بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هشت
قال صاحب العروة:
«و لا يجب في اصل الشرع الا مرة واحدة في تمام العمر»
وهو المسمى بحجة الاسلام اي الحج الذي بني (عليه السلام) مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة
في كلام العلامة (قدس سره) في المنتهى اجماع المسلمين على ذلك.
وقال صاحب الجواهر« اجماعاً بقسميه من المسلمين فضلاً عن المؤمنين»
و زاد عليه (قدس سره) « مضافاً الى الاصل و اقتضاء اطلاق الامر في الكتاب والسنة ذلك.»[1]
وقال الشيخ (قدس سره) في رسالة الحج:
«فالواجب ابتداء من قبل الله تعالى باصل الشرع الاتيان به مرة واحدة بلا خلاف بين المسلمين كما في التهذيب[2]»[3]
وتدل عليه الاخبار الواردة في الباب.
منها:
ما رواه احمد بن محمد البرقي في المحاسن عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما كلف الله العباد إلا ما يطيقون إنما كلفهم في اليوم والليلة خمس صلوات - إلى أن قال : - وكلفهم حجة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك .[4]
ورواه الصدوق عن احمد بن الحسن القطان عن احمد بن يحيى بن زكريا عن عبدالله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن ابي معاوية عن اسماعيل بن مهران عن ابي عبدالله.[5]
وهذه الرواية صحيحة
رواها البرقي في المحاسن، وهو احمد بن محمد بن خالد البرقي، وثقه النجاشي والشيخ في الفهرست. وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواها عن علي بن الحكم الكوفي، وثقه الشيخ في الفهرست والعلامة وابن شهر آشوب من اصحاب الجواد والهادي (عليهما السلام). وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن هشام بن سالم الجواليقي، قال فيه النجاشي: «ثقة ثقة» و وثقه العلامة من اصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام). وهو من الطبقة الخامسة.
ومنها:
«ما رواه الصدوق في العلل وفي عيون الاخبار بالاسناد الاتي عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك ، لان الله وضع الفرائض على أدنى القوة [أدني القوم قوة] ، كما قال : ( فما استيسر من الهدى ) - يعني : شاة - ، ليسع القوي والضعيف ، وكذلك سائر الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة ، فكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا ، ثم رغب بعد أهل القوة بقدر طاقتهم[6].»[7]
وهذه الرواية معتبرة عندنا لتمامية اسناد الصدوق الى فضل بن شاذان و قد مر الكلام فيه مع السيد الخوئي (قدس سره) فانه لايلتزم بتماميته ولذا ذكر هذه الرواية في مقام الاستدلال في المقام وعبر عنه برواية فضل بن شاذان.
ومنها:
« ما رواه في علل الشرايع وعيون اخبار الرضا ايضاً وبالاسناد الآتي عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله قال : علة فرض الحج مرة واحدة ، لان الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم قوة ، فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحدا ، ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم [طاعتهم].[8]
وهذه الرواية صحيحة ايضاً لان اسناد الصدوق الى محمد بن سنان صحيح، وان حسنّها جمع لاشتمال الاسناد على ابراهيم بن هاشم وقد مر تمامية توثيقه وتمامية محمد بن سنان.
وفي القبال روايات دلت على وجوب الحج في كل عام.
منها: ما رواه محمد بن يعقوب محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، وعن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام، وذلك قوله عز وجل: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين) قال: قلت: فمن لم يحج منا فقد كفر ؟ قال: لا ولكن من قال: ليس هذا هكذا فقد كفر.[9]
ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن جعفر مثله
اما جهة الدلالة فيها:
فان الرواية صريحة في وجوب الحج في كل عام على اهل الجِدة والمراد ظاهراً اهل المكنة والثروة.
واستدل (عليه السلام) لوجوبه عليهم في كل عام بالآية الشريفة.
وقد مر ان الرواية صحيحة باسناد الشيخ الى علي بن جعفر وكذا باسناد الكليني بطريقيه.
[1] . الشيخ محمد حسن النجفي، الجواهر الكلام، ج17، ص220.
[2] . تهذيب الاحكام، ج5، ص16، ذيل الحديث45.
[3] . الشيخ الانصاري، كتاب الحج، ص6.
[4] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 3 من أبواب وجوب الحج، ص19، الحديث 1435/1.
[5] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج1، الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات، ص24، الحديث 27/27.
[6] . في العيون : أهل الهوة على قدر طاقتهم .
[7] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 3 من أبواب وجوب الحج، ص19، الحديث 1436/2.
[8] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 3 من أبواب وجوب الحج، ص20، الحديث 1437/3.
[9] . وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 2 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، ص16، الحديث 14128/1.