بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و هفت
اما الكلام في كتاب سليم بن قيس
قال النعماني في كتاب الغيبة، في باب ما روي ان الائمة اثني عشر اماماً.
«ان كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيت ( عليهم السلام ) وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعول عليها، وإنما أوردنا بعض ما اشتمل عليه الكتاب وغيره من وصف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الاثني عشر ودلالته عليهم وتكريره ذكر عدتهم، وقوله: إن الأئمة من ولد الحسين تسعة تاسعهم قائمهم»[1]
والشيخ النعماني هو الذي روي السيد المرتضي الرسالة المعروفة بالمحكم والمتشابه عن تفسيره بسنده عن ابن عقدة الى النعماني عن امير المؤمنين، وكان السيد من الطبقة الاثني عشر وابن عقدة من الطبقة التاسعة معاصراً الكليني .
والنعماني هو محمد بن ابراهيم بن جعفر ابو عبدالله الكاتب النعماني المعروف بابن ابي زينب
قال النجاشي: « محمد بن إبراهيم بن جعفر أبو عبد الله الكاتب النعماني المعروف بابن زينب شيخ من أصحابنا عظيم القدر شريف المنزلة صحيح العقيدة كثير الحديث قدم بغداد وخرج إلى الشام ومات بها له كتب منها كتاب الغيبة رأيت أبا الحسين محمد بن علي الشجاعي الكاتب يقرء عليه لأنه كان قرئه عليه. له كتب روى عنه أبو الحسين محمد بن علي الشجاعي ...»وقال الشيخ الحر في تذكرة التبحرين:
وهذا من تلامذة محمد بن يعقوب الكليني ومن مؤلفاته تفسير القران رأيت منه، وكتاب الغيبة وهو حسن جامع. وعليه كانت طبقته العاشرة.
ومنه قد ظهر التأمل فيما افاده السيد البروجردي(قدس سره) في زبدة المقال ـ على ما حكي عنه.
ووجه التأمل ان ابن عقدة وهو احمد بن محمد بن سعيد الهمداني الكوفي المعروف بابن عقدة من مشايخ الكليني (قدس سره) وروى عنه تارة بلا واسطة وتارة بواسطة علي بن ابراهيم في موارد كثيرة، وهو روى عن محمد بن يحيى واحمد بن محمد وابراهيم بن هاشم فيلزم كونه من الطبقة الثامنة، فكيف يمكن نقله عن النعماني. ولعل السهو في العبارة. وقد مر من النجاشي: سليم بن قيس الهلالي له كتاب وذكر (قدس سره) طريقه الى الكتاب المزبور وقال (قدس سره) في ترجمة هبة الله بن احمد بن محمد الكاتب:
«وكان يتعاطى الكلام ويحضر مجلس أبى الحسين بن الشبيه العلوي الزيدي المذهب فعمل له كتابا وذكر ان الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي»[2]
ومر في كلام الشيخ (قدس سره) سليم بن قيس الهلالي يكنى ابا صادق له كتاب اخبرنا به ابن ابي جيد وذكر طريقه الى الكتاب المزبور.
كما مر ايضاً في كلام الكشي (قدس سره) حدثني محمد بن الحسن البراثي ... . عن ابان بن ابي عياش قال هذا نسخة كتاب سليم بن قيس العامري. وقال ابن شهر آشوب في معالم العلماء: سليم بن قيس الهلالي صاحب الاحاديث له كتاب
وقال العلامة (قدس سره) في الخلاصة القسم الاول من الباب الثامن من فصل السين
« وقال السيد علي بن أحمد العقيقي: كان سليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طلبه الحجاج ليقتله، فهرب وآوى إلى أبان بن أبي عياش، فلما حضرته الوفاة قال لأبان: ان لك علي حقا وقد حضرني الموت يا بن أخي انه كان من الامر بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كيت وكيت، وأعطاه كتابا، فلم يرو عن سليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان بن أبي عياش، وذكر ابان في حديثه، قال: كان شيخا متعبدا له نور يعلوه .»[3]
وهذا ما ذكره السيد علي بن احمد العقيقي، وكان هو عمدة المستند وحصر الرواية عن سليم بابان بن ابي عياش. وقال العلامة (قدس سره) نفسه في كتاب الخلاصة علي بن احمد العقيقي العلوي قال ابن عيدون في احاديث العقيقي مناكير. روى عنه ابن اخي طاهر ... .
نقله عن الشيخ في الفهرست ولم يزده شيئاً وقال (قدس سره) في الخلاصة ايضاً ان ابن اخي طاهر هو «الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب المعروف بابن ابي طاهر روى عن جده يحيى بن الحسن وغيره. روى عن المجاهيل احاديث منكرة رأيت اصحابنا يضعّفونه. هذا ما ذكره العلامة (قدس سره) فيه واكتفى في ذلك بعبارة النجاشي اي نفس العبارة وزاد عليه: وقال ابن الغضائري انه كان كذاباً يضع الحديث مجاهرة ويدعي رجالاً غرباء لا يعرفون.
