بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و هفت
وترفع به شبهة عدم شمول الحديث للشبهات الموضوعية والشبهات الحكمية. ولا تدفعه وحدة السياق في الفقرات كما سياتي البحث عنه.
ومنها: ان المرفوع في فقرات الحديث المؤاخذة.
قال الشيخ (قدس سره) في تقريب الاستدلال بالحديث:
«فإن حرمة شرب التتن مثلاً مما لا يعلمون فهو مرفوعة عنهم، ومعنى رفعها، كرفع الخطأ والنسيان، رفع آثارها او خصوص المؤاخذة.
ثم افاد في مقام بيان ان الظاهر من الموصول فيما لا يعلمون بقرينة اخواتها هو الموضوع اعني فعل المكلف الغير المعلوم...:
فلا يشمل الحكم الغير المعلوم. مع أن تقدير المؤاخذة في الرواية لا يلائم عموم الموصول للموضوع والحكم، لأن المقدر المؤاخذة على نفس هذه المذكورات، ولا معنى للمؤاخذة على نفس الحرمة المجهولة.
نعم، هي من آثارها، فلو جعل المقدر في كل من هذه التسعة ما هو المناسب من أثره، أمكن أن يقال: إن أثر حرمة شرب التتن -مثلا- المؤاخذة على فعله، فهي مرفوعة.
لكن الظاهر - بناء على تقدير المؤاخذة - نسبة المؤاخذة إلى نفس المذكورات.»
ثم افاد:
«والحاصل ان المقدر في الرواية باعتبار دلالة الاقتضاء، يحتمل ان يكون جميع الاثار في كل واحد من التسعة، وهو الاقرب اعتباراً الى المعنى الحقيقي، وأن يكون في كل منهما ما هو الاثر الظاهر فيه، وأن يقدر المؤاخذة في الكل، وهذا اقرب عرفاً من الاول وأظهر من الثاني ايضاً؛ لأن الظاهر ان نسبة رفع الى مجموع التسعة على نسق واحد، فإذا اريد من الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه، وما اضطروا، المؤاخذة على انفسها، كان الظاهر فيما لا يعلمون ذلك ايضاً .»[1]
وأفاد صاحب الكفاية (قدس سره):
«... فالالزام المجهول مما لا يعلمون، فهو مرفوع فعلا وإن كان ثابتا واقعا، فلا مؤاخذة عليه قطعا.
لا يقال: ليست المؤاخذة من الآثار الشرعية، كي ترتفع بارتفاع التكليف المجهول ظاهرا، فلا دلالة له على ارتفاعها.
فإنه يقال: إنها وإن لم تكن بنفسها أثرا شرعيا، إلا أنها مما يترتب عليه بتوسيط ما هو أثره وباقتضائه، من إيجاب الاحتياط شرعا، فالدليل على رفعه دليل على عدم إيجابه المستتبع لعدم استحقاقه العقوبة على مخالفته.»[2]
وزاد في تتميم الجواب في حاشية منه ذيل تقرير الاشكال: فلا دلالة على ارتفاعها.
«مع ان ارتفاعها وعدم استحقاقها بمخالفة التكليف المجهول هو المهم في المقام.»
والتحقيق في الجواب ان يقال:
«مضافاً الى ما قلناه، ان الاستحقاق وإن كان اثراً عقلياً، الا ان عدم الاستحقاق عقلاً مترتب على عدم التكليف شرعاً ولو ظاهراً. تأمل تعرف».
ثم افاد (قدس سره): «لا يقال: لا يكاد يكون إيجابه مستتبعا لاستحقاقها على مخالفة التكليف المجهول، بل على مخالفة نفسه، كما هو قضية إيجاب غيره.
فإنه يقال: هذا إذا لم يكن إيجابه طريقيا، وإلا فهو موجب لاستحقاق العقوبة على المجهول، كما هو الحال في غيره من الايجاب والتحريم الطريقيين، ضرورة أنه كما يصح أن يحتج بهما صح أن يحتج به، ويقال لم أقدمت مع إيجابه؟ ويخرج به عن العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان، كما يخرج بهما.
وقد انقدح بذلك، أن رفع التكليف المجهول كان منة على الأمة، حيث كان له تعالى وضعه بما هو قضيته من إيجاب الاحتياط، فرفعه، فافهم .
ثم لا يخفى عدم الحاجة إلى تقدير المؤاخذة ولا غيرها من الآثار الشرعية في (ما لا يعلمون)، فإن ما لا يعلم من التكليف مطلقا كان في الشبهة الحكمية أو الموضوعية بنفسه قابل للرفع والوضع شرعا، وإن كان في غيره لا بد من تقدير الآثار أو المجاز في إسناد الرفع إليه، فإنه ليس ما اضطروا وما استكرهوا . . . إلى آخر التسعة بمرفوع حقيقة.
نعم لو كان المراد من الموصول في (ما لا يعلمون) ما اشتبه حاله ولم يعلم عنوانه، لكان أحد الامرين مما لا بد منه أيضا.
ثم لا وجه لتقدير خصوص المؤاخذة بعد وضوح أن المقدر في غير واحد غيرها، فلا محيص عن أن يكون المقدر هو الأثر الظاهر في كل منها، أو تمام آثارها التي تقتضي المنة رفعها، كما أن ما يكون بلحاظه الاسناد إليها مجازا، هو هذا.
[1] . فرائد الاصول، ج2، ص28-29.
[2] . كفاية الاصول، ص339.