بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و يك
تتمة
لا باس بالتعرض لكلمات الاصحاب في المقام لتخميس ما ادعي من الشهرة العظيمة في القول بجواز دفع الزكاة للفقير بما هو ازيد من مؤونة سنته.
قال شيخنا المفيد في المقنعة: «وأقل ما يعطى الفقير من الزكاة المفروضة خمسة دراهم فصاعدا، لأنها أقل ما يجب في الحد الأول من الزكاة، وليس لأكثره حد مخصوص، لتفاوت الناس في كفاياتهم، وجواز إخراج غنى الفقير إليه من الزكاة.»[1]
وقال الشريف المرتضي في جمل العلم والعمل: «ويجوز أن يعطى لواحد من الفقراء القليل والكثير وروي انه لا يعطى لواحد من الزكاة المفروضة أقل من خمسة درهم وروي أن الأقل درهم واحد.»[2]
وقال في الانتصار: «وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك، ويجيزون إعطاء القليل والكثير من غير تحديد.»[3]
ويمكن حمله علي عدم لزوم الالتزام بما ورد من التحذيدات الخاصة.
وقال الشيخ الطوسي في المبسوط: «ولا يعطى فقيرا أقل مما يجب في نصاب وهو أول ما يجب في نصاب الدنانير نصف دينار وبعد ذلك عشر دنانير، ومن الدراهم ما يجب في مائتي درهم خمسة دراهم وبعد ذلك ما يجب في كل أربعين، ويجوز الزيادة على ذلك .»[4]
وقال: «إذا عجل الزكاة لمسكين قبل الحول. ثم حال الحول وقد أيسر لم يخل من أحد أمرين: إما أن يؤسر من هذا المال أو غيره فإن أيسر منه مثل أن كانت ماشية فتوالد أو مالا فاتجر به وربح وقعت الصدقة موقعها، ولا يجب استرجاعها لأنه يجوز أن يعطيه عندنا من مال الزكاة ما يغنيه به لقول أبي عبد الله عليه السلام: واعطه واغنه.»[5]
وقال الشيخ الطوسي في النهاية في مجرد الفقه والفتاوي
: «وأقل ما يعطي الفقير من الزكاة خمسة دراهم أو نصف دينار. وهو أول ما يجب في النصاب الأول. فأما ما زاد على ذلك، فلا بأس أن يعطى كل واحد ما يجب في نصاب نصاب، وهو درهم إن كان من الدراهم، أو عشر دينار إن كان من الدنانير، وليس لأكثره حد. ولا بأس أن يعطي الرجل زكاته لواحد يغنيه بذلك.»[6]
وقال ابن ادريس الحلي في السرائر:«وليس لأكثر ما يعطى الفقير حد محدود، بل إذا أعطاه دفعة واحدة، فجائز له ما أراد، ولو كان ألف قنطار.»[7]
وقال ابن زهرة الحلبي في غنية النزوع: « ويجوز أن يدفع إليه منها الكثير وإن كان فيه غناه، بدليل الإجماع المذكور.»[8]
وقال ابن حمزة الطوسي، في الوسيلة: « ويجوز أن يعطي قدر غناه.»[9]
وقال المحقق الحلي في المعتبر: « ولا حد لأكثر ما يعطى الفقير ومنع جماعة من الجمهور ذلك، واقتصروا على ما لا يبلغ حد الغنى، وهو تمسك ضعيف، لأن المنع من تسليم الزكاة إلى الغني لا يستلزم المنع من دفع ما يصير به غنيا "، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ( خير الصدقة ما أبقت غنى ).