وقال الشيخ الحر العاملي (قدس سره) في الخاتمة من الوسائل في الفائدة التي ذكر فيها مصادر كتابه الوسائل: «الفائدة الرابعة: في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب، وشهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم، وقامت القرائن على ثبوتها، وتواترت عن مؤلفيها، أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شك ولا ريب، كوجودها بخطوط أكابر العلماء . وتكرر ذكرها في مصنفاتهم . وشهادتهم بنسبتها . وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة . أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة . وغير ذلك .
وهي: كتاب الكافي: تأليف الشيخ الجليل ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه . كتاب سليم بن قيس، الهلالي .»[4]
وقال المحقق الخوانساري في روضات الجنات: « الشيخ ابو صادق سليم بن قيس سليم بن قيس الهلالى العامرى الكوفى صاحب أمير المؤمنين عليه السّلام،و مصنّف كتاب الحديث المشهور الّذى ينقل عنهفى«البحار»و غيره اسمه الشّريف بصيغة التّصغير كما عن«خلاصة العلاّمة»و غيره،و قد كان من قدماء علماء أهل البيت عليهم السلام،و كبراء أصحابهم المتعشّقين إليهم،و قد استفيد من كتاب«رجال الشّيخ»انّه أدرك خمسة من الائمّة المعصومين عليهم السلام،هم أمير المؤمنين،و الحسنان،و زين العابدين،و الباقر،عليهم السلام. و قال بعض المحدّثين بنقل من نقل عن مولانا الصّالح الطّبرسى انّه صاحبأمير المؤمنين عليه السّلام و من خواصّه،و له الرّواية عن مولانا الصّادق عليه السّلام أيضا،و هومن الأولياء،و الحقّ فيه وفاقا للعلاّمة و غيره من وجوه الأصحاب تعديله.
أقول: و سوفيظهر لك من التّضاعيف أضعاف ما يكون فيه الكفاية لاجل التّعديل.كيف لا؟ و منالظّاهر أنّ الرّجل قد كان عند الأئمّة بمنزلة الأركان الأربعة،و محبوبا لدى حضراتهمفى الغاية و حسب الدّلالة على رفعة مكانته عندهم،و غاية جلالته عند الشّيعة انّه لمينقل إلى الآن رواية فى مذمّته،كما روى فى مدحه و جلالته، و لا وجد بيننا ناصّعلى جهالته،فضلا عن خلاف عدالته،و قد نصّ على عدالته أيضا ما يزيد على عدلينمن كبراء أصحابنا لتسكين أفئدة من يرى التّعبّد بهما فى حقّ الرّجال،مع انّ ذلكخلاف التّحقيق،بل المدار فى علم الرّجال على الظّنون الإجتهاديّة،كما يشهد بهتتبّع المنصف أيضا فى كلمات من تتعبّد الطّلبة بتوثيقهم فى هذا الزّمان بخيال انّهماستكشفوا عن حقيقة أحوال الرّجال بغير هذا الطّريق... و لنعم ما قيل اثر تفصيلكلام طويل من هذا القبيل، و بالجملة لا وجه للتّوقّف فى تعديله لظهور علوّه منرواياته المذكورة عنه فى«الكافى»و غيره و يعلم منازل الرّجال من رواياتهم و يعلممنها أنّه كان من خاصّة أمير المؤمنين عليه السّلام بل و لذلك قال فى«ين»صاحب أمير- المؤمنين عليه السّلام إشعارا بخصوصيّة له به عليه السّلام، و كان شيخا متعبّدا و له نور و أنّه منأولياء أمير المؤمنين عليه السّلام و كان متصلّبا فى دينه.و لم يرجع إلى أعداء أمير المؤمنين(ع)حتّى انّ الحجّاج طلبه ليقتله، و تضعيف المخالفين إيّاه شاهد على تصلّبه فى دينه وعلوّ قدره،و فى الكشىّ ما يدلّ على صدقه و جلالته و صحّة كتابه-حشرنا اللّه معأوليائه-و امّا كتابه المشار إليه فهو أوّل ما صنّف و دوّن فى الإسلام،و جمع فيهالأخبار كما بالبال،و عندنا منه نسخة عتيقة تنيف على أربعة آلاف بيت، و فيه منالنّوادر المستطرفة جمّ غفير...»[5]
وقال العلامة المحدث الميرزا حسين النوري في خاتمة مستدرك الوسائل. «...قلت: كتابه من الاصول.......»
وقال المحدث القمي في الكني والالقاب: «الهلالي: قد اشتهر بهذه النسبة الشيخ الأقدم سليم بن قيس الهلالي، عدمن أصحاب علي والحسن والحسين والسجاد عليهم السلام . له كتاب معروف، وهو أصل من الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت عليهم السلام، وهو أول كتاب ظهر للشيعة معروف بين المحدثين اعتمد عليه الشيخ الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء رضوان الله عليهم.»[6]
[1] محمد بن ابراهيم النعماني، كتاب الغيبة، ص103-104
[2] النجاشي، رجال النجاشي، ص440، الرقم1185.
[3] العلامة الحلي، خلاصة الاقوال، ص162.
[4] الشيخ الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، ج30، ص151-157.
[5] روضات الجنات فی احوال العلماء و السادات، ج 4، ص 65-73.
[6] الشيخ عباس القمي، الكني والالقاب، ج3ص293