بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و دوازده
فيمكن التامل في الاستدلال به في المقام لجهتين:
الجهة الاولى: ان الراوي لهذا التوفيع هو الصدوق (قدس سره) في اكمال الدين ولكنه لايفتي بتحليل الخمس في عصر الغيبة ولايفتي غيره من اصحاب الاوائل مثل الشيخ (قدس سره) والمفيد والسيد المرتضى، بل ان من نسب اليه القول باباحة الخمس للشيعة مطلقا هو سلار الديلمي وقد مر عند البحث عن الاقول بان هذه النسبة غير صحيحة، لان الاباحة في كلامه في المراسم انما يختص بالانفال دون الخمس.
بل ان القول بالتحليل انما نريد في مثل المدارك والذخيرة والمفاتيح والوافي والحدائق وكلهم من اصحابنا المتاخيرين وليس عن هذا القول في كلمات القدماء اثر، بل ان في مصرف الخمس في عصر الغيبة ذهبوا الى مذاهب اخرى فنرى ان المفيد التزم بوجوب عزله والوصية به من ثقة الى ثقة.
ونقل المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية ذهاب جماعة من الفقهاء الى دفنه. وظاهر الشيخ نفسه دفع النصف الى الاصناف الثلاثة والتخيير في حصته بين الدفن والايداع. وذهب ابن البراج وابن ادريس وابو صلاح الحلبي الى وجوب دفع حصة الاصناف والتحفظ على حصته ( عليه السلام) الى ان يوصل اليه وهذا ما استحسنه العلامة (قدس سره) في المنتهى واختاره في المختلف.
وذهب المحقق في الشرايع بوجوب دفعه حصة الاصناف اليهم وكذا حصة (عليه السلام) تتميماً له نقله العلامة في المختلف عن جملة من علمائنا.
فلم نر الالتزام بالاباحة بين نقائها الى عصر العلامة وما نقله العلامة عن السلار في المراسم قد مر التامل فيه وعدم تمامية الاسناد اليه.
وهنا نقول:
انه لو تم هذا التوقيع مع فرض صراحته في التحليل في عصر الغيبة فلم لم يلتزم بمضمونه احد من فقهائنا الي عصر العلامة بل لايلتزم به حتى من نقله.
الجهة الثانية:
انه قد نقلت توقيعات عن الصاحب (عليه السلام) على خلاف ما ربما يستظهر من التوقيع المنقول من اسحق بن يعقوب من تحليل مطلق الخمس.
منها:
ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي إِكْمَالِ الدِّينِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّنَانِيِّ وَ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقِ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُؤَدِّبِ وَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ جَمِيعاً عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ كَانَ فِيمَا وَرَدَ عَلَيَّ [مِنَ] الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي جَوَابِ مَسَائِلِي إِلَى صَاحِبِ الدَّارِ ع وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ مَنْ يَسْتَحِلُّ- مَا فِي يَدِهِ مِنْ أَمْوَالِنَا- وَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَهُ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِنَا- فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مَلْعُونٌ وَ نَحْنُ خُصَمَاؤُهُ- فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ص الْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ- مَلْعُونٌ عَلَى لِسَانِي وَ لِسَانِ كُلِّ نَبِيٍّ مُجَابٍ- فَمَنْ ظَلَمَنَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ لَنَا- وَ كَانَتْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ الا لَعْنَةُ الله عَلَى الظالِمِينَ إِلَى أَنْ قَالَ- وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الضِّيَاعِ الَّتِي لِنَاحِيَتِنَا- هَلْ يَجُوزُ الْقِيَامُ بِعِمَارَتِهَا- وَ أَدَاءُ الْخَرَاجِ مِنْهَا- وَ صَرْفُ مَا يَفْضُلُ مِنْ دَخْلِهَا إِلَى النَّاحِيَةِ- احْتِسَاباً لِلْأَجْرِ وَ تَقَرُّباً إِلَيْكُمْ - فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ- فَكَيْفَ يَحِلُّ ذَلِكَ فِي مَالِنَا- مَنْ فَعَلَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَمْرِنَا - فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنَّا مَا حَرُمَ عَلَيْهِ- وَ مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِنَا شَيْئاً- فَإِنَّمَا يَأْكُلُ فِي بَطْنِهِ نَاراً وَ سَيَصْلَى سَعِيراً.[1]
ورواه في الاحتياج.
ومدلول هذا التوقيع مذمة من يستحل ما في يده من اموالهم والنهي عن التصرف فيها وموضوعها وان كان بظاهره الوكلاء او من يدعي الوكالة. وبعبارة اخرى من يجتمع في يده من اموالهم الا ان لازمه مراجعة الناس اليهم لدفع حقوقهم فيجمع عندهم هذه الاموال وعمدة جهة المراجعة دفع الخمس ولو تم امر الحلية عندهم لم يجتمع عند هذه الاشخاص الاموال وهو ان كان يشمل غير الخمس ايضاً الا ان العمدة فيها الخمس كما في عصر العسكري (عليه السلام) ومن قبله من الائمة (عليهم السلام).
