بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و سه
وحاصل الدقة في الكلمات:
ان العمدة فيها جواز الاعطاء للفقير بقدر ما يغنيه .. بين التعبير الوارد في الاخبار دون الازيد منه.
وهذا الفتوى بينهم مستندة بالاخبار الواردة مثل قوله( عليه السلام) «اعطه حتى تغنيه» وامثاله
كما استدل برواية عامية عن النبي (صلي الله عليه وآله) خير الصدقة ما ابقت غنى.
واما التصريح بجواز الاعطاء بما زاد عن مؤونة السنة، فلا يكون الا في كلمات العلامة وبعض اخر مثل الشهيد في الدروس في خصوص الدفعة الواحدة. اما العلامة (قدس سره) فمع اختلاف كلماته في المواضع المختلفة وحتى ابقاء الدفع على الحاجة على ما في بعضها.
فربما يظهر منه انه (قدس سره) انما التزم بمقالة المشهور من جواز الدفع بقدر ما يغنيه الا انه فيما اذا كان الاعطاء دفعة واحدة التزم بجواز دفع ما زاد عن مؤونة السنة بوجهين:
1- ما مر من الفرق بين الدفعة والدفعات بان في الاخير اذا تحقق الغنى بدفعة يحرم اعطاء الزكاة اليه لانه اعطاء للغني واما في الدفعة الواحدة فلا مانع من جواز الاعطاء ولو بازيد من مؤونة سنته، لانه لايكون غنياً قبل الدفع ولايصير غنياً الا بعد الدفع فلا مانع من اعطائه وعبر عنه بانه اعطاء بما يصيره غنياً فلا مانع منه.وهذا الاستدلال قد تكرر في كلماته وليعلم ان نفس الاستدلال انما هو اقوى دليل على عدم جواز الدفع بالازيد عندهم لان ما ناقش به في كلماتهم انما هو في مقام تحقق الزائد بل بعده فعدم جواز اعطاء الغني كان مسلماً عنده بحسب ما يستظهر من بيانه. كما ان هذا الاستدلال ايضاً كان مذكوراً في كلمات غيره.
2 – انه استدل (قدس سره) في بعض كلماته برواية زياد بن مروان السابقة عن ابي الحسن موسى بن جعفر( عليه السلام) قال: «قال اعطه الف درهم».
ورواية اسحاق بن عمار عن ابي عبدالله: «اعطى الرجل الزكاة مائة درهم قال: نعم، قلت: مائتين قال: نعم قلت: ثلاثمائة قال: نعم قلت: اربعمائة قال: نعم قلت: خمسائة فقال: نعم حتى تغنيه.»
وقد مر منا المناقشة في كلا الوجهين خصوصاً ان قوله: «نعم حتى تغنيه» قرينة على ان المدفوع ليس باكثر من قدر مؤونة السنة على ما مر.
وعليه: فلا يحصل لنا بعد تتبع كلماتهم الجزم بتحقق اجماع او شهرة قوية على جواز دفع ما كان ازيد من موؤنة السنة.
واقوى شاهد على ذلك. ما افاده العلامة (قدس سره) في مختلفه.
« مسألة: قد بينا أنه لا يحل إعطاء الهاشميين من الزكاة في حال تمكنهم من الأخماس، فإن قصر الخمس عن كفايتهم جاز أن يأخذوا من الزكاة قدر الكفاية، وهل يجوز التجاوز عن قدر الضرورة ؟ الأشهر ذلك، وقيل: لا يحل.»
حيث انه عبر عن القول بجواز اعطاء الزيادة بانه اشهر، والمستفاد منه بانه في مقابلة المشهور بين الاصحاب فليس القول بعدم جواز الاعطاء قولا شاذاً. ثم انه لو فرض الالتزام بجواز دفع الزيادة في باب الزكاة، وما دلت على بدلية الخمس عن الزكاة لكان مقتضى القاعدة الالتزام بالجواز في مسألتنا هذه في الخمس وقد مر تاكيد الشيخ (قدس سره) على ذلك.
ولكن المشكل في المسألة في باب الخمس قيام شهرة الاصحاب على عدم الجواز بخلافها في الزكاة.
وقد مر قول صاحب الجواهر بعدم وجدان الخلاف فيها وان كان في المسألة خلاف بين الاصحاب وصرح في المناهل بان الأقوى جواز العطاء فوق الكفاية وهنا لو تمت هذه الشهرة خصوصاً بين الاقدمين من الاصحاب لكان ينجبر بها ضعف الارسال في الخبرين الذين استدل بهما للقول بعدم الجواز. ولعل التشكيك في هذه الجهة في المسألة اوجب ذهاب صاحب العروة الى اختيار القول بعدم الجواز، ولكن لا على نحو الجزم، بل حسب الاحتياط وتبعه في ذلك اكثر المحققين المحشين.
وان مر عن السيد الخوئي الالتزام بان عدم الجواز اظهر ومثله عن غيره وافاده (قدس سره) بان الظاهر ان المسالة متسالم عليها، وانه يلزم رفع اليد عن اطلاقات الادلة لو فرضنا اقتضائها للجواز وتقيدها بما افاده (قدس سره) من ان الفقير ياخذ ما يكفيه لمؤونة سنته من الخمس صار غنياً ويخرج عن موضوع مصرفه بلا فرق بين الدفعة والدفعات.
ولا يخفى ان القول بعدم الجواز هو مقتضى الاصل بعد تصور الادلة عن الاقتضاء.
قال سيدنا الاستاذ في المرتقى:
«و التحقيق: أن مقتضى الاصل هو عدم الجواز، اذ لا إطلاق في المقام يدل على اعطاء الفقير الخمس كيفما يشاء اذ ليس في النصوص في هذا المقام مطلق، فان النصوص باجمعها واردة في مقام بيان المستحق، أما كيفية الاعطاء و قدره فلا تتكفل بيانه. و عليه، فمع عدم الدليل الخاص على الجواز كما ثبت عدمه، يرجع الى الاصل و هو يقتضي عدم الجواز، لانه يشك مع دفعه اليه المقدار الزائد في براءة الذمة و الاصل عقلا هو اشتغال الذمة.»[1]
قال صاحب العروة.
مسأله 7: النصف من الخمس الذي للإمام ( عليه السلام ) أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط، فلا بد من الإيصال إليه أو الدفع إلى المستحقين بإذنه، والأحوط له الاقتصار على السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر، وأما النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه لكن الأحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد أو بإذنه، لأنه أعرف بمواقعه والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها.[2]
[1]. الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، المرتقي تقرير البحث السيد محمد الروحاني، ج1، ص291.
[2]. السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص307.