مبحث الظن وغيره، ومنه تعرف انه لا معنى لحكم العقل الارشادي فان الارشادية في قبال المولوية من شؤون الامر، وإذ لا بعث ولا زجر ولا معنى لارشادية الحكم العقلي فلا محالة ليس معنى الحكم العقلي الا اذعان العقل بقبح الاقدام على الضرر بملاك التحسين والتقبيح العقلائيين.

 وقد مر مرارا ان الحسن والقبح العقليين في أمثال المقام كون الفعل ممدوحا عليه أو مذموما عليه عند العقلاء، ومدح الشارع ثوابه وذمه عقابه، كما مر تفصيله سابقا.

 ومن الواضح ان الاقدام على الممدوح أو المذموم ليس موردا لمدح اخر أو ذم اخر، والاقدام على الثواب أو العقاب ليس موردا لثواب اخر أو عقاب اخر، بل لا بترتب على العدل الممدوح عليه الا ذلك المدح، ولا يترتب على الظلم المذموم الا ذلك الذم، وكذا في الثواب والعقاب، فالاقدام على المقطوع العقاب فضلا عن محتمله خارج عن مورد التحسين والتقبيح العقليين.

مضافا إلى خروجه عنه لوجه اخر:

 وهو ان ملاك البناء العقلائي على مدح فاعل بعض الأفعال وذم فاعل بعضها الاخر، كون الأول ذا مصلحة عامة موجبة لانحفاظ النظام، وكون الثاني ذا مفسدة مخلة بالنظام فلذا توافقت آراء العقلاء الذين على عهدتهم حفظ النظام بايجاد موجباته واعدام موانعه على مدح فاعل ما ينحفظ به النظام وذم فاعل ما يخل به، والاقدام على العقاب اقدام على مالا يترتب الا في نشاة أخرى أجنبية عن انحفاظ النظام واختلاله.

 نعم، نفس الفعل المذموم المعاقب عليه ذا مفسدة نوعية مخلة بالنظام، واما كونها داخلة في سلك البناءات العقلائية الغير المربوطة بالتحسين والتقبيح العقليين كالبناء على العمل بالخبر أو بالظاهر مثلا.

 ففيه: ان تلك البناءات منبعثة عن حكمة نوعية في نظر العقلاء تدعوهم إلى العمل بالخبر الثقة أو الظاهر أو نحوهما، ومن البين ان الاقدام على العقاب المقطوع أو المحتمل لا يترتب عليه الا ذلك الامر المقطوع أو المحتمل لا ان هناك مصلحة مترتبة على ترك الاقدام أو مفسدة مترتبة على نفس الاقدام زيادة على الامر المقطوع أو المحتمل حتى تبعث العقلاء على البناء على دفعه ليكون امضاء الشارع لهذا البناء مقتضيا لايجاب دفعه بحيث يترتب عليه عقاب اخر على الاقدام، والا فنفس ذلك الامر المقطوع أو المحتمل غير منوط ترتبة ببناء العقلاء على دفعه.

 ومما ذكرنا تبين: ان قاعدة دفع الضرر ليست قاعدة عقلية ولا عقلائية بوجه من الوجوه، نعم، كل ذي شعور بالجبلة والطبع حيث إنه يحب نفسه يفر عما يؤذيه وهذا الفرار الجبلي أيضا ليس ملاكا لمسألة الاحتياط إذ الذي يحتاج إليه القائل بالاحتياط مجرد ترتب استحقاق العقاب لا التزام العقلاء بالفرار عنه مع فرض ثبوته في الواقع بل مجرد الوقوع في العقاب المترتب على مخالفة التكليف الواقعي كاف في مرامه هنا، فتدبر جيدا.»[2]

ويمكن ان يقال:

ان بناءً على كون الاحكام العقلية العملية ادراكات للقوة العاقلة من حيث الملائمة والمنافرة، فإن الموضوع لادراكه في المقام احتمال وجود ما يترتب عليه العقاب الاخروي حسب الفرض، من كون المراد من الضرر في القاعدة‌ العقاب.