وعن أهل البيت روايات منها رواية سعد بن غزوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( اعطه من الزكاة حتى تغنيه )، وعن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام قال: ( نعم حتى تغنيه )، وعن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام سئل كم يعطى الرجل من الزكاة ؟ قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ( إذا أعطيت فأغنه ).»[10]
وقال في المختصر النافع: «( الخامسة ) أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول، وقيل: ما يجب في الثاني، والأول أظهر، ولا حد للأكثر فخير الصدقة ما أبقت غنى.»[11]
وقال في الشرايع الاسلام: «ويجوز أن يعطي الواحد ما يغنيه دفعة»[12]
وقال شيخنا المقداد السيوري في التنقيح الرائع لمختصر الشرائع: « وأما الكثرة إذا كانت دفعة واحدة فلا حد لها لما ذكره، وهو إشارة إلى لفظ الحديث النبوي: خير الصدقة ما أبقت غنى أحد تفسيريه انها تبقي غنى على المتصدق عليه وعليه الاستدلال، والتفسير الآخر أن تبقي غنى على المتصدق لكراهة الصدقة بجميع ما يملك . ويؤيد الأول قول الباقر عليه السلام: إذا أعطيت فأغنه.»[13]
وقال الفاضل الآبي في كشف الرموز: «وقال علم الهدى في جمل العلم والعمل: يجوز أن يعطي الواحد القليل والكثير، من غير تحديد، واختاره المتأخر، وهو أشبه، وفتوى النهاية أظهر بين الأصحاب، والتحديد في الدرهم والدينار خاصة.»[14]
قال العلامة الحلي في منتهي المطلب: «ولا حد لأكثر ما يعطى فإنه يجوز أن يعطى الواحد ما يزيد على غناه دفعة واحدة ولو أعطاه ما يغنيه حرم عليه أن يعطيه الزيادة وقد مضى ذلك.»[15]
وقال في مختلف الشيعة:
« مسألة: قد بينا أنه لا يحل إعطاء الهاشميين من الزكاة في حال تمكنهم من الأخماس، فإن قصر الخمس عن كفايتهم جاز أن يأخذوا من الزكاة قدر الكفاية، وهل يجوز التجاوز عن قدر الضرورة ؟ الأشهر ذلك، وقيل: لا يحل.
لنا: إنه أبيح له الزكاة فلا يتقدر بقدر . أما المقدمة الأولى: فلأن التقدير ذلك . وأما الثانية: فلما رواه عمار بن موسى، عن الصادق - عليه السلام - أنه سئل كم يعطى الرجل من الزكاة ؟ قال: قال أبو جعفر - عليه السلام -: إذا أعطيته فأغنه. وعن زياد بن مروان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر - عليه السلام - قال: قال: اعطه ألف درهم. وعن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: أعطي الرجل الزكاة مائة درهم ؟ قال: نعم، قلت: مائتين ؟ قال: نعم، قلت: ثلاثمائة ؟ قال: نعم، قلت: أربعمائة ؟ قال: نعم، قلت: خمسمائة ؟ قال: نعم حتى تغنيه.
ولأن المقتضي للإباحة - وهو الحاجة - موجود، والمانع - وهو كونه هاشميا - لا يصلح للمانعية. وإلا لمنع من القليل فثبت الحكم. احتج المانعون بأنه يستلزم إعطاء المتمكن من الهاشميين الزكاة وهو حرام إجماعا إذ مع حصول الكفاية تحرم الزيادة لو تعقبت، وكذا إذا قارنت إذ لا فارق. والجواب: المنع من نفي الفارق كما في الفقير غير الهاشمي.»[16]
[1] . الشيخ المفيد، المقنعة، ص243- 244.
[2] . الشريف المرتضي، جمل العلم والعمل، ص 125.
[3] . الشريف المرتضي، الانتصار، ص 218.
[4] . الشيخ الطوسي، المبسوط، ج1، ص 260.
[5] . الشيخ الطوسي، المبسوط، ج1، ص 230.
[6] . الشيخ الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوي، ص 189.
[7] . ابن ادريس الحلي، السرائر، ج1، ص464.
[8] .ابن زهرة الحلبي، غنية النزوع، ص125.
[9] . ابن حمزة الطوسي، الوسيلة، ص 130.
[10]. المحقق الحلي، المعتبر، ج2، ص 590 – 591.
[11] . المحقق الحلي، المختصر النافع، ص 60.
[12] . المحقق الحلي، الشرايع الاسلام، ج 1، ص 132.
[13] . المقداد السيوري، التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، ج 1، ص 328.
[14] . الفاضل الآبي، كشف الرموز، ج 1، ص 262.
[15] . العلامة الحلي، منتهي المطلب(ط-ق)، ج1، ص530.
[16] . العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج3، ص219-221.