بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه هفتاد
ومن جملتها:
ما رواه الصدوق في الفقيه وعلل الشرايع وعيون الاخبار باسناده عن محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام):
«انه كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله : ان علة الزكاة، من أجل قوت الفقراء، وتحصين اموال الاغنياء لان الله عزوجل كلف اهل الصحة القيام بشان اهل الزمانة والبلوى كما قال الله تبارك تعالى { لتبلون في اموالكم وانفسكم} في اموالكم اخراج الزكاة وفي انفسكم توطين الانفس على الصبر، مع ما في ذلك من اداء شكر نعم الله عز وجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لاهل الضعف، والعطف على اهل المسكنة، والحث لهم على المواساة، وتقوية الفقراء، والمعونة لهم على امر الدين، وهو موعظة لاهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الاخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم واعطاهم والدعاء والتضرع والخوف من ان يصيروا مثلهم في امور كثيرة في اداء الزكاة والصدقات، وصلة الارحام، واصطناع المعروف.»[1]
واما جهة الدلالتها فيها:
ان قوله (عليه السلام) والمعؤنة لهم علي امر الدين في بيان علة الزكاة ظاهر في ان معونة الفقراء بالزكاة والصدقات انما تكون من جهة معونتهم في امر الدين وهذا ينافي دفعها للفساق منهم
وفيه:
ان ظاهر الرواية تعليل الزكاةلامور: منها المعونة على امر الدين فهي احدى مصارفها من دون انحصار المصرف فيه، فان من جملتها مصارفها الرأفة والرحمة على اهل الضعف، ومنها علىاهل المسكنة، ومنها الحث لهم على المواساة.
ومنها: تقوِية الفقراء
نعم، احد مصارفها المعونة للفقراء على امر الدين ولكنه اعم من اعتبار العدالة في دفعها اليهم، لان سد باب حاجة ارباب الحاجة من اسباب اعانتهم في تقوية ايمانهم وهذا يشمل ما اذا دفعها للفاسق رجاء تعرره في سبيل الايمان. فهو عبارة اخرى عن كلام مولنا اميرالمومنين كاد الفقر لان يكون كفراً فانه يدل على ثبوت النسبة بين الفقر والكفر او سوء الاعتقاد، وازالة الفقر تكون معونة طبعاً لسد باب الكفر وتقوية الايمان وهذا المعنى لايساعد اعتبار العدالة بوجه، خصوصاً مع اقترانها بغيرها من مصارف الزكاة مما تذكر فيه هذه الجهة.
اما جهه السند:
فرواه الصدوق (قدس سره) باسناده عن محمد بن سنان. وهذا الاسناد صحيح، لان غاية ما قيل فيه كون الطريق حسناً لاشتماله على ابراهيم بن هاشم وهو من مشايخ الثقاة على مامر تحقيقه، فلا كلام في صحة الاسناد.
اما محمد بن سنان: قال فيه ابن الغضائري انه ضعيف، غال، يضع (الحديث) لا يلتفت إليه[2]. وزاد بعده العلامة في الخلاصة والوجه عندي التوقف فيما يرويه[3].
وافاد (قدس سره) بعد ذلك: فان الفضل بن شاذان (رحمه الله تعالى) في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين ابن سنان.
والعمدة في تضعيف الرجل في الكلمات غير هذا.
انه نقل الكشي انه قال ابوالحسن علي بن محمد بن قتيبة قال: قال ابومحمد الفضل بن شاذان لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان[4].
ونقل في الخلاصة انه «ورفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان، فقال: ان شئتم ان تكتبوا ذلك فافعلوا، فاني كتبت عن محمد بن سنان، ولكني لا أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته : كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية، وانما وجدته.»[5] ولعل هذه الجهات هي الموجب لما افاده النجاشي: «وهو رجل ضعيف جدا لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به ...»[6]
ولكنه يدفعه:
1 – انه ما افاد الكشي بعد ذكر بعض هذه المطالب: «قد روى عنه الفضل، وأبوه، ويونس، ومحمد بن عيسى العبيدي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان، وابنا دندان، وأيوب بن نوح وغيرهم ، من العدول والثقات من أهل العلم»[7]
ويضاف لما ذكره صفوان بن يحيى كثيراً عنه واحمد بن محمد خالد البرقي، وابوه محمد بن خالد، والحسن بن محبوب، وعباس بن معروف، ويعقوب بن يزيد، ويونس بن عبدالرحمن كثيراً وغيرهم.