وحيث انه صرف احتمال لا تقوم عليه حجة عقلية، فإن الاقدام عليه وعدم التحفظ على ترك الواقع بترك احتماله، فإن ادراك العقل بمعنى ادراك القوة العاقلة لمنافرته هو اول الكلام، لما مر من ان القوة العاقلة انما تدرك الحسن للتحفظ على اغراض المولى بما انه انقياد وطاعة، وكذا يدرك القبح على الاتيان بما يحصل للشخص العلم بكونه مما يترتب عليه العقاب، مع تخلفه عن الواقع بما انه تجري بالنسبة الى المولى. وأما اتيان ما يحتمل ترتب العقاب عليه، فإن ادعاء استقلال العقل بمعنى ادراك القوة العاقلة للمنافرة فيه مما لا يتم الالتزام به، لما مر من لزوم التنجيز في موضوعات للاحكام العقلية. وبالنسبة الى المقام ان الاتيان بما يحتمل ترتب العقاب عليه يلزم ان يكون عصياناً على المولى فحكم فيه بالقبح، والاتيان بالمحتمل في فرض عدم تمامية الحجة عليه لا يتصف بالقبح عند العقل حتى عند المصادفة.

ولم يتعرض شيخنا الاصفهاني الى تقرير هذا المبنى من كون الاحكام العقلية العملية ادراكات للقوة العاقلة. وإنما اكتفى بتقرير النقد حسب ما اختاره من المبنى، وأما بناءً على كون الاحكام العقلية العملية راجعة الى البناءات العقلائية.

فالأمر كذلك ايضاً، فإن الاقدام والاتيان بما يحتمل ترتب العقاب عليه، انما يكون مذموماً عندهم اذا قامت عليه الحجة العقلائية، وقد مر اكتفاء العقلاء في هذا المقام بالظن الراجح المعبر عنه بالوثوق، فما لم يصل الاحتمال الى هذه المرتبة لا يتم القول باستقرار بنائهم على الذم.

وأما ما افاده (قدس سره) من ان تلك البناءات منبعثة عن حكمة نوعية في نظر العقلاء، وإن الاقدام على العقاب المقطوع او المحتمل اقدام على ما لا يترتب الا في نشأة اخرى اجنبية عن انحفاظ النظام واختلاله.

فيمكن ان يقال فيه:ان حفظ النظام العقلائية وعدم اختلاله انما يتقوم برعاية الموازين العقلائية ورعاية الحقوق في مجامعهم، ومن هذه الموازين، الحقوق المقبولة في بنائهم بين الموالي والعبيد. ومن لا يلتزم بحقوق المولى بلا فرق عندهم بين المولى العرفي والمولى الحقيقي مذموم عندهم، فإنهم وان لا نظر عندهم بالعقاب الاخروي في مقام حفظ نظامهم، الا ان العقاب الاخروي من الامور المترتبة على العصيان كالمؤاخذة الدنيوية عندهم. والمعيار في بنائهم في هذا المقام ذم العاصي ومدح المطيع. فالموضوع للذم عندهم العصيان بالنسبة الى المولى.

هذا مع ان من لا يلتزم في رعاية المولى الحقيقي ويبادر الى محتمل العقاب كيف يمكن التزامه برعاية‌ الموالي العرفية. وأساس بناءاتهم رعاية المصالح العامة وليس الراعي لها الا الفرد المنضبط، فلو اتى بما يحتمل ترتب العقاب عليه مع اعتقاده بالمولى الحقيقي فهو عاص غير ملتزم بما يلزمه من رعاية الموازين، وفي هذا المقام لا فرق بين الموازين الشرعية والعقلائية.

وبعبارة اخرى ان النظام العقلائي انما يحافظ عليه بالفرد المسئول، وأهل الرعاية الموازين، وهذا المعنى لا ينطبق على من لا يتحفظ على ما ثبت له من اغراض مولاه.  هذا ثم ان ما يترائى من كلامه في تفكيك بناءاتهم في المقام عما عبر (قدس سره) عنها بالبناءات الغير المربوطة بالتحسين والتقبيح العقليين، كالبناء على العمل بالخبر الثقة او الظاهر، حيث يستظهر منها ان للعقلاء بناءان، ما يرتبط بالتحسين والتقبيح العقليين، وما لا يرتبط به.

فيمكن ان يقال فيه:

انه ليس عند العقلاء بناءان بل بناء واحد، وهو استقرار سيرتهم على التحفظ على نظامهم العقلائي، وليس في هذا المقام حكم منهم او بناء بالحسن او القبح، اذ الحسن هو الملائمة التي تدركها القوة العاقلة وكذا القبح هو المنافرة كذلك، وليس في بناء العقلاء الا الذم والمدح.

