بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه نود و سه
وهذا ما جزم به الشيخ (قدس سره) في الرسالة. كما منع عن الدفع السيد الاصفهاني وقويّ الاشكال في جواز الدفع اليهم السيد الحكيم (قدس سره). كالشيخ الجواهري.
وقال المحقق العراقي (قدس سره): في بيان وجه الاشكال الذي ذكره صاحب العروة: فيه اشكال
«ولعل وجه الاشكال جريان مناط العلة في باب الزكاة من كونهم لازمين له في المقام، اللهم (إلا) أن يقال إن مثل هذه العلة لا يقتضي التعدي عن حكم الزكاة إلى غيره، نعم، لو أريد من الملازمة بيان أن عياله بحكم نفسه على وجه لا يصدق عليه إيتاء غيره أمكن التعدي منه إلى باب الخمس، ولكنه ليس متيقنا من الرواية، فيبقى في الخمس إطلاقات الأدلة بحالها بعد الجزم بأن مجرد وجوب النفقة لا يمنع الفقر، والمسألة غير خالية عن الاشكال، فلا يترك الاحتياط فيها.»[1]
وحاصل ما افاده المحقق العراقي ((قدس سره)) في الحاشية.
ان الموضوع لمصرف الخمس الفقر والاحتياج، وصرف تأمين النفقة من المأكل والملبس والمسكن لا يخرج هذه الافراد عن كونهم فقراء. واطلاقات باب الخمس يقتضي جواز دفعه الي المحتاجين.
واما ما ورد في الرواية من المنع عن اعطاء الزكوة الي من تجب نفقته عليه كالاب والزوجة وامثالها انما يختص بباب الزكوة ولا وجه لتعديه الي باب الخمس. وان ما دل علي البدلية لا يقتضي اشتراك الاحكام بين البابين في جميع الموارد.
الا ان يقال:
ان مقتضي الرواية ان صرف الزكوة الي هؤلاء المذكورين كصرفها لنفسه فهو في الحقيقة دفع الزكوة الي نفسه لا الي غيره والمفروض عليه دفعها الي غيره وهذه الحيثية جارية في باب الخمس ولو لم نقل باطلاق البدلية.
ولكنه يقال:
ان هذه الجهة وان كانت محتملة في الرواية الا انها ليست متيقنة ولا يدفع باحتمالها اقتضاء اطلاقات الخمس من دفعه الي المحتاجين مع فرض ان وجب النفقه لا يمنع الفقر.
ويمكن ان يكون ما افاده المحقق العراقي (قدس سره) هو الوجه لما اختاره صاحب العروة (قدس سره) من اختيار الاحتياط في المسألة حيث افاده فالاحوط عدم دفع خمسه اليهم بمعنى الانفاق عليهم محتسباً مما عليه من الخمس.
وقال السيد البروجردي (قدس سره) في الحاشية.
«أقواه جواز دفعه إلى غير الزوجة منهم على نحو التمليك دون الإطعام والإكساء ولو كان للإنفاقات التي كانت تجب عليه لولا دفعه إليهم.»[2]
ونظره في ذلك الى ان من يجب عليه دفع الخمس له الدفع الى من يجب عليه نفقته في غير الاطعام والاكساء لانهما اقل النفقة لمن يجب عليه نفقته، واما دفعه اليهم لغير الاكساء والاطعام، فلا مانع منه بحسب الادلة و لو كان مما يوجب عليه دفع المال له كالمسكن والتحصيل والسفر وامثاله.
واستثنى (قدس سره) الزوجة من ذلك لانه يجب على الزوج نفقتها بحسب شأنها بمقتضى حق الانفاق عليهما في مقام الزوجية، وهذا الشان غير جار في غيره. هذا ولكن الظاهر هو عدم امكان المساعدة لما افاده العلمان (قدس سرهما).
وذلك لانه حتى مع غمض العين عن الرواية، فانه يجب على المكلف تامين نفقة من يجب عليه نفقته كالاب، والام، والولد والزوجة، وحد هذا الوجوب رعاية شؤونهم في ذلك، هذا مع قطع النظر عن ادلة الخمس، فانه من مصارف هولاء المسكن المناسب وامكان تحصيل العلم حسب ما كان متعارفاً في عصرنا وتامين المعاش لهم حسب شؤونهم.
وفي باب الخمس انما استثني ما يصرفه في النفقة لهم بهذا المعنى وبهذا الحد عما يجب عليه الخمس من منافع اكتسابه، ولا يتعلق بما صرفه في هذا المقام الخمس، لانه مما يجب عليه صرفه لهم.وحينئذٍ لو بقيت له بعد صرف ما اكتسبه في النفقة بهذا المعنى من منافعه شيء، فانه يجب عليه تخميسه، ودفع الخمس منها الى مصارفه، ومنها الفقراء من السادة.
فاذا فرضنا جواز دفع الخمس اليهم لتامين نفقتهم، ولو لغير ماكلهم، وملبسهم مما يجب عليه دفعه، فانه لامحالة من مصرف الخمس لنفسه مع كونه غير محتاج اليه، بل هو ممن يتعلق به الخمس بان له مازاد عن مؤونته في السنة، وهذا امر واضح لا يحتاج فيه الى الاستناد بالرواية، بل الرواية وردت في بيان هذا الامر المسلم الواضح عند الناس في متعارفهم. نعم، لو فرضنا انه لم يدفع من وجب عليه الخمس مصارف نفقة عيالاته او لم يدفع ما يناسب شؤونهم في ذلك، فانه جاز صرف الخمس فيه بلا فرق بين كون الخمس ممن يجب عليه النفقه لهم او غيره، ولكنه انما يجري عند عدم دفعه و كونه ممتنعاً عن الدفع.
وعليه فلا اشكال في ورود الرواية في مقام بيان هذه الحيثية والمتقين من البدلية للخمس بالنسبة الى الزكاة الاحكام المرتبطة بالمصرف بالنسبة الى الفقراء والمساكين مع زيادة قيد السيادة في الخمس .
وعليه فلا وجه لما سلكه صاحب العروة في المقام من سلوك الاحتياط، بل الوجه جزماً عدم جواز الدفع اليهم عن الشيخ (قدس سره) ولا وجه لاستثناء المأكل والملبس من ذلك دون غيره كمامر في حاشية السيد البروجردي كما لا وجه للتفرقة بين الزوجة وغيرهما ذلك لعدم مساعدة الدليل في جميع ذلك.
[1] . آغا ضياء الدين العراقي، تعليقة على العروة الوثقى، ص213
[2]. السيد اليزدي، العروة الوثقي(المحشي)، ج4، ص307.