قال المحقق الاردبيلي في رجاله: «أقول: لا يخفى ان رواية جمع كثير من العدول والثقات عنه على ما ذكرنا تدل على حسن حاله وقبول روايته و ما نقل الاسترآبادي رحمه الله تعالى في رجاله عن الخلاصة انه قال قبل موته: كلما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وانما وجدته. لو كان واقعا كيف لم يطلع هؤلاء العدول والثقات عليه ورووا عنه والله أعلم.»[8]
ولكنه يدفعه:
1 – انه ما افاد الكشي بعد ذكر بعض هذه المطالب:
«قد روى عنه الفضل، وأبوه، ويونس، ومحمد بن عيسى العبيدي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان، وابنا دندان، وأيوب بن نوح وغيرهم ، من العدول والثقات من أهل العلم»[1]
ويضاف لما ذكره صفوان بن يحيى كثيراً عنه واحمد بن محمد خالد البرقي، وابوه محمد بن خالد، والحسن بن محبوب، وعباس بن معروف، ويعقوب بن يزيد، ويونس بن عبدالرحمن كثيراً وغيرهم.
قال المحقق الاردبيلي في رجاله:
«أقول:
لا يخفى ان رواية جمع كثير من العدول والثقات عنه على ما ذكرنا تدل على حسن حاله وقبول روايته و ما نقل الاسترآبادي رحمه الله تعالى في رجاله عن الخلاصة انه قال قبل موته:
كلما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وانما وجدته. لو كان واقعا كيف لم يطلع هؤلاء العدول والثقات عليه ورووا عنه والله أعلم.»[2]
2 - ما افاده العلامة في الخلاصة من انه قال الشيخ المفيد انه ثقة.
3 - نقل النجاشي عن الشيخ ابي عمرو الكشي في رجاله:
«وذكر أيضا أنه وجد بخط أبي عبد الله الشاذاني أنى سمعت العاصمي يقول: إن عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال:
كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمد بن سنان فقال صفوان:
إن هذا ابن سنان لقد هم أن يطير غير مرة فقصصناه حتى ثبت معنا»[3]
قال النجاشي (قدس سره) بعد ذلك:
«وهذا يدل على اضطراب كان وزال»
وهذا المعنى والنص لو تم فانما يدل على ان في الرجل ما يرونه الارتفاع بقرينة قوله:
(لقد هم أن يطير) ولكن مثل الصفوان سعى في تحفظه واعتداله.
ومنه يعلم ان وجه القول بالضعف فيه في الكلمات يلزم ان يكون الغلو عندهم كما مر في كلام ابن الغضائري وانه هو المستند لما افاده النجاشي من ضعفه.
ويؤيده ما استند به من النقل عن ابن شاذان «لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان» ونعلم انه نقل عنه كونه من الكذابين مع عدد اخرى من الرواة.
وقد مر ما فيه مع انه في بعض الكلمات صرف ابن سنان عن نقل الفضل وقد مر.
فما قيل في ضعفه غير مفيد في اثبات ضعفه في النقل والحديث، نعم ان قضية دفتر ابن نوح (ايوب بن نوح) ودفعه الى حمدويه ...، وان دل على الضعف في النقل من جهة استناد رواياته الى الوجادة الا انه مر تنافيه مع نقل كثير من العدول والاجلاء عنه، مضافاً الى انه اجتهاد من ايوب بن نوح بالنسبة الى الرجل ولا يفيد اكثر من ذلك.
هذا بعض ما استدل به من الروايات في الكلمات.
وقد عرفت عدم دلالتها على اعتبار العدالة.
ثم ان في بعض الروايات ما يظهر منها عدم اعتبار العدالة في مستحق الزكاة.
نظير:
ما رواه الصدوق (محمد بن علي بن الحسين) في (العلل) عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، ومحمد بن يحيى جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن بشر بن بشار قال:
قلت للرجل - يعني: أبا الحسن (عليه السلام) -: ما حد المؤمن الذي يعطى من الزكاة؟ قال: يعطى المؤمن ثلاثة آلاف، ثم قال: أو عشرة آلاف، ويعطى الفاجر بقدر، لأن المؤمن ينفقها في طاعة الله والفاجر في معصية الله.[4]
اما جهة الدلالة فيها:
فانه اجاز الامام (عليه السلام) دفع الزكاة الى الفاجر وان قيد ما دفع اليه ان يكون بقدر خاصية، وما يكفي لمعيشته لا اكثر من ذلك لئلا يصرف مازاد عن معيشته في طريق معصية الله.
اما جهة السند:
رواه الصدوق عن شيخه محمد بن الوليد وهو من اعلام الاصحاب ومن الطبقة التاسعة.
وهو رواه عن احمد بن ادريس ومحمد بن يحيى جميعاً.
اما احمد بن ادريس فهو ابو علي الاشعري، وثقه النجاشي. وكذا الشيخ في الفهرست والعلامة في الخلاصة.
ومحمد بن يحيى هو ابوجعفر العطار القمي، وثقه النجاشي والعلامة وهما من الطبقةالثامنة.
وهما روياها عن محمد بن احمد بن يحيى الاشعري القمي، قال النجاشي فيه:
ثقة في الحديث.
