بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و شش
واساس نظره في ذلك:
1 – ان الحجب متعلق بالعلم، فهو ظاهر في ان الحكم له تقرير وثبوت في الواقع فالمراد بالموصول هو الحكم الثابت المجهول.
2 – ان قوله: فهو موضوع عنهم، في مقابل الوضع عليهم ارفاقاً بالعباد وتسهيلاً عليهم، ومعه فيختص بالاحكام القابلة للوضع علي العباد الا انه وضع اله عنهم ارفاقاً لهم.
3 – ان الحكم القابل للوضع هو الحكم الفعلي الصادر المبين لبعض الناس وان خفي بعد ذلك، فانه القابل للوضع الظاهري في حال الجهل بجعل ايجاب الاحتياط.
وعليه فان للحديث بحسب هذه الخصوصيات البارة ظهور في ان المراد بالموصول: هو الحكم الفعلي القابل للوضع القابل لتعلق العلم واما غير ذلك وهو الحكم الشاني غير قابل للوضع ولايجب امتثاله ولو تعلق به العلم فرضاً.
وعليه فالحديث انما يشمل الحكم العقلي للوضع علي العباد الذي لو تعلق به العلم لتنجز عليهم.
وهذا المعني انما تشمل الاحكام التي تمنع عن ايصالها معصية من عصي الله فتدل علي البرائة.
فلا اختصاص الظهور الحديث بما لم يتعلق ارادة الله بايصاله للعباد ولو بعدم امر النبي واوليائه بابلاغه.
فلانحتاج في مقام الاستدلال به في المقام الي التمسك بالتعدي عن اطلاقه او الالتزام بعدم الفصل. نعم، يظهر من ذيل كلام المحقق العراقي (قدس سره) ما يشبه كلام السيد الاستاذ حيث قال:
«... مع امكان ) دعوى شمول الموصول فيما حجب للأحكام المبينة عن النبي ص أو الوصي ع المجهولة بسبب الأمور الخارجية وان نسبة حجب علمها إليه سبحانه كنسبة سائر الأشياء إليه تعالى نظير قوله ع ما غلب الله على العباد فهو أولى بالعذر فكان المراد من حجب الله سبحانه هو الحجب في مقام التكوين الراجع إلى عدم توفيقه سبحانه لمعرفتها مع فعليتها في الواقع كما يؤيده لفظة موضوع عنهم الظاهرة في وضع الاحكام الفعلية عند الجهل بها عن العباد بعدم ايجابه للاحتياط في ظرف الجهل خصوصا بعد ملاحظة ظهور الحجب في كون العلة للوضع هو الجهل بالواقع الملازم لكون الرفع في المرتبة المتأخرة عنه إذ حينئذ يكون المرفوع منحصرا بايجاب الاحتياط فتصلح للرد على الاخباري القائل بوجوب الاحتياط.»[1]
ويلزم ان يلاحظ ان بناء علي تمامية ظهور الحديث فيما افاده السيد الاستاذ وتعرض له المحقق العراقي ولو علي نحو الاختصار والتعبير عنه «به مع امكان...» فان هذا الظهور ربما ينافي ظهور اسناد الحجب الي الله، وحيث ان الاول اقوي فيلزم توجيه الاسناد حسب الظهور الثاني. واحسن الطرق ما افاده المحقق العراقي من ان حجب الله هو الحجب في مقام التكوين الراجع الي عدم توفيقه سبحانه لمعرفتها مع فعليتها في الواقع.
ومما استدل به للبرائة اخبار الحل
قال في الكفاية:
« ومنها: قوله ( عليه السلام ) «كل شئ لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه» الحديث، حيث دل على حلية ما لم يعلم حرمته مطلقا، ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته، وبعدم الفصل قطعا بين إباحته وعدم وجوب الاحتياط فيه وبين عدم وجوب الاحتياط في الشبهة الوجوبية، يتم المطلوب.
مع إمكان أن يقال: ترك ما احتمل وجوبه مما لم يعرف حرمته، فهو حلال، تأمل.»[2]
والرواية ما رواها الكليني (قدس سره) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة.[3]
[1]. الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير البحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص227.
[2]. الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص341.
[3]. الشيخ الكليني، الكافي، ج5، ص313، الحديث40.