اما جهه السند:
فان راوي التوقيع هو ابو الحسين محمد بن جعفر الاسدي. قال الشيخ الطوسي (قدس سره): «قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال: بعد قصص و مات الأسدي على ظاهر العدالة لم يتغير و لم يطعن عليه في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة.»
واما محمد بن احمد بن السناني فهو من مشايخ الصدوق.
وعلي بن احمد بن موسى الدقاق روي عنه الصدوق مترضياً عنه.
والحسين بن ابراهيم بن احمد بن المؤدب (المؤذن) روى عنه الصدوق مترضياً عنه.
ومنها: ما رواه الصدوق (قدس سره) في اكمال الدين وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْأَسَدِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَرَدَ عَلَيَّ تَوْقِيعٌ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِيِّ ابْتِدَاءً- لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ- لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ- عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ مِنْ مَالِنَا دِرْهَماً إِلَى أَنْ قَالَ- فَقُلْتُ فِي نَفْسِي إِنَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَنِ اسْتَحَلَّ مُحَرَّماً- فَأَيُّ فَضِيلَةٍ فِي ذَلِكَ لِلْحُجَّةِ- فَوَ اللَّهِ لَقَدْ نَظَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّوْقِيعِ- فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْقَلَبَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي نَفْسِي- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ- لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ- عَلَى مَنْ أَكَلَ مِنْ مَالِنَا دِرْهَماً حَرَاماً قَالَ الْخُزَاعِيُّ وَ أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَبُو عَلِيٍّ الْأَسَدِيُّ هَذَا التَّوْقِيعَ حَتَّى نَظَرْنَا فِيهِ وَ قَرَأْنَاهُ.
وَ رَوَاهُ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ مِثْلَهُ وَ كَذَا الَّذِي قَبْلَهُ.[2]
ومدلولها مذمة من اكل مالهم ولم يدفعه وهو باطلاقه يشمل الخمس ولايختص بمن يستحله بل يمكن القول بانه صريح في عدم التحليل ويعارض ما دل عليه.
واما جهة السند:
فان الراوي عن محمد بن عثمان هو ابو الحسين محمد بن جعفر الاسدي وقد مر جلالة قدره وانه من ابواب الصاحب (عليه السلام).
ومنها:
ما رواه سَعِيدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الرَّاوَنْدِيُّ فِي الْخَرَائِجِ وَ الْجَرَائِحِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْمُسْتَرِقِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْحُسَيْنِ فِي حَدِيثٍ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ ع أَنَّهُ رَآهُ وَ تَحْتَهُ ع بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ- وَ هُوَ مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَةٍ خَضْرَاءَ- يُرَى مِنْهُ سَوَادُ عَيْنَيْهِ- وَ فِي رِجْلِهِ خُفَّانِ حَمْرَاوَانِ- فَقَالَ يَا حُسَيْنُ كَمْ تَرْزَأُ عَلَى النَّاحِيَةِ- وَ لِمَ تَمْنَعُ أَصْحَابِي عَنْ خُمُسِ مَالِكَ- ثُمَّ قَالَ إِذَا مَضَيْتَ إِلَى الْمَوْضِعِ- الَّذِي تُرِيدُهُ تَدْخُلُهُ عَفْواً وَ كَسَبْتَ مَا كَسَبْتَ- تَحْمِلُ خُمُسَهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ- قَالَ فَقُلْتُ السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ- ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ أَنَّ الْعَمْرِيَّ أَتَاهُ- وَ أَخَذَ خُمُسَ مَالِهِ بَعْدَ مَا أَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ.[3]
ومن جملة ما استدل به على تحليل الخمس في الارباح.
ما رواه الشيخ وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ حُكَيْمٍ مُؤَذِّنِ بَنِي عِيسٍ( ابن عيسي) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ وَ اعْلَمُوا انما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ- فَأَنَّ لله خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ - قَالَ هِيَ وَ اللَّهِ الْإِفَادَةُ يَوْماً بِيَوْمٍ- إِلَّا أَنَّ أَبِي جَعَلَ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ فِي حِلٍّ لِيَزْكُوا.
وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ[4]
اما جهة الدلالة فان الامام (عليه السلام) بيّن مفهوم الغنيمة وانها هي الفائدة وقوله( عليه السلام) الا ان ابي... ظاهر اباحة الفائدة المذكورة لشيعتهم وتحليل الخمس فيها لفرض تزكيهم.
اما جهة السند فيها:
فانه وان تم فيها اسناد الشيخ الى ابن فضال وكذا وثاقته، الا انه لا تنصيص على وثاقة الحسن بن علي بن يوسف، وان روى عنه اعاظم الاصحاب، وكذا لا اشكال عندنا في وثاقة محمد بن سنان، وان عبد الصمد بن بشير قال فيه النجاشي: «ثقة ثقة» وكذا العلامة (قدس سره).
الا ان الحكيم مؤذن بن عيس لا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال ورواياته منحصر في نقل عبدالصمد بن بشير عنه في موارد معدودة.
[1] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب3 من ابواب الانفال، ص541، الحديث12670/7.
[2] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب3 من ابواب الانفال، ص541، الحديث12671/8.
[3] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب3 من ابواب الانفال، ص542، الحديث12672/9.
[4] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب4 من ابواب الانفال، ص546، الحديث12682/8.