فلو اراد من  بنائهم على التحسين والتقبيح العقليين، ادراك قوتهم العاقلة فليس ذلك غير ما تدركه القوة العاقلة لكل احد، ولذا نقول: ان الشاهد له الوجدان، لأن كل شيء اذا رجع الى عاقلته يكشفه، ولا حاجة الى لحاظ ادراكات العقلاء فيه، ولا اثر لبنائهم في ذلك، نعم ان العقلاء انما تكون بنائاتهم منبعثة عن قوتهم العاقلة، حيث تدرك الحسن في حفظ النظام والقبح في اختلاله، ولكن ما اختاره من المبنى غير مبني على حسن العدل ذاتا او قبح العدل كذلك، وما نعبر عنه بالاستقلال العقلي، هو ادراكه بما يلائم بالقوة العاقلة من حيث ملائمته الذاتية في حكمها او ادراكها بالحسن، وكذلك الأمر بالنسبة الى القبح.

هذا مع ان ما عبر عنه بنائهم على العمل بالخبر او الظاهر، فإنه ليس لهم بناء خاص منفرد بالنسبة اليهما مستقلاً عن سائر بناءاتهم، وقد مر انه لا موضوعية لخبر الثقة او الظاهر عندهم، بل الموضوعية للوثوق، وبما ان خبر الثقة يفيده وكذا الظاهر، فإن بنائهم على العمل به وليس هذا البناء الا بالنسبة الى التعاملات العقلائية بين افراد نظامهم حفظاً لنظامهم، حيث انهم يعتبرون الوثوق في هذه التعاملات، و انما يذمون من لا يعتبره ولا يعمل على طبقه، كما ان بنائهم في حفظ نظامهم على ذم العاصي ومدح المطيع بلا فرق بين الموردين، فلا وجه للتفكيك بينهما.

ومما حققناه قد ظهر ان لزوم دفع الضرر المحتمل ليست قاعدة عقلية ولا عقلائية، وأنه كما افاده (قدس سره) امر جبلي طبعي بل غريزي غير مختص بالانسان، بل الحيوان ايضاً يفر عما يؤذيه او يحتمل ايذائه حباً لنفسه.

ولكن عدم تمامية هذه القاعدة ليس لما حققه (قدس سره) من التفريق بين الاقدام والاتيان بمحتمل المفسدة او مقطوعها، وأفاد بأنه ليس الاقدام موضوعاً مستقلاً في قبال الاتيان بالمفسدة مقطوعها او محتملها.

وذلك لأن قاعدة لزوم دفع الضرر دفع الضرر المحتمل لزوم دفعه بعدم الاتيان،  كما انه لو قلنا بلزوم الاقدام على اتيان ما يحتمل المصلحة، فإنه لا تفريق بين الاقدام والاتيان، بأن يكون الاقدام مثلاً مقدمة للاتيان حتى صار بنفسه موضوعاً مستقلاً حتى يقال انه لا يترتب عليه الإ ما يترتب على الفعل، اي ذي المقدمة، بل الموضوع لهذه القاعدة لزوم عدم الاتيان على ما يحتمل العقاب أو الضرر، والاتيان وعدمه بنفسه مصنوع للقبح أو الذم في موارده.

 ثم انه (قدس سره) صرح بأنه لا معنى لحكم العقل الارشادي، فإن الارشادية في قبال المولوية من شوؤن الامر، واذ لا بعث ولا زجر فلا معنى لارشادية الحكم العقلي، فهو تعريض لما افاده المحقق النائيني (قدس سره).

قال في أجود التقريرات: «ثم إنه ربما يدعي ان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلي في موارد احتمال الحرمة ومعه لا موضوع لحكمة بالقبح عند المخالفة ولكن فساد هذا الدعوى من الوضوح بمكان فإنه إن أريد من الضرر المحتمل الضرر الأخروي أعني به العقاب فالعقل وإن كان مستقلا بوجوب دفعه ارشاديا وغير مستتبع لحكم شرعي لما ذكرنا سابقا من أن كل حكم عقلي يقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي لا يكون إلا حكما ارشاديا غير مستتبع لحكم شرعي ولا يترتب على مخالفته الا ما يترتب على نفس المرشد إليه إلا أن حكمه بذلك فرع احتمال الضرر وهو متفرع على كون الحكم منجزا على تقدير وجوده...»[3]



[1] . الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص 343.

[2] . الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهاني،  نهاية الدراية في شرح الكفاية، ج 2، ص466-467.

[3] . السيد الخوئي، اجود التقريرات تقرير البحث السيد النائيني، ج2، ص186.

کلیه حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله علوی بروجردی می باشد. (1403)
دی ان ان