قال (قدس سره) في رجاله:
«محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمي أبو جعفر، كان ثقة في الحديث. إلا أن أصحابنا قالوا :
كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولا يبالي عمن أخذ وما عليه في نفسه مطعن في شئ...»[5]
وقال فيه الشيخ (قدس سره) جليل القدر كثير الرواية.
وقد نقل النجاشي ايضاً:
«وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثنى من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن موسى الهمداني، أو ما رواه عن رجل، أو يقول بعض أصحابنا، أو عن محمد بن يحيى المعاذي ... وذكر جماعة من الرواة»
وليس بينها ما رواه عن علي بن محمد المذكور في هذه الرواية مع انها ما رواها الحسين بن الوليد نفسه. وبالجملة ان الرجل ثقة في حديثه، وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن علي بن محمد.
وهو علي بن محمد بن شيرة القاشاني.
قال النجاشي فيه:
«علي بن محمد بن شيرة القاساني (القاشاني) أبو الحسن كان فقيها، مكثرا من الحديث، فاضلا، غمز عليه أحمد بن محمد بن عيسى، وذكر أنه سمع منه مذاهب منكرة وليس في كتبه ما يدل على ذلك.»[6]
وقال العلامة في الخلاصة:
«علي بن محمد القاشاني، أصبهاني، من ولد زياد مولى عبد الله ابن عباس، من آل خالد بن الأزهر، ضعيف. قال الشيخ: ومن أصحاب أبي جعفر الثاني الجواد (عليه السلام)، ثم قال: علي ابن شيرة- بالشين المكسورة، والياء الساكنة المنقطة تحتها نقطتين، والراء- ثقة، من أصحاب الجواد (عليه السلام). والذي يظهر لنا انهما واحد، لان النجاشي قال: علي بن محمد بن شيرة القاشاني ...»[7]
وقال المحقق الاردبيلي في جامع الرواة بعد نقل كلامه العلامة:
«لم أجد قول الشيخ الا في رجال الهادي (عليه السلام) هكذا على بن شيره ثقة على بن محمد القاشاني ضعيف أصفهاني من ولد زياد مولى عبد الله بن عباس من آل خالد بن الأزهر.»[8]
والتزم السيد البروجردي في الطبقات باتحاد الرجلين.
وهو وان اختلفت فيه كلمات الشيخ (قدس سره) الا ان تعبير النجاشي بانه من الفقهاء وتصريحه بانه ليس في كتبه ما يدل على ذلك في قبال تشكيك احمد بن محمد بن عيسى فيه يدل على اعتباره.
مع انه روى عنه مثل محمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن علي بن محبوب.
وقال السيد البروجردي فيه وكأنه من الطبقة السابعة. وهو في محله.
وهو نقله عن بعض اصحابنا عن بشر بن بشار، وهو بشر بن بشار النيشابوري وهو عم ابي عبدالله الشاذاني من اصحاب الهادي (عليه السلام).
ولعله هو بشير بن بشار كما افاده السيد البروجردي بقرينة رواية داود الصرمي عن بشير بن بشار في التهذيب والاستبصار.
ولا تنصيص على وثاقته في كتب الحديث. وقال السيد البروجردي في طبقته لعله من الطبقة السادسة او السابعة.
واعتبار هذا الحديث لو فرض انما كان من جهته نقل الصدوق وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد كما يقوي هذا الاعتبار من جهة نقل احمد بن ادريس ومحمد بن يحيى معاً.
وليس اعتباره اكثر من ذلك عنه من يراه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] . الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص796، الرقم979.
[2] . محمد بن علي الأردبيلي، جامع الرواة، ج2، ص128.
[3]. النجاشي، رجال النجاشي، ص328، الرقم888؛ و الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص796، الرقم980.
[4] . وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب 17 من أبواب المستحقين للزكاة، ص249، الحديث11947/2.
[5]. النجاشي، رجال النجاشي، ص348، الرقم939.
[6] . النجاشي، رجال النجاشي، ص255، الرقم669.
[7] . العلامة الحلي، الخلاصة الاقوال، ص363، الرقم 6.
[8] . محمد بن علي الأردبيلي، جامع الرواة، ج1، ص599.
[1] . الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، كتاب الزكاة، ص8، الحديث1580؛ و علل الشرايع، ج2، الباب91، ص369، الحديث3؛ و عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، ج1، ص96.
[2] . أحمد بن الحسين الغضائري، الرجال ابن الغضائري، ص92، الرقم 130- 15.
[3] . العلامة الحلي، الخلاصة الاقوال، ص394، الرقم 17.
[4] . الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص796، الرقم979.
[5] . العلامة الحلي، الخلاصة الاقوال، ص394، الرقم 17.
[6] . النجاشي، رجال النجاشي، ص328، الرقم888.
[7] . الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص796، الرقم979.
[8] . محمد بن علي الأردبيلي، جامع الرواة، ج2، ص128.